تزامناً مع بدء لجنة تقصّي الحقائق الدولية عملها في البحرين، اختتمت، مساء أول من أمس، جلسات حوار التوافق الوطني، وأقصى ما توصلت إليه في المحور السياسي إعطاء صلاحيات إضافية لمجلس النواب، وهو إنجاز لا يرقى بتاتاً الى مستوى مطالب المعارضة والاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في 14 شباط وأدخلت المملكة في أزمة خطيرة. وفي جلسة مساء الأحد للمحور السياسي، بحث المشاركون صلاحيات مجلس الشورى ومجلس النواب المتعلقة بالتشريع والرقابة، وتوافقوا في النهاية على زيادة الصلاحيات التشريعية والرقابية لمجلس النواب، إلا أنهم لم يتوافقوا على منح مجلس الشورى صلاحيات المجلس المنتخب نفسها. وفشل المجتمعون في التوافق على نقل ديوان الرقابة المالية والإدارية لمجلس النواب، ورأى البعض في بقاء ديوان الرقابة المالية تحت مظلة الديوان الملكي استقلالية أكبر.
ولم تعجب نتائج الحوار الجمعيات المعارضة المشاركة، بحيث أعرب نائب الأمين العام لجمعية «وعد»، رضي الموسوي، عن عدم تفاؤله وأكد أن «هناك بعض الأطراف لا تريد تغيير الأمور في البحرين، وتقف حجر عثرة أمام التطوير». وقال لصحيفة «الوسط» البحرينية «كنا نأمل أن يجرى الحوار بين نظام الحكم والجمعيات السياسية، لكي نخلص إلى نتائج طيبة، تعيد الثقة في النظام السياسي، وفي المواطن، وأن هذا الوطن يمكنه الخروج من عسرته وعثرته، إذا كانت هناك نية لوضع حلول جذرية، وليس بحقن سرعان ما تعود (بعد زوال مفعولها) الأزمات». وأكد أنه لم يتم التوافق على القضايا التي طرحتها المعارضة، مضيفاً «نحن لا تعنينا التوافقات التي اتفق عليها، لأنها في الجزء الأكبر قضايا هامشية، ولا تمسّ الدوائر ونظام المجلسين».
في هذه الأثناء، بدأت اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق عملها أمس، وأكّد رئيسها، محمود شريف بسيوني، خلال مؤتمر صحافي عقده في المنامة أول من أمس، أن الأمم المتحدة كانت قد قررت إرسال لجنة للتقصي الى البحرين، لكنها فضلت التريث ريثما تخرج اللجنة الجديدة بتقريرها. وأشار الى أنه «سيرفع مسألة استمرار فصل الموظفين المخالف للقانون إلى الملك بصورة فورية». وعن قوة الدفاع، قال «سنلتقي القائد العام لقوة الدفاع، وهم ليسوا فوق القانون كما أنهم خاضعون لقرار الملك، أسوة ببقية الجهات الرسمية الأخرى». وأكد «استقلالية عمل اللجنة وسرية مصادرها»، وأنها ستستقي معلوماتها من كل المصادر وعلى الإدارات الرسمية التعاون معها، كما ستستقبل «شهادات الأفراد المعنيين وخصوصاً أصحاب الشكاوى». وأوضح أن اللجنة دشنت موقعاً إلكترونياً تسلمت عبره حتى الآن 752 رسالة إلكترونية لشكاوى حقيقية ووجهات نظر، موضحاً أنه سيضمّن التقرير توصية بتعويض ضحايا الانتهاكات مادياً ومعنوياً.
وقال بسيوني إن التحقيق سيشمل «كل انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت في شهري شباط وآذار الماضيين، وأسباب مقتل 33 شخصاًَ، وحالات الإصابات والجرحى والتي وصلت إلى نحو 400 إصابة، وادعاءات التعذيب، ووقائع ما حدث للطاقم الطبي، ومسألة فصل 3000 موظف وإقصاء طلبة من الحصول على البعثات والفصل من الجامعات». كما أن اللجنة ستزور مراكز الإيقاف التابعة لوزارة الداخلية.
وقد عقدت جمعية «الوفاق» مؤتمراً صحافياً قالت فيه إن لديها لقاءً خاصاً مع بسيوني اليوم، ستعرض خلاله ملاحظاتها على عمل اللجنة. بعضها يتعلق بمنهجية عمل اللجنة وكيفية التواصل معها، والموقع الإلكتروني الخاص بتسلّم شكاوى المواطنين، والذي يعمل في «سيرفر» من البحرين، «ما يجعله عرضة للتجسس، وهذا ما يساهم في زرع الخوف في نفوس المواطنين». وأشارت الى أنها «ستتقدم بطلب للجنة لإطلاق سراح جميع المعتقلين والموقوفين والمحكومين».
وأعلن ناشطون أن السلطات أفرجت عن محمد بوفلاسة، وهو ضابط سني سابق انضم الى الاحتجاجات بعدما ألقى خطاباً في ساحة اللؤلؤة. وعاد بوفلاسة الى منزله مساء أول من أمس وسط تصفيق الحشود التي استقبلته. وروى شاهد «الكل كان يهتف «إخوان سنّة وشيعة هذا البلد ما نبيعه» وكان (بوفلاسة) يبكي ويلوّح للناس».
(الأخبار)