القاهرة | ساد ميدان التحرير، أمس، هدوء نسبي، واستقبل الثوار المعتصمون موظّفي المجمّع العائدين إلى أعمالهم بالتصفيق والهتاف: «المجمّع فُتح بأمر الثوار، لازم تعرف يالّي منا، إحنا منك هنا في الدار»، على وقع الأناشيد والأغاني الوطنية، موضحين لهم أن إغلاقهم للمجمع كان مجرد ورقة ضغط على الحكومة والمجلس العسكري الحاكم.وقد أخلت اللجان الشعبية لحماية الميدان، الساحة نسبياً من الباعة الجوالين عقب افتعال إحدى البائعات مشكلة مع أحد المعتصمين. أما في الإسكندرية، فقد ألقت اللجان الشعبية القبض على عدد من «البلطجية»، أثناء محاولتهم إخفاء أسلحة بيضاء في أركان حديقة ميدان المنشية. وقال مسؤول اللجان الشعبية إن الشباب حققوا مع «البلطجية»، وتبين أن محرضهم هو عضو مجلس الشعب الأسبق عن الحزب الوطني «المنحل»، خالد خيري، وصاحب توكيل إحدى شركات الملاحة الإسرائيلية. أحد «البلطجية» اعترف بأن النائب طلب منه محاولة فض الاعتصام، في مقابل مبلغ مئة ألف جنيه، «لم يتسلمها بعد». بلطجي آخر «لم يبال بما يحدث حوله»، حذّر المعتصمين من أنه «حتى لو مسكتونا... فيه ناس غيرنا كتير جايين». وقد أدلى هؤلاء باعترافاتهم لـ«محامي الاعتصام»، ووقعوا على أقوالهم لحين اتخاذ قرار بتسليمهم إلى القضاء، أو إلى قيادة المنطقة الشمالية العسكرية. وفي آخر أنباء الاعتصام المفتوح، أعلن منظمو الحدث في المدينة الساحلية نفسها دخول 25 ناشطاً سياسياً من «حركة 6 أبريل» في إضراب عن الطعام، منذ مساء أول من أمس، مهدّدين بتزايد أعداد المضربين خلال المرحلة المقبلة إلى 150 شخصاً.
وكانت جماعة «الإخوان المسلمين» قد أعلنت انسحابها من الاعتصام، وأصدرت بياناً توضح فيه الأسباب على قاعدة أنها «لن تشارك في أي عمل غير سلمي يعطل مصالح الشعب المصري، ويضر بالاقتصاد القومي». أما «الجماعة الإسلامية» فظلت مصرة على موقفها السلبي من اعتصام «ميدان التحرير». وفي بيان جديد صدر عنها، أعلنت ولاءها المطلق للمجلس العسكري، وقدّرت فيه «سعيه الحثيث إلى تسليم الحكم لحكومة مدنية منتخبة، وإجراء الانتخابات البرلمانية أولاً، وتأليف حكومة وطنية»، واصفةً معظم من في ميدان التحرير بأنهم «باعة جائلون وبلطجية». وقد دعت الجماعة «شرفاء مصر» إلى أن «يقفوا صفاً واحداً فى مواجهة أي تعطيل لمؤسسات الدولة عن العمل، وأي محاولة لجر البلاد إلى الصدام بين الشعب والقوات المسلحة»، وهو ما أيده المتحدث باسم الجماعة عاصم عبد الماجد، الذي أكد موقف الجماعة الرافض لاعتصام التحرير، «ومحاولات القفز على السلطة وإشاعة الفوضى، ومحاولات إملاء الآراء على الجيش والسلطة».
ورأى عبد الماجد أن المعتصمين في الميدان «لا يمثلون الشعب المصري، ومطالبهم ليست مطالب الشعب». ووصل به الأمر إلى اعتبار أن هؤلاء «سرقوا شعار الشهداء ليقفزوا به فوق الثورة، ولي ذراع السلطة الشرعية»، جازماً بأن تظاهرة يوم الجمعة «لم يصل العدد فيها إلى عشرة آلاف شخص معظمهم من الباعة الجوالين والبلطجية».
ورفض كل من «المرصد المصري للعدالة والقانون» و«الشبكة العربية العربية لمعلومات حقوق الإنسان» خطاب التحريض والإقصاء الصادر عن الجماعة الإسلامية، ووضعاه في خانة «النفاق والممالأة للحكومة والمجلس العسكري». وقالت المنظمتان: «من المفهوم أن تختلف الجماعة الإسلامية مع ملايين المصريين ممن نزلوا إلى ميادين الثورة، لكن من غير المفهوم أن تحرّض ضد الشباب والمواطنين الذين خرجوا للمطالبة بالعدالة وبإنصاف الشهداء».
من جهة ثانية، التقى المرشحون الرئاسيون تحت سقف واحد؛ ففي اجتماع مغلق في نقابة الصحافيين، ناقش المشاركون «الوضع في ميدان التحرير، ورسم سيناريو للأيام المقبلة بعد إعلان مليونية الإنذار الأخير» يوم الجمعة المقبل. واتفق المجتمعون، من مرشحين رئاسيين وقوى سياسية من مختلف الانتماءات، على تأييد الاعتصامات والحفاظ على سلميتها، واستكمال باقي مطالب الثورة، من تأليف حكومة جديدة ورفض الموازنة الحالية، وإقرار موازنة جديدة شعارها العدالة الاجتماعية.
ومن بين المرشحين الذين حضروا اللقاء، هشام البسطويسي وعمرو موسى وأيمن نور وحمدين صباحي الذي قال إنه «يؤيد الاعتصام، على ألا يعطل مصالح المواطنين». وشدد صباحي على أنه لا بد من تأليف حكومة انتقالية من الليبراليين والإسلاميين والقوميين واليساريين. أما عمرو موسى، الذي غادر الاجتماع قبل انتهائه، فقد طالب بدوره بحكومة سياسية لها صلاحيات محددة، معرباً عن رأيه باستمرار عصام شرف رئيساً للحكومة. أما أيمن نور، فحث الحكومة على وضع جدول زمني لتحقيق المطالب، موضحاً أنه ليس مع شرف ولا مع حكومته، رافضاً المشاركة في أي حكومة انتقالية، «إلا إذا كانت حكومة ائتلافية».



الانتخابات التشريعيّة إلى تشرين الثاني

نقلت وكالة «أنباء الشرق الأوسط» المصرية الحكومية، أمس، عن مصدر في «المجلس الأعلى للقوات المسلحة»، أمس، تأكيده أن قراراً صدر بتأجيل إجراء الانتخابات البرلمانية لمجلس الشعب والشورى، التي كانت مقررة في أيلول المقبل، لمدة تصل إلى شهرين. وأوضح المصدر أن المجلس العسكري «ملتزم بما قرره في الإعلان الدستوري الذي أقر في مادته الـ41 أن تبدأ إجراءات انتخابات مجلسي الشعب والشورى خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بالإعلان الذي صدر نهاية شهر آذار الماضي، ما يعني بدء الإجراءات الخاصة بانتخابات مجلسي الشعب والشورى قبل نهاية شهر أيلول المقبل». وتابع قائلاً إنّ «الانتخابات ستُجرى بعد إعلان بدء الإجراءات الخاصة بالانتخابات بفترة لا تقل عن 30 يوماً، وقد تصل إلى 50 أو 60 يوماً، ما يعني إجراء الانتخابات خلال شهر تشرين الأول أو تشرين الثاني المقبلين». وأشار إلى أن «تحديد موعد بدء إجراءات انتخابات مجلسي الشعب والشورى ثم موعد الانتخابات الرئاسية يخضع لاعتبارات أمنية وتنظيمية، والظروف التي تمر بها البلاد بداية من شهر رمضان ثم عيد الفطر ومن بعده موسم الحج وعيد الأضحى»، على أن تكون المهمة الاساسية للبرلمان المقبل «وضع دستور جديد للبلاد تجري على أساسه الانتخابات الرئاسية».
وفي سياق ترجمة قرارات رئيس الحكومة عصام شرف، كشفت وزارة الداخلية أنها أحالت على التقاعد 669 من كبار ضباط الشرطة يتهمهم المصريون بالتورط بجرائم قتل وتعذيب.
(أ ف ب، رويترز)