مؤتمر إسطنبول يُنشئ «مجلس إنقاذ وطنياً»

فشل «مؤتمر الإنقاذ الوطني» الذي استضافته إسطنبول أول من أمس في تبني إنشاء حكومة إنقاذ وطني بعد التحفظات التي أثارها إعلان الخطوة. في المقابل، توصل المشاركون إلى حل وسط، يقضي بإنشاء مجلس «إنقاذ وطني» من مختلف الأطياف السورية
في خضم فورة المؤتمرات للتباحث بشأن التطورات في سوريا، استضافت إسطنبول مؤتمراً جديداً خلال اليومين الماضيين بمشاركة أكثر من 300 معارض سوري تحت شعار «مؤتمر الإنقاذ الوطني»، خلص إلى تأليف هيئة للإنقاذ الوطني، من دون تخطي الخلافات في وجهات النظر التي برزت بين أعضائه، سواء بالنسبة إلى إمكان تأليف حكومة ظل أو تبني مطالب الأكراد.

وقرر المؤتمر، الذي طغى على حضوره الإخوان المسلمون، تأليف هيئة تضم 75 عضواً يمثلون الداخل والخارج لإدارة المرحلة الانتقالية، بالإضافة إلى العمل على تأليف حكومة وحدة وطنية للمرحلة الانتقالية، وتصعيد العمل السلمي داخل سوريا، بما في ذلك العصيان المدني. وحدد البيان مهمات حكومة الوحدة الوطنية المقترحة في تفكيك الدولة الأمنية، ووضع أسس حياة دستورية وبناء دولة مدنية تعددية وديموقراطية أساسها المواطنة وتستند إلى دستور عصري. واستكملت الشخصيات المعارضة التي شاركت في المؤتمر اجتماعاتها أمس بهدف إعلان أسماء المشاركين في الهيئة. وأوضح رئيس المكتب السياسي للحركة الشعبية للتغيير في سوريا، وائل الحافظ، أن المشاركين سينتخبون 25 شخصاً يمثلون مؤتمر إسطنبول، يضاف إليهم 50 ممثلاً آخرين عن الداخل، أي ما يساوي في الإجمال 75 شخصاً من المفترض أن يعينوا مكتباً تنفيذياً سيمثل الثورة السورية، لتفادي الانتقادات التي وجهت إلى المؤتمر، على اعتبار أنه لا يملك صفة تمثيلية كافية للتحدث باسم المعارضة السورية بمجملها.
وأتى إعلان هذه المقررات، بعدما تخطى المؤتمر الجدل الذي ساد بين إعضائه في عدد من المواضيع، ومن بينها تحديد ما إذا كان من المناسب تأليف حكومة ظل أو الانتظار لمعرفة كيف ستتطور الاحتجاجات، وذلك بعدما أعلنت كتلة «أحرار سوريا» انسحابها من المؤتمر.
ورأى المنسق العام الشيخ علي المزيد التركاوي أن «حكومة الظل هي رديف للسلطة، وهذا المتعارف عليه، ونحن نرفض هذا الشيء». وقال: «نحن جئنا لهذا المؤتمر لنكون داعماً للثورة، ونحن نرفض التسلق على دماء الشهداء، لذلك أعلنا الانسحاب».
وفي السياق، أوضح المعارض برهان غليون، الذي حضر المؤتمر بصفة مراقب، لموقع «إيلاف» الإلكتروني أن «أي حكومة ظل تصدر عن المؤتمر خط أحمر، وهي قنبلة بحضن المعارضة وبحضن الثورة لتمزيقها»، فيما أكد لوكالة «فرانس برس» أن «من يعقد الاجتماع هو التيار الإسلامي، الكثير من التشكيلات الإسلامية، الإخوان المسلمون وآخرون أيضاً»، مشيراً إلى أنهم «يحاولون الالتقاء والانتظام والتموضع في عملية تتغير باستمرار». وأضاف: «البعض كانوا ينوون تأليف حكومة مؤقتة، إلا أن هذا الأمر لا معنى له اليوم، إنه سابق لأوانه، الجميع يعارضون ذلك».
أما الناشط هيثم المالح، فحاول الدفاع عن طرحه لحكومة الظل، مشيراً إلى أنه أسيء فهمه. وأشار إلى أن «الخلافات بين المعارضة بشأن كراسي حكومة الظل جاءت من جراء عدم فهم البعض للفكرة التي تقوم عليها؛ فهي ليست حكومة لانتقال السلطة، بل حق أصيل من حقوق أي تنظيم معارض». وأكد أن «معارضة الداخل هي الأساس، وأن معارضة الخارج تعمل على تقديم الدعم والمساندة».
عقبة إضافية واجهت المؤتمر، تمثلت بانسحاب معظم المشاركين الأكراد اعتراضاً على ما عدّوه تهميشاً لهم ولحقوقهم، مبدين اعتراضهم على عبارة «الجمهورية العربية السورية» الواردة في شعار المؤتمر. وفي محاولة لاسترضائهم، عمد المنظمون إلى استبدال العبارة بـ«الجمهورية السورية» في محاولة لإرضاء ممثلي الأكراد المنسحبين، ومن بينهم تيار المستقبل الكردي في سوريا، الذي أكد عدم الالتزام بنتائج المؤتمر.
من جهته، أوضح الصحافي حكم البابا أنه «إلى جانب اعتراض بعض الفصائل الكردية على الحديث عن عروبة سوريا، برزت كذلك محاولة العشائر البحث عن تمثيل أكبر، في ظل غياب واضح للعناصر التي تقود العمل الشعبي في الداخل السوري».
وكانت مداخلات المشاركين في المؤتمر قد تركزت على انتقاد الحل الأمني في سوريا، ودعوة المعارضة إلى توحيد جهودها. وقال الناشط حسن نجار من حلب، الذي يعيش في المنفى في ألمانيا، إنه «يشعر بأن الوضع بلغ نقطة اللاعودة، وأن النظام بلغ حداً لا يستطيع التراجع عنه بعد إراقة كل هذه الدماء». وتابع قائلاً إن السؤال المطروح بعد 41 عاماً هو كيف يكون توحيد معارضة متشرذمة، مضيفاً أن ما تحقق بعد أربعة أشهر فقط هو بمثابة معجزة.
من جهته، أطلق المعارض وائل الحافط دعوة إلى العصيان المدني، بعدما أكد أنه يساند كل ما يوحّد الشعب السوري ويساعد المواطنين في الداخل ويوحّد صفوف المعارضة في مواجهة النظام السوري، لافتاً إلى أن المعارضة تريد تصعيد المواجهة السلمية من خلال عصيان مدني وتضييق الخناق على النظام اقتصادياً وشل الدولة بأقل خسائر ممكنة.
أما الناشط الكردي، مشعل التمو، فرأى في مداخلة هاتفية من دمشق أن «النظام فقد شرعيته. لا يمكنه أن يبقى في الحكم بعد الدماء التي سالت، عليه أن يلبي مطالب المعارضين ويتنحى عن الحكم بطريقة سلمية»، وذلك بعدما تعذر انعقاد اجتماع المعارضين في الداخل.
وفي السياق، أوضح عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر، الناشط وليد البني أنه «كان من المفترض أن يشارك 150 من شباب الثورة في مؤتمر يعقد في التوقيت نفسه في «القابون» بدمشق، مشيراً إلى أن «الخلافات في المؤتمر مصدرها غياب خبرة الحوار بين أطياف المعارضة، وسيطرة نظام الحزب الواحد على البلاد». أما المراقب العام السابق للإخوان المسلمين في سوريا، علي صدر الدين البيانوني، فقال إن الناس يطالبون المعارضة بالإسراع بتوحيد صفوفها كي يتعاملوا معها كبديل يحظى بصدقية، لافتاً إلى أنه لم يحن وقت التنافس على البرامج التفصيلية لأطياف المعارضة؛ إذ يتعين على الجميع إنجاز التغيير الوطني الديموقراطي، إلى أن يحين وقت التنافس.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)