تركيا: سنواصل الوقوف إلى جانب الشعب

جاء يوم جمعة «الصبر والثبات» السورية، أمس، مشابهاً لما سبقه من أيام جمعة، مع وقوع عدد جديد من القتلى والجرحى، بالتزامن مع موقف تركي جديد يندرج في خانة تأكيد الطلاق بين القيادتين التركية والسورية
جاءت تظاهرات «جمعة الصبر والثبات» متفاوتة الزخم بحسب المدن السورية، مع وقوع عدد جديد من القتلى المدنيين، بحسب مصادر المعارضة، ومن رجال الأمن وفق معلومات وسائل إعلام النظام. وبالتزامن مع ذلك، اتسعت دائرة المتضامنين مع رسام الكاريكاتور علي فرزات، لتصل بيانات الإدانة إلى عواصم صنع القرار، مع إطلاق أنقرة موقفاً جديداً من الأزمة السورية «منحازاً إلى الشعب».
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأنّ خمسة أشخص قتلوا وأُصيب ثمانية آخرون بجروح في دير الزور ودرعا. وشرح أنّ «شهيدين سقطا إثر إطلاق مجموعة من الشبيحة الرصاص على متظاهرين خرجوا في تظاهرة من مسجد علي بن أبي طالب، وأُصيب شاب بجراح خطرة إثر إطلاق قوات الأمن الرصاص الحي على متظاهرين في قرية القورية بمحافظة دير الزور، فيما استُشهد مواطن وأُصيب ثلاثة آخرون بجروح إثر إطلاق النار على متظاهرين خرجوا من مسجد المحمدي في مدينة نوى بمحافظة درعا». وأضاف المرصد أن «ثلاث تظاهرات خرجت في مدينة دير الزور لتلتقي جميعها في شارع التكايا جوبهت بإطلاق رصاص كثيف من قوات الأمن، ما أدى إلى سقوط شهيدين اثنين وإصابة خمسة آخرين بجراح، حالة واحد منهم خطرة». وأشار إلى أن «شاباً أُصيب بجراح خطرة في مدينة داريا بريف دمشق، فيما شهدت داريا انتشاراً كثيفاً لعناصر الأمن والجيش أثناء خروج المصلين من جامع المصطفى». كذلك تحدث «المرصد» عن «إطلاق قوات الأمن الرصاص الحي لتفريق نحو 2500 متظاهر في مدينة عربين، فيما خرجت تظاهرة في مدينة قارة، وتظاهر أكثر من 7000 شخص في دوما، وخرجت تظاهرة من مسجد النابوع في مدينة الزبداني رغم الانتشار الأمني الكثيف، وتظاهر نحو 3000 شخص في كناكر في ريف دمشق».
وفي جردته لتظاهرات يوم أمس، لفت «المرصد» المعارض إلى أن «عشرات الآلاف خرجوا في تظاهرات حاشدة في مدن تدمر والرستن وتلبيسة والقصير بمحافظة حمص، فيما أُصيب مواطن بجروح إثر إطلاق قوات الأمن الرصاص لتفريق متظاهرين في حي باب سباع في حمص». وشدد على أن «حملات الدهم والاعتقالات التي نفذتها أجهزة الأمن في محافظة اللاذقية أسفرت عن اعتقال أكثر من 150 شخصاً، وترافقت مع إطلاق رصاص كثيف وتحطيم أثاث بعض المنازل والاعتداء بالضرب المبرح على المعتقلين».
في المقابل، أوضح موقع «شام برس» أن «مسلحين ملثمين أطلقوا النار على حاجز لقوات حفظ النظام في دير الزور ما أدى إلى إصابة ثلاثة عناصر ومقتل اثنين من المسلحين»، إضافة إلى «شنّ مجموعة إرهابية مسلحة هجوماً على حاجز عسكري في الرستن بحمص، ما أدى إلى استشهاد ثلاثة عناصر وإصابة رابع بجروح، وإطلاق مجموعة إرهابية أخرى النار على حاجز عسكري في تلبيسة بحمص ما أدى إلى إصابة عدد من عناصره بجروح». وأفاد بأنه «على طريق الرستن، نصب مسلحون كميناً لعناصر من الجيش، ما أدى إلى إصابة اثنين منهم أحدهما في حالة خطرة، بعدما أصيب في رأسه».
ميدانياً أيضاً، اختتم وفد لجنة الأمم المتحدة مهمته الإنسانية في سوريا بعد قضائه عدة أيام زار خلالها عدداً من المدن «الساخنة». وأعلن مساعد الأمين العام للأمم المتحدة المكلف بالشؤون السياسية، لين باسكو، أن الفريق زار دمشق وحمص وبانياس واللاذقية وحماه وحلب وإدلب، وأنه سيقدّم خلاصة ما توصل إليه في الأيام المقبلة، «ما سيسمح للأمم المتحدة بالتفكير في وسائل تلبية الحاجات الإنسانية للسكان وضمان تسيير الخدمات العامة».
سياسياً، جزم وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو بأنّ تركيا «ستختار الوقوف إلى جانب الشعب السوري إن كان عليها أن تختار بين الشعب ونظامه». وقال، خلال برنامج تلفزيوني مباشر على شبكة «أن تي في» الإخبارية التركية، إنه «إذا كان علينا أن نختار بين الحكومة السورية والشعب، فسوف نختار الشعب، لأن ما هو دائم بالنسبة إلينا هو الأخوّة بين الشعب السوري والشعب التركي». وأضاف: «لقد اخترنا موقعنا. نحن إلى جانب الشعب السوري، وسوف نواصل الوقوف إلى جانبه إذا استمر النظام بقمع شعبه».
في غضون ذلك، حذّر حاكم المصرف المركزي السوري، أديب ميالة، من أنه سيكون «على السوريين شدّ الأحزمة بعد فرض عقوبات» أوروبية وأميركية قاسية على بلدهم، مؤكداً أن هذه الإجراءات ستضرّ بالمواطن السوري. وتوقع ميالة أن تواجه سوريا «صعوبات متزايدة بسبب العقوبات والأحداث، وسيكون علينا شدّ الأحزمة»، لافتاً إلى أن «القطاع الأول الذي تضرر هو السياحة الذي تراجعت عائداته بنسبة تسعين في المئة، والمواطن هو المتضرر الأول. النقل والواردات والصناعات ستضطرب أكثر فأكثر، وسيزداد الفقر والبطالة». وسخر ميالة من مقولة إن العقوبات ستضرّ بالنظام، لأن «الحظر عقوبة ضد كل السوريين، وخصوصاً الأكثر ضعفاً»، واضعاً تأكيد الأوروبيين والأميركيين أنهم لا يريدون معاقبة الشعب في خانة «الهراء»، بما أن «الشعب وحده يتضرر لا النظام».
من جهة أخرى، فتحت وزارة الداخلية السورية تحقيقاً لمعرفة ملابسات الاعتداء الذي تعرض له رسام الكاريكاتير علي فرزات، فجر أول من أمس، في دمشق، وللكشف عن منفذيه. ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» أن السلطات المختصة في وزارة الداخلية «تقوم بعمليات البحث والتحري لمعرفة ملابسات الاعتداء والوصول إلى الفاعلين من أجل تقديمهم إلى العدالة». وفي السياق، أسفت وزارة الخارجية الأميركية للاعتداء «الوحشي» على فرزات، معتبرةً أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد «يطلق وعوداً فارغة بالحوار، فيما يستمر باعتداءاته على السوريين المسالمين». كذلك أدانت فرنسا الاعتداء نفسه، وأعربت عن تصميمها على فعل كل شيء ليتوقف «نظام بشار الأسد من دون تأخير عن القمع». وأصدرت وزارة الخارجية الفرنسية بياناً قالت فيه إن «فرنسا تدين الاعتداء الوحشي والصادم على رسام الكاركاتير علي فرزات»، مقدمةً تفسيراً للاعتداء ينصّ على أن «نظام الأسد لم يعد يعجبه عمل فرزات أخيراً».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)