اشتد أمس الجدل بشأن فقدان الرئيس اليمني علي عبد الله صالح شرعيته الدستورية، وتأكيد المطالبين بتنحيه عن الحكم أن مضي شهرين على غيابه عن البلاد، إذ يتلقى العلاج في السعودية منذ الثالث من حزيران الماضي، وعدم ممارسته لمهماته الدستورية يفقدانه منصبه دستورياً، الأمر الذي يعارضه حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم، مستنداً بدوره إلى الدستور اليمني. وفي السياق، أكد نائب رئيس الدائرة الإعلامية للمؤتمر الشعبي العام الحاكم عبد الحفيظ النهاري، في حديث مع «الأخبار» أمس، أن الحديث عن فقدان الرئيس لشرعيته «مردود على قائليه ويعوزه الكثير من المرجعية الدستورية والقانونية، لأن الرئيس اليمني هو رئيس منتخب وشرعي»، مشدداً على أن «الشرعية الانتخابية والدستورية تمتد حتى 2013، ولم يستجد شيء على صعيد تغيّر شرعية الرئيس اليوم».
وأوضح النهاري أنه على الرغم من اضطرار صالح إلى الانتقال إلى السعودية لتلقّي العلاج نتيحة حادث التفجير الذي تعرض له، لا يزال يمارس صلاحياته الدستورية وإن من خلال نائب الرئيس، عبد ربه منصور هادي، وذلك «على ضوء الصلاحيات الدستورية المعطاة له»، مشدداً على أن هذا «وضع دستوري مئة في المئة»، وأنه «عندما يشفى صالح سيعود لممارسة صلاحياته كاملة»، بعد أن منعته عن مزاولتها «ظروف صحية قاهرة لا أي سبب سياسي».
ومن هذا المنطلق يشدد النهاري على أن «المؤتمر الشعبي العام الحاكم يتمسك بدستورية الرئيس حتى 2013، ما لم يحدث حوار وتوافق وطني يؤدي إلى انتخابات نيابية ورئاسية مبكرة»، رافضاً اعتبار أن هذه التصريحات تعكس أي تنصل من المبادرة الخليجية. لكنه أكد، في الوقت نفسه، أن «المراحل الأولى للمبادرة الخليجية لم تعد واقعية وقابلة للتنفيذ»، مشيراً إلى أن الحديث يجري «عن تطويرها بما يؤدي إلى النتيجة نفسها، أي إلى انتقال سلمي للسلطة».
في مقابل ذلك، يقدم المحاميان اليمنيان خالد علي الماوري وعبد العزيز السماوي مقاربة مختلفة تدعم رأيهما القائل بأن صالح فقد شرعيته الدستورية. وأكد الماوري لوكالة أنباء «شينخوا» أن «مهمات الرئاسة لا تتمثل في استقبال أشخاص في زيارات شخصية وهو في المشفى، لأن مهمات رئيس الجمهورية تعني إدارة البلاد بكامل شؤونها والإشراف عليها، ولها مقار رسمية، بمعنى أن يدير البلاد من القصر الجمهوري أو دار الرئاسة»، وهو الأمر الذي ثبت أن صالح عاجز عن القيام به. بدوره، أوضح السماوي في حديث إلى صحيفة «أخبار اليوم» اليمنية أن «بقاء الرئيس خارج البلاد لحالة مرضية أكثر من المدة المحددة في الدستور، وهي 60 يوماً، يعتبر عاجزاً عن ممارسة مهماته في منصبه رئيساً للبلاد». إلا أن العودة إلى نص الدستور اليمني، وتحديداً المادة 116 التي تنص على أنه «في حالة خلو منصب رئيس الجمهورية أو عجـزه الدائم عن العمل يتولى مهمات الرئاسة مؤقتاً نائب الرئيس لمدة لا تزيد على ستين يوماً من تاريخ خلو منصب الرئيس يجري خلالها إجراء انتخابات جديـدة للرئيس»، تبيّن غياب أي نص دستوري يحدد مهلة زمنية لغياب الرئيس يعتبر بعدها أن منصب الرئاسة أصبح خالياً، بينما يحدد الدستور المهلة التي يسمح لنائب الرئيس خلالها بتولي السلطة.
ووسط هذا التضارب في تفسير مضمون الدستور اليمني، من المرجح أن يقتصر تأثير الجدل الحالي على إضافة المزيد من الضغوط على صالح لإقناعه بالتوقيع على المبادرة الخليجية، وهو ما بدأ يظهر من خلال ما أشيع عن رفض ألمانيا منح صالح تأشيرة دخول إليها لتلقّي المزيد من العلاج بصفته رئيساً لليمن، والتأكيد أنها مستعدة للسماح له بالدخول إلى أراضيها كمواطن يمني عادي.
وهي خطوة إذا ثبتت صحتها، تحمل الكثير من الدلالات، في مقدمتها اعتراف غربي بأن صالح لم يعد لديه من خيار سوى القبول بنقل السلطة التي ستحفظ له ماء وجهه، فضلاً عن منحه حصانة ضد محاكمته، فيما مزيد من التعنّت لن يؤدي سوى إلى جعله يلقى مصيراً مماثلاً للرئيس المصري المخلوع، حسني مبارك.