تونس | «إنها ليلة من ألف ليلة وليلة»، هكذا يتحدث محمد، أحد الثوار الليبيين، الذي بترت يده اليمنى في مصراتة وانتقل للعلاج في تونس. ويضيف لـ«الأخبار»، في جو من الأهازيج والفرح التي ملأت المقهى الذي أخذنا نتابع فيه عبر شاشة التلفاز آخر الأنباء الآتية من طرابلس وعملية «عروس البحر» لتحرير طرابلس من حكم القذافي: «الحمد لله، أخيراً طرابلس حُررت».من المقهى، كان التوجه إلى شارع محمد الخامس، حيث السفارة الليبية في تونس، واختلطت الألوان من الخضراء والسوداء إلى البيضاء لتتعطل حركة السير طوال ليلة أمس. أحد التونسيين اقترب وقال لـ«الأخبار»: «لم أتصور أن إطاحة العقيد ستكون بهذه السهولة، حسبت أن معركة طرابلس ستطول». ما شهده شارع محمد الخامس ووسط العاصمة التونسية عاشته باقي المدن التونسية، وخصوصاً أن في تونس قرابة 900 ألف نازح ليبي.
في صفاقس، ومن خلال اتصال هاتفي بإحدى الصحافيات في راديو صفاقس المحلي، تقول فاطمة لـ«الأخبار»: «إن الليبيين بدأوا في احتلال شوارع المدينة منذ ما قبل أذان المغرب، بل إن بعضهم أفطر في الشارع وهو يتلهف وراء أنباء المعركة».
ولعل هذه الفرحة التي عمت كافة أنحاء البلاد التونسية، لم تكن بمثل الفرحة التي عاشها التونسيون مع أشقائهم الليبيين في العاصمة. إنها سهرة ثورية بكل معنى الكلمة، من الإفطار إلى الفجر.
كان الجميع في العاصمة مبتهجاً، وكان الليبيون يباشرون التونسيين بالتحية، ويشكرونهم على «حسن الضيافة».
أحدهم قال إنه لولا التونسيون لما تمكنا من مواصلة الصمود، فـ«التوانسة كانوا في مقام الإخوة، شكراً لكم على كل شيء. تلك هي الحمية المغاربية».
أحد جرحى الثوار كان يبكي، وعند سؤاله عن السبب قال إنه كان يريد أن يكون بجانب الثوار في تحرير طرابلس من الطاغية. وأضاف: «لقد أصبت في معركة في بئر الغنم على مشارف طرابلس بشظية من صاروخ غراد. لقد أصبت في ساقي على مستوى الفخذ الأيمن وعلى مستوى يدي اليمنى. لكن الله سلم، المهم أن الشباب أكملوا المهمة، وإن شاء الله سنلقي القبض عليه».
سيدة ليبية كانت جالسة قرب ساحة حقوق الإنسان في تونس العاصمة وتتسامر مع سيدة تونسية قالت لـ«الأخبار»، بعدما أمطرتنا بزغرودة دوت في المكان: «هذا حلم كبير. لقد سقط الطاغية القذافي بعد بن علي ومبارك، لقد كان رابضاً ككابوس في صحوتنا قبل منامنا. أخيراً تخلصنا من «القرذافي» وعائلته».
وتأتي هذه الفرحة في وقت لا يزال فيه العقيد القذافي طليقاً، بل توعد الثوار بثورة مضادة، ما قد ينبئ بمزيد من إراقة الدماء. وإلى ذلك يشير أحد الصحافيين الليبيين الموجودين في تونس، وقد اختار لنفسه اسم وليد، رافضاً الكشف عن اسمه الحقيقي: «القذافي إنسان مختل عقلياً، وكنا ننتظر الأسوأ في طرابلس، لقد خفنا من الكيماوي، وما زلنا نخاف من سيناريو مماثل بعد هروبه وبداية جيوب مقاومة من طرف الكتائب ومرتزقة الطوارق».