استغل الملك المغربي محمد السادس، أول من أمس، الذكرى الثانية عشرة لتوليه العرش، لإطلاق وعود إصلاحية، وخطوات انفتاحية تجاه الداخل والخارج، وخصوصاً الجزائر، داعياً إلى الإسراع في انتخاب مجلس نواب جديد، والى فتح الحدود مع الجزائر وتطبيع العلاقات معها بالكامل، وحثّ الرباعية الدولية على تحمّل مسؤولياتها في هذه المرحلة الدقيقة من الصراع الفلسطيني ـــــ الإسرائيلي. وقال الملك، في الخطاب الذي ألقاه في قصر مارشان في طنجة، يجدر في «البداية انتخاب مجلس النواب الجديد، لنتولى بناءً على نتائج الاقتراع الخاص به، وطبقا لأحكام الدستور، تعيين رئيس الحكومة من الحزب الذي سيتصدر نتائج انتخاباته، وليتأتى (...) تأليف حكومة جديدة، منبثقة من أغلبية برلمانية، متضامنة ومنسجمة».
وفيما لم يحدد الملك موعد الانتخابات، الذي يجري التفاوض بشأنه بين وزارة الداخلية والأحزاب، حذّر من أنّ «كل تباطؤ من شأنه رهن دينامية الثقة، وهدر ما يتيحه الإصلاح الجديد من فرص التنمية، وتوفير العيش الكريم لشعبنا الأبي؛ فضلاً عن كون كل تأخير يتنافى مع الطابع المؤقت للأحكام الانتقالية للدستور». أما بالنسبة إلى مجلس المستشارين، فقد رأى أن إقامته هي رهن التصديق على القوانين التنظيمية والتشريعية، التي ينبغي أن تعطى الأولوية بحسبه، وطالب بإجراء الاستحقاقات الانتخابية الخاصة بها، وفق جدولة زمنية محددة، يجري إكمالها بتنصيب مجلس المستشارين، بتركيبته الجديدة، قبل إكمال سنة 2012.
ورأى محمد السادس أن «الأحزاب السياسية، التي كرس الدستور الجديد مكانتها، كفاعل محوري في العملية الديموقراطية، غالبية ومعارضة، مدعوة إلى مضاعفة جهودها لتحقيق مصالحة المواطنين، وخاصة الشباب، مع العمل السياسي، بمفهومه الوطني النبيل».
في هذا السياق، علّق عدد من المسؤولين في الأحزاب المغربية على الخطاب، مشيرين إلى أن المهم هو العمل على ضمان إعداد جيّد للانتخابات. وقال القيادي في حزب العدالة والتنمية الإسلامي المعارض، سعد الدين عثماني، «إن ولاية المجلس النيابي الحالي تنتهي أواخر عام 2012، ولا يوجد في الدستور ما يلزمنا بإجراء انتخابات مبكرة»، مضيفاً إن «المهم ليس الإعداد سريعاً لها، بل الإعداد لها على نحو جيّد».
وعلى الصعيد الدبلوماسي، أكد محمد السادس أن المغرب ملتزم بإعطاء دينامية جديدة منفتحة على تسوية كل المشاكل العالقة مع الجزائر. وقال «إننا ملتزمون، وفاءً لأواصر الأخوة العريقة بين شعبينا الشقيقين ولتطلعات الأجيال الصاعدة، بإعطاء ديناميّة جديدة منفتحة على تسوية كل المشاكل العالقة، من أجل تطبيع كامل للعلاقات الثنائية بين بلدينا الشقيقين، بما فيها فتح الحدود البرية؛ بعيداً عن كل جمود أو انغلاق مناف لأواصر حسن الجوار».
من جانبه، قال الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، في رسالة تهنئة بعث بها قبل الخطاب إلى الملك المغربي، إنه «من منطلق إيماني بحتمية المصير المشترك أجدد لجلالتكم حرصي على ضم جهودي إلى جهودكم لمد جسور التآخي والتعاون وحسن الجوار بما يمكننا من بناء علاقات ثنائية نموذجية كفيلة بخدمة المصالح المشتركة لبلدينا وشعبينا الشقيقين اللذين تربطهما أواصر التاريخ، وتعنيهما تحديات المستقبل المشترك». وفيما لم يتطرق بوتفليقة إلى مسألة الحدود المغلقة من جانب الجزائر، والطلب المتكرر للمغرب بفتحها من جديد، التي تشترط الجزائر لفتحها تسوية مسائل أمنية وقضايا الهجرة غير الشرعية والتهريب والمخدرات مع المغرب، رأى عدد من الصحف الجزائرية، أمس، أن الملك المغربي لديه «هوس» فتح الحدود مع الجزائر.
وفي العودة الى الخطاب، دعا محمد السادس، اللجنة الرباعية الدولية للسلام في الشرق الأوسط، إلى تحمل مسؤولياتها في هذه المرحلة الدقيقة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مؤكداً أن السلام في الشرق الأوسط يمر عبر إقامة دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للاستمرار، عاصمتها القدس الشرقية.
(أ ف ب، يو بي آي)