المغرب | ترفض عاصفة الاحتجاجات التي يخوضها العاطلون من العمل في المغرب أن تأخذ استراحة محارب مع حلول شهر رمضان، إذ شهدت مدينة آسفي (جنوب) الاثنين الماضي يوماً دموياً بامتياز، بعدما تحولت حركة احتجاجية نفّذها «المتخرّجون وحاملو الشهادات العاطلون من العمل» إلى حرب شوارع مع قوّات حفظ الأمن، أدّت إلى العديد من الإصابات والاعتقالات، هذا فضلاً عن تخريب عدد من المنشآت الحكومية. «كان المكان أشبه بمصراتة في ليبيا»، يقول شاهد عيان وهو يروي ما رآه من دمار عقب المواجهات، «بعدما كان الشباب العاطلون من العمل معتصمين في الخط السككي الرابط بين ميناء المدينة والمركب الكيماوي، حاصروا قطاراً ينقل الفوسفات إلى الميناء ومنعوه من المرور، عندها تدخلت قوات حفظ الأمن لفض الاعتصام، لكن المتظاهرين تسلّحوا بالحجارة لمواجهة قوات الأمن والدفاع عن أنفسهم ضدّ ما عدّوه تدخلاً همجياً في حقهم. لتبدأ بعدها معركة تبادل التراشق بالحجارة بين الطرفين». ويتساءل مواطن مستغرباً «كيف يُعقل أن يستعمل رجال الأمن الحجارة».
وكانت الحصيلة إصابات عديدة في صفوف كلا الطرفين، قبل أن ينسحب المحتجون، لكن الأمور لم تتوقف عند هذا الحدّ، إذ إنّه ما إن علم شبان آخرون من أبناء المدينة بما جرى، حتى التحقوا برفاقهم للثأر من الشرطة، ولتنطلق بعدها جولة جديدة من معركة الحجارة أدّت إلى خسائر مادية كبيرة.
المعركة لم تنته بعد. بعد ساعتين من الهدوء، اتجه عدد من سكان المدينة نحو عدد من المنشآت الإدارية في «مقاطعة المدينة» و«مركز الشرطة»، وعمدوا إلى حرقها وإتلاف محتوياتها، لكن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان اتهمت عناصر مسخّرة من طرف الأمن بإحراق المقارّ الإدارية لتبرير التدخل العنيف واعتقال أبناء المنطقة. اتهام لم يعجب السلطات، فأقدمت على أثره على اعتقال عبد الغني العوينة، رئيس فرع المنظمة الحقوقية المغربية في المدينة الجنوبية، ما فجر موجة غضب كبيرة في المدينة، التي لا تزال تنتظر الكشف عن مسببات قتل كمال العماري، أحد أبناء المدينة، الذي تقول حركة «20 فبراير» إنه قُتل على أيدي رجال أمن.
ونفى المحتجون ما نُسب إليهم من «أفعال تخريب وعنف»، مستنكرين «التدخل الأمني العنيف» بحقهم. وأكدوا أن مطالبهم واضحة، وكل ما يريدونه هو الحصول على وظائف مقابل الشهادات والدبلومات التي حصلوا عليها، متهمين المسؤولين بالمماطلة.
بدوره، علّق وزير الإعلام المغربي خالد الناصري على الأحداث بالقول إنها «أحداث خطيرة وخارجة عن نطاق التعبير الديموقراطي». وقال إن «ما قام به المحتجون يتنافى مع قواعد التعبير السلمي الديموقراطي المتعارف عليه»، محملاً جهات لم يسمها بمحاولة الركوب على هذه المطالب.
ويتهم العاطلون من العمل الحكومة بالمماطلة في تشغيلهم. وقرّروا جعل الصيف الحالي صيفاً نضالياً حارقاً. لذلك بدأوا منذ أسابيع الزحف نحو عدد من المنشآت الحيوية والمؤسسات الحكومية، إضافةً إلى اقتحامهم مقرّ حزب الاستقلال الحاكم في الرباط.
وأكّد أحد أعضاء إحدى تنسيقيات العاطلين من العمل، عبد الصمد برنوصي، أن نضالهم سيستمر في جميع المدن المغربية، ولن يتوقف خلال شهر رمضان، قائلاً «سننظم عمليات إفطار في أماكن حساسة كالبرلمان، كما قد نقتحم بعض الأماكن الحساسة، أو تلك التي تحتضن شخصيات أجنبية».
أما بالنسبة إلى قرار الصدام مع الشرطة، فلا يدعمه كل العاطلين، إذ قال سعيد الشعبي، الذي ألّف إلى جانب ثلاثة من زملائه العاطلين كتاباً عن تجربة البطالة، إنه ليس من دعاة الاحتجاج في الشوارع والصدام، داعياً الى إنشاء صندوق العطالة وإيجاد حل لمعضلة البطالة المؤرقة، فهل تفلح اقتراحات الشاب المغربي في إيقاف حالة اللا عودة التي أعلنها العاطلون في المغرب؟