بغداد ــ الأخباريتجه البرلمان العراقي اليوم إلى التصويت، بغالبية، على «الإصلاحات» التي طرحتها حكومة حيدر العبادي قبل يومين، فيما تعقد الحكومة جلستها الأسبوعية التي من المتوقع خلالها الإعلان عن «حزمة ثانية من الإصلاحات»، بحسب ما ذكر مصدر حكومي لـ«الأخبار».

ويشهد مجلس النواب العراقي اليوم جلسة علنية تهدف إلى مناقشة «حزمة الإصلاحات الأولى» التي أرسلتها الحكومة العراقية قبل يومين، وسط توقعات بأن تمرر خلال التصويت، وبأن تشهد الجلسة نقاشاً ذا طبيعة دستورية بشأن بعض فقرات «الإصلاحات»، خصوصاً تلك المتعلقة بمناصب نواب رئيس الجمهورية.
وحصلت أمس حزمة إصلاحات الحكومة على دعم سياسي إضافي، بدعوة رئيس البرلمان، سليم الجبوري، البرلمان إلى الموافقة عليها، طارحاً في الوقت نفسه ورقة إصلاح برلمانية موازية، تتضمن 16 فقرة. وتمحورت أبرز فقرات الورقة البرلمانية حول تفعيل الدور الرقابي والتشريعي لعمل البرلمان والمباشرة في عملية استجواب الوزراء.
وطالبت الورقة البرلمانية، التي اطّلعت عليها «الأخبار»، رئيس الوزراء بإقالة وزير الكهرباء قاسم الفهداوي (اتحاد القوى)، ووزير الموارد المائية محسن الشمري (التيار الصدري)، إضافة إلى إجراء عملية ترشيق للوزارات وللهيئات خلال مدة لا تتجاوز 30 يوماً. وطالبت كذلك بإنهاء ملف التعيينات في المناصب المدينة والعسكرية، والتعيينات بالوكالة. كذلك خيّرت الورقة المسؤولين المزدوجي الجنسية بين إسقاط الجنسية الأجنبية أو الإعفاء من المنصب خلال فترة لا تتجاوز 30 يوماً، فيما توعّدت النواب الذين يتغيّبون باستمرار عن الجلسات البرلمانية بالإقالة. وتناولت الورقة البرلمانية أيضاً مسألة مجالس المحافظات بغية «القضاء على حالة الترهل الموجودة».
وجاء الحديث عن الورقة البرلمانية خلال مؤتمر صحافي عقده الجبوري، عقب اجتماع جمعه في البرلمان أمس مع رؤساء الكتل السياسية لمناقشة «الإصلاحات» ومطالب المتظاهرين.
وقال الجبوري خلال المؤتمر إنّ «مجلس النواب سيحدد وبشكل واضح أسماء أو مؤسسات لغرض محاسبتها لتورطها في الفساد». وبينما أشار خلال حديثه إلى أنّ البرلمان سيدرج مشاريع قوانين تأخر طرحها (مثل قانون الأحزاب) على جلسة يوم الخميس المقبل، لفت إلى أنّ «حالة التوافقات السياسية أمر لازم في عملية الإصلاح ولا يمكن التخلي عنها».

من المتوقع أن تشهد اليوم جلسة مجلس الوزراء طرح حزمة ثانية من الإصلاحات

وبخلاف ما قصده الجبوري في حديثه عن «التوافقات السياسية»، يبدو واضحاً في الساعات الراهنة أن سير الكتل السياسية خلف «إصلاحات حكومة العبادي» بات أمراً ضرورياً وحيوياً لها لعدم قدرتها ربما على مخالفة الجو الشعبي العام، فضلاً عن الواقع السياسي الناشئ والمواكب إعلامياً بسياقات وصلت إلى درجة الحديث عن منع سياسيين وعسكريين كبار من مغادرة البلاد.
وقد يتأكد هذا الأمر من خلال استعراض خريطة القوى التي أعلنت دعمها لـ«الإصلاحات»، والتي يأتي في مقدمتها «التيار الصدري» ومن خلفه «كتلة الأحرار» البرلمانية. وقد وصل دعم «التيار الصدري» لـ«الإصلاحات» حدّ إصدار المكتب الخاص للسيد مقتدى الصدر بياناً أمس، أعلن فيه أنه على نائب رئيس الوزراء، بهاء الأعرجي، (المتهم بقضايا فساد والمحسوب على التيار سياسياً) «تقديم استقالته الرسمية من منصبه فوراً» (الأمر الذي تم)، مضيفاً كذلك أنه «يُمنع... (الأعرجي) من السفر خارج العراق في الوقت الحاضر لحين إكمال الإجراءات القانونية والقضائية المتعلقة به».
في غضون ذلك، برزت أهم الاعتراضات على «إصلاحات حكومة العبادي» من جانب نواب رئيس الجمهورية الثلاثة، خصوصاً إياد علاوي وأسامة النجيفي، اللذين أجمعا على أنها غير دستورية. وبينما قال علاوي إن العبادي «غير مؤهل لإصدار مثل تلك التوجيهات»، أشار النجيفي، في حديث إلى «هيئة الإذاعة البريطانية»، إلى أن «الوضع العام لا يسمح إلا بإجراء انتخابات مبكرة»، واصفاً في الوقت نفسه الصلاحيات التي منحتها المرجعية الدينية العليا للعبادي بأنها «غير مسبوقة و(إطلاق يده) بالخطوة غير المفهومة، إذ يجب الالتزام بالسقف الذي حدده الدستور».
أما نائب رئيس الجمهورية، نوري المالكي، فقد أكد تأييده «لأي إجراء يستهدف تقويم العملية السياسية، على أن يراعي الاعتبارات الدستورية والقانونية ويحفظ حقوق جميع مكونات الشعب العراقي»، مضيفاً أنه «لا نمانع من اللجوء إلى الآليات الدستورية والسياسية من أجل إعادة النظر في بعض التشريعات».
في هذا الوقت، من المتوقع أن تشهد اليوم جلسة مجلس الوزراء الأسبوعية طرح حزمة ثانية من الإصلاحات، تكون «مكملة للأولى»، بحسب ما ذكر مصدر حكومي لـ«الأخبار».
وأكد المصدر الحكومي أن العبادي يعتزم ترشيق عدد الوزارات في الحكومة إلى نحو 15 وزارة عبر إلغاء بعضها ودمج البعض الآخر، في خطوة تهدف إلى «معالجة الترهل الوظيفي والإصلاح الإداري». وبالتوازي، أوضح مصدر سياسي أن من المرجّح دمج وزارتي التجارة والصناعة بوزارة واحدة، والنفط والكهرباء بوزارة واحدة أيضاً.
وفي ما له علاقة بواقع حركة الاحتجاجات في المحافظات العراقية، تظاهر أمس العشرات من سكان محافظة النجف في وسط مدينة النجف، تأييداً لقرارات رئيس الوزراء حيدر العبادي الأخيرة، وللضغط على مجلس النواب لإقرارها في جلسة اليوم.
تزامناً، كان لافتاً أمس إعلان مجالس محافظات، مثل صلاح الدين والأنبار، دعمها لخطوات رئيس الوزراء حيدر العبادي، في وقت تخرج فيه أصوات من المحافظات الغربية بشكل عام منتقدة لتعامل الحكومة «الجدي» مع مطالب التظاهرات التي تشهدها محافظات الجنوب والوسط، بخلاف ما جرى زمن «اعتصامات المحافظات الغربية» قبل نحو عامين. وقد انعكست هذه الأصوات بشكل واضح عبر صفحات التواصل الاجتماعي، حتى قيل مثلاً إنّ «مظاهرات الجنوب وإن لم يتم الاستجابة لمطالبها إلا أنه على الأقل تم التعامل معها باحترام، ولكن مظاهرات الانبار والموصل قبل عامين قمعت بالقوة».