يتردد في أوساط بعض المتابعين للميدان السوري أن الضربة الأقسى التي تلقّاها الجيش، في الفترة الماضية، كانت في ريف حمص الشرقي، يوم سقوط مدينة تدمر.مصادر مطلعة تؤكّد أن قيادتي الجيش السوري والمقاومة تتابعان خطوات «داعش» الميدانية؛ فخطط التنظيم باتت معروفة، وقائمة على «ربط الأوصال والنقاط» في ما بينها، و«تحريك الخلايا النائمة في لحظة تراها مناسبة». وتضيف المصادر أن كثيرين يقعون تحت وطأة «التهويل الإعلامي» لـ«داعش»، وينجرون وراء أخبار «مضخمة».

يوم الأربعاء الماضي في الخامس من آب، سقطت مدينة القريتين، الواقعة في ريف حمص الجنوبي. لم يكن سقوطها نتيجة «تمدد» جديد لتنظيم «الدولة» بل في إطار الضغط على الجيش الذي بات يبعد «3 كلم عن تدمر». وهدف التنظيم من احتلال المدينة هو تشتيت جهد القوات أثناء استعادتهم لتدمر.
تتمتع القريتين بأهمية استراتيجية، فهي قريبةٌ من مدينتي دمشق وحمص وقريبة من أوتوستراد دمشق ــ حمص الدولي (50 كلم)، إضافة إلى كونها بوابة «البادية السورية» باتجاه الشرق. علاوةً على ذلك، تقع المدينة على خط إمداد القوات العاملة في البادية، ما يعني أن سقوط القريتين بيد «داعش» هو الحصول على «ورقة ضغط» ضد الجيش، وإمكانية قطع خطوط إمداده، وجعل القريتين منطلقاً لعمليات عسكرية وأمنية ضد القوات الموجودة في محيط المدينة.
واستفاد «داعش» من عاملين أساسيين، هما وجود بعض الخلايا النائمة التابعة له، ومزاج عام موات في المدينة. أما العنصر المساهم الذي طوّعه التنظيم لمصلحته فهو التفاهم بين الجيش والأهالي القائم على إقامة حواجز في محيط المدينة وتنفيذ إجراءات روتينية بالتفتيش والمراقبة.
يوم الأربعاء الماضي، بدأت الخلايا النائمة بالتحرك، بالتزامن مع الهجمات الانتحارية على حواجز المدينة، فما كان من جنود الجيش، وبأمر من القيادة، إلا الانسحاب من القريتين حفاظاً على الأرواح والعتاد. سقطت المدينة وروّجت الماكينة الإعلامية «الداعشية» عن اقترابها من بلدة مهين (12 كلم عن القريتين).
غرب القريتين، وعلى بعد 15 كلم منها، تقع بلدة صغيرة تسمى حوارين، يوجد فيها عددٌ من المسلحين المحليين الذين بايعوا «داعش» فور سيطرته على القريتين، وتفاهموا معه بإبقاء حوارين تحت سيطرتهم. ومع بدء الاشتباكات في محيط حوارين، أغار سلاح الجو على نحو عنيف على نقاط مسلحي «داعش»، ما أدى إلى سقوط العديد من الإصابات في صفوفهم. في المقابل كانت المجموعات المسلحة الأخرى في مهين، المدينة القريبة من القريتين، تراقب ما يجري في حوارين، ما اضطرها إلى التواصل مع قيادة الجيش، وإبرام تفاهم جديد، يحيّد مهين عن خطوط النار، ويعيد الهدوء إليها.
وترى المصادر أن ما حدث ليس كما يروّج من تمدد لـ«داعش»، فهو «موضعي». وما هو مؤكد عند المصادر: استكمال عمليات تدمر أولاً، وعدم السماح لـ«داعش» بالاقتراب من أوتوستراد دمشق ــ حمص الدولي، فهو «خط أحمر». وتشير المصادر إلى أن الجيش أعاد بناء خطوط دفاعاته من جديد شرقي الأوتوستراد، راسماً حدود «داعش» عند القريتين فقط. وتلفت المصادر إلى أن «داعش» في إعلامه يبالغ في إمكانية فتح ثغرة من القريتين باتجاه مجموعاته في القلمون.
هناك، وتحديداً في القلمون الشرقي، توجد مجموعات «جيش الإسلام»، ويؤكد المتحدث العسكري باسمه، إسلام علوش، أن «الحرب مع داعش مستمرة وهي استراتيجية»، وهو في وضع «حماية مناطقه من تهديد التنظيم». ويلفت علوش، في حديثه إلى «الأخبار»، إلى أن تمدد «داعش» هو في معظمه ناتج من «اتفاقات بين الجيش السوري والتنظيم»، وهي تأتي في مناطق سيطرة الجيش، وعلى حسابه، لـ«ضرب الثوار».