بقي لغز نجل الزعيم الليبي سيف الإسلام معمر القذافي، حتى وقت متأخر أمس، من دون حل؛ فبينما أعلنت المعارضة والمحكمة الجنائية الدولية، أول من أمس، القبض عليه، ظهر في الليلة نفسها يتجول في أحد شوارع طرابلس، متوعداً بمواصلة قتال «الجرذان» وقوات حلف شمالي الأطلسي. ووصل سيف الإسلام في ساعة متأخرة أول من أمس إلى فندق «ريكسوس» في طرابلس، الذي قالت مصادر المعارضة إنها اعتقلته هناك، مع مجموعة من أنصاره، وطالب مؤيدي النظام بالاحتشاد لصد المعارضين الذين يقولون إنهم يسيطرون على غالبية أجزاء العاصمة الليبية.
واصطحب سيف الإسلام الصحافيين إلى باب العزيزية معقل أبيه، حيث أظهرته لقطات تلفزيونية وهو يبتسم ويلوّح ويصافح أنصاره، وكذلك يرفع يديه بعلامة النصر. وقال الشاب، الذي كان موعوداً بتسلم السلطة في بلاده، إن «الشعب الليبي هب بالكامل برجاله، بنسائه ومواطنيه وكسر العمود الفقري للمتمردين والجرذان والعصابات أمس واليوم (الأحد والاثنين)».
وأبلغ سيف الإسلام القذافي، البالغ من العمر 39 عاماً، صحافيين بعد ظهوره المفاجئ، أن والده آمن ولا يزال في طرابلس، مع أن مكان وجود لا يزال غامضاً. وعندما سئل عما إذا كان والده بخير في طرابلس أجاب: «بالطبع». وقال: «القذافي وكل العائلة في طرابلس».
وادعى سيف الإسلام القذافي أيضاً أن قوات النظام سمحت بدخول قوات الثوار إلى العاصمة لكي توقع بها. وقال: «دخول المتمردين إلى طرابلس كان خدعة».
وقال نجل القذافي إن طرابلس تحت سيطرة الحكومة وإنه لا يبالي بأمر الاعتقال الذي أصدرته المحكمة الجنائية الدولية التي تسعى إلى اعتقاله هو ووالده بتهمة ارتكاب جرائم بحق الإنسانية، وحين سئل عن قرار المحكمة الجنائية بحقه، أجاب: «طز في المحكمة الجنائية الدولية».
وكانت المعارضة الليبية والمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي قد أذاعتا خبراً عن اعتقال سيف الإسلام، فيما أثار ظهوره أمام وسائل الإعلام الأجنبية تساؤلات عن صدقية المعارضة.
لكن المتحدث باسم المحكمة الجنائية الدولية، فادي العبد الله، قال إن المحكمة لم «تتلقّ قطّ» تأكيداً لاعتقال سيف الإسلام القذافي ليل الأحد الاثنين الماضي والملاحق بتهمة ارتكاب جرائم بحق الإنسانية. وقال المتحدث لوكالة «فرانس برس» إنه «بعد إعلان أول من أمس أجرينا اتصالاً مع المجلس الوطني الانتقالي للحصول على تأكيد للاعتقال من جانب المجلس، لكننا لم نحصل قطّ على تأكيد من المجلس».
في المقابل، عبّر الليبيون في مدينة بنغازي معقل المعارضة في شرق ليبيا عن صدمتهم وحيرتهم من الصور التي بثتها وسائل الإعلام العالمية لسيف الإسلام القذافي بين أنصاره. وكانت المعارضة قد وضعت ابناً آخر للقذافي، هو محمد، تحت الإقامة الجبرية يوم الأحد الماضي، لكن أنصار والده حرروه أول من أمس في حدث آخر أفسد طعم النجاح السريع للثوار في السيطرة على غالبية أجزاء العاصمة في 48 ساعة فقط، أي منذ انطلاق عملية «فجر عروس البحر» التي قادها الثوار بغطاء جوي من الأطلسي.
وقال مواطن يدعى خالد العجيلي في بنغازي إنه يريد أن يعرف بالضبط كيف تمكن سيف الإسلام من الهرب الذي يبدو أنه لا يزال لغزاً، فيما تتوارد أنباء أخرى عن أن سيف الإسلام لم يكن قيد الاعتقال من الأصل.
(أ ف ب، رويترز)