استؤنفت أمس المحادثات الرامية إلى التوصل إلى حلّ سياسي في اليمن، مع عودة بعض الوفود إلى سلطنة عمان لإعادة إحياء المفاوضات بين أطراف الأزمة. ورغم استمرار المعارك العسكرية جنوباً وشرقاً، واتخاذها بعداً جديداً مع دخول قوات برية إلى الاراضي اليمنية وبعد التغيرات العسكرية الأخيرة، تبدو هذه المرحلة من المحادثات السياسية مختلفة عن سابقاتها، حيث يتجه الجميع إلى مسقط مع نية مسبقة للتوصل إلى حلّ جدّي ينهي خمسة أشهر من العدوان، وفقاً لتصريحات المبعوث الدولي اسماعيل ولد الشيخ الموجود حالياً في مسقط.
وعلمت «الأخبار» أن وفد «أنصار الله» وصل يوم أمس، إلى العاصمة العمانية، بالإضافة إلى شخصيات سياسية أخرى من صنعاء، على أن ينضم اليهم وفد عن حزب «المؤتمر الشعبي العام» في وقتٍ لاحق، متجهاً من القاهرة إلى مسقط. ويتكوّن وفد «أنصار الله» من المتحدث باسم الحركة محمد عبد السلام، ومسؤول العلاقات الخارجية حسين العزي، وأعضاء المكتب السياسي، مهدي المشاط وعبد الملك العزي؛ بمرافقة يحيى دويد عن «المؤتمر» وقاسم سلام عن حزب «البعث».
المحادثات المحاطة بسرّية تامة، ستتخللها لقاءات مكثفة مع ولد الشيخ، الذي أعلن في وقتٍ سابق استعداد جميع الأطراف لقبول اتفاق سياسي ينهي الحرب، بناءً على المبادرة المؤلفة من 7 نقاط التي يحملها، بعدما عرضها على الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي. وبدوره أكد العربي، أمس، خلال لقائه المبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط ودول أفريقيا ميخائيل بوغدانوف دعم الجامعة لكل الجهود الدبلوماسية التي من شأنها التوصل إلى حلول سلمية للأزمات الراهنة في المنطقة، ولا سيما في اليمن.
في هذه الأثناء، وفيما تضطلع مسقط بدورٍ كبير في مسار الحلّ السياسي في اليمن، كشفت السلطنة يوم أمس، عن دورها كوسيط في عملية إطلاق سراح الرهينة الفرنسية إيزابيل بريم التي كانت مختطفة في اليمن منذ شباط الماضي، ووصلت إلى السلطنة يوم أمس، قبل أن تتجه إلى بلادها؛ وهي ليست المرة الأولى التي تقوم فيها مسقط بدورٍ مماثل، إذ مثلت عام 2011 محطة عبور لثلاثة فرنسيين عاملين في مجال حقوق الانسان بعد اطلاق سراحهم بنحو متعاقب من اليمن.

معركة تعز لن تكون سهلة

وفيما يجري تركيز التحالف حالياً على عدد من المحافظات في الشرق (مأرب وشبوة) والجنوب (أبين)، حيث يحشد لمعارك إضافية، تروج مصادر قريبة من التحالف لكون السيطرة على محافظة تعز (وسط) باتت وشيكة، ولانتظار قوات الرئيس الفار عبد ربه منصور هادي «الساعة الصفر» لشنّ هجوم شبيه بما شهدته عدن ولحج في الأسابيع الاخيرة. وكان وزير الداخلية اليمني في الحكومة المستقيلة، عبده الحذيفي، قد أكد أن «عملية الحسم في تعز قد تبدأ خلال يومين».

ذبح عناصر
«القاعدة» باعة متجولين في عدن لأنهم شماليون

غير أن معطيات عدة تشير إلى أن معركة تعز لن تكون شبيهة بما جرى في عدن أو لحج. أولاً، إن طبيعة المحافظة الواقعة في وسط البلاد، تختلف عن المدينتين الجنوبيتين، إذ تغلب عليها الجبال والمسالك الوعرة، فيما تعد عدن ولحج مدينتين ساحليتين مفتوحتين أمام الطيران. ثانياً، لا تزال قوات الجيش و«اللجان الشعبية» تحافظ على مواقعها في المحافظة، ولا سيما في مدخل تعز من جهة مدينة المخاء الساحلية، القريبة من باب المندب. وتجري حالياً تحركات لمسلحي حزب «الإصلاح» و«القاعدة» في المدينة لتفجير جبهة منطقة طور الباحة المحاذية لمحافظة لحج، وتؤكد مصادر من تعز أن المنطقة «لا تزال تحت أنظار الجيش».
وكانت قد وردت أنباء فضلاً عن تصريحات لبعض قيادات العدوان، حول عزمهم على القيام بإنزال بري في ميناء المخاء على غرار دخول القوات الإماراتية ـ السعودية في عدن. وقد استبقت قوات الجيش هذا العمل بتعزيز القوات العسكرية في ميناء المخاء، إضافة إلى أن أهالي المخاء أصبحوا جميعاً في صف الجيش و«اللجان الشعبية»، خصوصاً بعد المجزرة الأخيرة في المدينة السكنية. وما زالت منطقة عصيفرة والروضة وشارع الأربعين، تشهد اشتباكات عنيفة وتقدماً للجيش وتضييقاً، فيما تسود في صفوف هذه الجماعات خلافات بين مقاتلي حزب «الإصلاح» والمقاتلين السلفيين، ومقاتلين آخرين من ذوي السوابق الجنائية. ويحاصر مسلحو «الاصلاح» و«القاعدة» قريتي مشرعة وحدنان، حيث أحرقوا عدداً من المنازل بسكانها في جريمة إبادة جماعة، في ظلّ صمت وجهاء المنطقة.

مذابح في عدن

وبعدما دخلت قوات سعودية ويمنية إلى اليمن، أول من أمس، عبر منفذ الوديعة الحدودي، أكدت مصادر أمنية أن الغرض من التعزيزات التي دخلت حضرموت، التوجه إلى مأرب وشبوة، لدعم المجموعات المسلحة المؤيدة للرئيس الفار عبد ربه منصور هادي هناك. وتحشد المجموعات المسلحة لمعركة في شبوة، لشنّ زحف محتمل على مأرب وشبوة. وقال مصدر في «الإعلام الحربي» إن الجيش و«اللجان الشعبية»، يعملان على توحيد الجبهات وتجميع الصفوف للتصدي للغزو. أما في لحج التي سيطرت المجموعات المسلحة فيها على قاعد العند العسكرية، فقال المصدر إن قوات الغزو الإماراتي السعودي وعناصر «القاعدة» حاولوا بغطاء جوي كثيف التقدم باتجاه معسكر لبوزة في لحج، فيما تصدى لهم الجيش و«اللجان الشعبية» في معركة أدت إلى مقتل 26 منهم.
أما في عدن، فقد قامت المجموعات المسلحة المدعومة بقوات إماراتية سعودية بذبح عشرات الباعة المتجولين في شوارع عدن، بـ«تهمة» أنهم من الشمال. وجابت سيارات في شوارع المدينة الجنوبية، تحمل مكبرات الصوت تدعو فيها الشماليين لمغادرة الجنوب وتحذرهم من البقاء فيه. وعلى الحدود اليمنية ـ السعودية، أعلنت قيادة قوات التحالف الذي تقوده السعودية، يوم أمس، مقتل جندي سعودي من «الحرس الوطني»، بعد إصابته بقذيفة في محافظة نجران.
(الأخبار، الأناضول)