دمشق | في الوقت الذي كان يحتفل فيه الشعب الليبي بسقوط نظام معمر القذافي، ومحاصرة العقيد مع من بقي من رجالاته في طرابلس، كان الشارع السوري يتابع باهتمام حوار الرئيس بشار الأسد مع التلفزيون السوري. وسرعان ما استقبلت الأوساط السورية بمختلف أطيافها، خبر سقوط الطاغية بردود فعل متباينة، أهمها المعارضون للنظام، الذين وجدوا أخيراً دافعاً قوياً ومشجعاً، لاستمرار خروجهم للتظاهر، مطالبين بسقوط النظام السوري، من دون التوقف أمام ما جاء في حوار الأسد.الكاتب والمفكر السوري المعارض ميشال كيلو، وجد في سقوط نظام معمر القذافي حدثاً استثنائياً، سيؤثر على مجريات الأحداث السورية. وقال لـ«الأخبار»: «الجميع كان يتوقع سقوط نظام الطاغية القذافي، لكن لا أحد منا على علم بقدر تأثير هذا الحدث على مجريات الأحداث السورية، سواء على الشارع المنتفض، أو على النظام السوري بسلطاته المختلفة».
وأكد المعارض السوري أن «سقوط نظام القذافي ما هو إلا دليل واضح جداً، على أن عجلة التغيير التي تشهدها المنطقة، ستستمر في سيرها بلا توقف، ولا أحد الآن يستطيع إيقافها. على الرغم من القوى العسكرية الهائلة، والقاعدة الشعبية الكبيرة التي كان يمتلكها القذافي، إلا أن نظامه سقط في وقت أقل بكثير، مما كان متوقعاً له، هذا ما يمكن حدوثه في أي بلد عربي لاحقاً».
ورفض كيلو النظرية السياسية التي تناقلها الشارع السوري المعارض، والتي تقول إن السياسة الروسية تخلت عن العقيد القذافي ونظامه، مقابل كسب دعم دولي للمحافظة على النظام السوري، معرباً عن اعتقاده بأن «روسيا لم تعد إحدى القوى المقررة أو المؤثرة في المنطقة العربية الآن». وطالب النظام السوري بأن يتوقف عند سقوط نظام معمر القذافي، ويعيد قراءته للأحداث السورية، مشدداً على أنه يجب «على النظام السوري الآن، أن يجد حلاً معتدلاً ومقنعاً لجميع الأطراف». وأضاف: «دعونا نتذكر هنا ما قاله الرئيس في خطابه الأول أمام مجلس الشعب: هناك مطالب محقة للناس في الشوارع، وعلينا تحقيقها والاستجابة لها. على النظام الآن أن يسارع في تحقيق هذه المطالب، قبل أن يدركه الوقت».
كذلك يبدي كيلو خشيته من تكرار السيناريو الليبي في سوريا، داعياً «السلطات السورية إلى أن تقرأ سيناريو الأحداث الليبية بدقة متناهية، منذ بدايتها وصولاً إلى سقوط نظام القذافي». وأضاف: «لا أحد في النظام السوري يستطيع منع حدوث تدخل عسكري محتمل، على الأراضي السورية، إن تطلبت المصالح الدولية ذلك، إلا في حال وجود ممانعة داخلية كاملة لحدوث مثل هذا التدخل». وتابع: «لطالما وجد الغرب ذريعة وحجة في الديموقراطية، للتدخل السياسي والعسكري على دول مختلفة، وحتى لا نقدم له مبرراً في ذلك، علينا أن نحقق ديموقراطية حقيقية وفعلية، بعيداً عن إملاءاته وشروطه المعروفة سلفاً».
بدوره، وجد الكاتب والصحافي المعارض السوري فاتح جاموس، في سقوط نظام القذافي «حدثاً محفزاً ومشجعاً للشارع السوري المنتفض»، مشيراً إلى أن «هناك رأس هرم لنظام عربي سقط من طريق العنف وتدخل خارجي، هذا سيشجع المتظاهرين في الشارع على الاستمرار في التظاهر والمطالبة بإسقاط النظام السوري، بغض النظر عن المقارنة بين السيناريو الليبي وتطور الأحداث السورية. في ليبيا كانت هناك ثورة مسلحة، مدعومة بقوة عسكرية دولية، أما في سوريا حتى الآن لم تتحول الانتفاضة في الشارع، إلى ثورة مسلحة».
ونفى المعارض السوري أن يكون هناك دور أدته السياسة الروسية، في سقوط نظام معمر القذافي، مشيراً إلى أن «المصالح الروسية في ليبيا ليست قليلة، لكن وقوف السياسة الروسية على الحياد أمام التدخل العسكري في ليبيا، أعلن بوضوح حالة التخبط التي تعيشها».
وأكد جاموس طبيعة العلاقة القوية والاستثنائية، التي تجمع بين السياسة الروسية والنظام السوري تاريخياً «سوريا ليست ليبيا، هناك علاقة تاريخية جمعت الحكومتين عبر عقود طويلة، لكن هذا لا يمنع من حدوث اختراق للسياسة الروسية أو الصينية على حد سواء، ما يسمح بالضرورة بحدوث انقلاب في تعاطي روسيا مع الأزمة السورية، مقابل جملة من المعطيات يضعها المجتمع الدولي على طاولة الحوار مع الحكومة الروسية لتبادل جملة من المصالح المشتركة في سوريا والمناطق المجاورة».
وبشأن قضية التدخل العسكري المحتمل على الأراضي السورية، أوضح جاموس أن هناك فئة من الشارع السوري المنتفض، أعلنت بنحو غير مباشر، مباركتها للتدخل العسكري المتوقع، مشيراً إلى أن «زيارة السفير الأميركي لمدينة حماه أكثر من مرة، واستقباله بردود فعل شعبية ذات مغزى، يؤكد حدوث تطورات سلبية كثيرة على الحس الوطني لدى الشعب السوري». وأضاف: «استمرار النظام السوري بتعنته في استخدام الحل الأمني، في مواجهة الاحتجاجات في الشارع، أسهم أيضاً في خلق هذا الحس السلبي المتحمس للتدخل العسكري الخارجي، لكنها سلبية سيئة تعلن على نحو فاضح التواطؤ مع العوامل الخارجية».