تجمع عشرات الآلاف من معارضي الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، في عدة مدن يمنية أمس، ولا سيما في صنعاء وإب وتعز وأقاموا صلاة الجمعة، قبل أن يخرجوا في تظاهرات في إطار ما أطلقوا عليه «جمعة الدولة المدنية»، وذلك في أعقاب جدل واسع ساد ساحات الاعتصام بعد دعوة رجل الدين، عبد المجيد الزنداني، إلى إقامة دولة إسلامية في اليمن. وفي أعقاب صلاة الجمعة، انطلق مئات الشباب في تظاهرة نحو منزل نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي في صنعاء، إلا أن التظاهرة سرعان ما تفرقت، بعدما دعا التجمع الوطني للإصلاح مناصريه إلى العودة إلى منازلهم بحجة الخوف من بلطجية مندسين بين الشباب، فيما تجمع الآلاف من أنصار الحزب الحاكم في ساحة مسجد الصالح بصنعاء في ما سموه «جمعة الامتنان والعرفان لخادم الحرمين»، في إشارة إلى استضافة السعودية لصالح للعلاج منذ الرابع من حزيران الماضي، الذي يبدو أن وضعه الصحي قد تحسن بعد التفجير الذي استهدفه في الثالث من حزيران. وأكد شباب محتجون أن الانقسامات تنتشر بين معارضي النظام في صنعاء، وباتت مواقعهم في ساحة الاعتصام منقسمة، وسط مخاوف لدى بعض مكونات المعارضة إزاء دور القوات اليمنية المنشقة المؤيدة للثورة بقيادة اللواء علي محسن الأحمر، وإزاء الخطاب الديني للتجمع الوطني للإصلاح الذي يمثل فكر الإخوان المسلمين. وفي السياق، أصدر العشرات من المثقفين والناشطين السياسيين والحقوقيين والإعلاميين أمس بياناً احتجوا فيه على ما قام به «الزنداني وتياره المتشدد الجهادي من تحريض على الدولة المدنية»، متهمين رجل الدين بأنه «يريد صرف مسار الثورة منذ اللحظة الأولى بالقوة عبر خطابه في ساحة التغيير، حيث ادعى أن الثورة هي من أجل إقامة دولة الخلافة الراشدة، وأنها من أجل إقامة دولة الخلافة الإسلامية». وطالب البيان حزب الإصلاح، الذي يمثل الزنداني أحد رموزه، بتحديد موقف واضح وجلي من دعوات ونشاط الزنداني وفريقه المهدد للثورة والمعرقل للانتصار، والمروع للثورة في ساحتها الرئيسية.
كذلك طالب البيان حزب الإصلاح واللقاء المشترك ولجنة الحوار الوطني بـ«إدانة مثل هذا التيار الظلامي الذي يدفع الناس جميعاً للخوف من طالبان اليمن»، بالتزامن مع دعوته المحتجين في الساحات اليمنية إلى «أن ينتصروا للشرعية الثورية وأن يتجاوزوا بالقول والفعل محاولات الوصاية على الثورة أو التحدث باسمها من قبل أعداء الثورة والحرية والكرامة والمساواة».
في هذه الأثناء، أكد المتحدث باسم تجمع شباب «حسم الثورة»، صفوان المجدلي، أن «هناك برنامجاً تصعيدياً خلال الأيام الثلاثة القادمة» وأن هذا البرنامج سينفذ «قبل أن يعود الرئيس المخلوع»، وذلك بعدما اتخذت أحزاب المعارضة خلال اجتماع أول من أمس مع ممثلي الشباب المحتجين قراراً بتصعيد التحرك وإخراج التظاهرات إلى مسارات أكثر تقدماً باتجاه معاقل المؤيدين للنظام، بالتزامن مع إعلان عودة الرئيس صالح يوم الأحد، كما سربت أوساط مقربة منه.
في المقابل، كشفت مصادر في المعارضة اليمنية لصحيفة «البيان» الإماراتية أن تكتل «اللقاء المشترك» أقر تأليف «مجلس وطني» بدلاً من فكرة إنشاء «مجلس انتقالي» يضم كافة الأطراف السياسية، «بما فيها حزب العدالة والبناء المنشق عن الرئيس علي عبد الله صالح والحراك الجنوبي ومعارضة الخارج»، من دون تقديم المزيد من التفاصيل في الموضوع.
في غضون ذلك، قتل مدير أمن مديرية شرعب الرونة، في شمال تعز مع اثنين من مرافقيه أمس في كمين نصبه مسلحون قبليون معارضون للنظام، فيما قتل مدنيان في قصف قوات الحرس الجهوري لشمال المدينة وسط توتر شديد بين القوات الحكومية الموالية للرئيس علي عبد الله صالح والمسلحين القبليين المعارضين في تعز والمناطق المحيطة. وأكدت مصادر قبلية أن قوات الحرس الجمهوري قصفت الأحياء الشمالية لمدينة تعز، ما أدى إلى مقتل مدنيين اثنين وإصابة 15، وذلك في أعقاب ساعات من الاشتباكات مع مسلحين معارضين.
إلى ذلك، فرضت بريطانيا، وفقاً لصحيفة «دايلي ستار» البريطانية، على جميع اليمنيين المسافرين عبر أراضيها على الرحلات الطويلة، الحصول على تأشيرة دخول، حتى لو توقفوا بمطاراتها في طريقهم إلى بلد ثالث كجزء من استراتيجية مكافحة الإرهاب الجديدة التي اعتمدتها الحكومة البريطانية.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)