فجّر رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي، أول من أمس، قنبلة سياسية من العيار الثقيل، يُخشى أن تطال شظاياها كامل أرجاء العراق على الأقل، عندما أعلن، في لقاء له مع فضائية «الحرة» الأميركية، أنّ المواطنين العراقيين العرب من المذهب السنّي قد يفكرون في الانفصال عن العراق. وقال النجيفي من واشنطن التي يزورها، إن «هناك إحباطاً سنّياً في العراق، وإذا لم يعالج سريعاً، فقد يفكّر السنّة في الانفصال»، فيما فسّرته بعض وكالات الأنباء بأنه إشارة إلى دعوات سابقة ظهرت في محافظة الأنبار دعت إلى إنشاء إقليم الأنبار، وهو المحافظة الأكبر مساحة في العراق، والتي تُعتبَر عقر دار العرب السنّة في بلاد الرافدين. وتضمّنت الدعوات التي يبدو أن النجيفي كان يستوحي منها كلامه، تلميحاً إلى احتمال انضمام محافظات مثل صلاح الدين والموصل إلى الأنبار، وفق ما جاء في الدستور الذي يبيح إنشاء الأقاليم وفق هذه الصيغة. غير أن مثل هذه الدعوات لقيت معارضة داخل البرلمان، وأيضاً من قبل تشكيلات سياسية ومنظمات سنّية في الأنبار وخارجها. وجاءت ردود الفعل المستاءة من تلويح النجيفي بانفصال سنّة العراق من حلفاء النجيفي أولاً، إذ نقل مقرّبون من رئيس «العراقية»، إياد علاوي، الفائز الأول في انتخابات 7 آذار 2010، «صدمته» من توقيت التصريحات التي فجّرها حليفه النجيفي، مؤكدين أن هذا الكلام لم يكن وليد تنسيق مع علاوي. ولفت المقرّبون من زعيم «العراقية» إلى أن الأخير يعتبر تصريح النجيفي بمثابة «ضربة قاصمة» له وللقائمة التي يتزعمها. وبحسب ما نقلته بعض المصادر عن علاوي، فإنه قال «ورّطنا النجيفي في ورطة كبيرة، وعليكم معالجتها بأي صورة. نرفض هذا التصريح بالكامل». وفي السياق، أعرب الأمين العام لـ«حركة العدل والإصلاح»، الشيخ عبد الله حميدي عجيل الياور، المشارك في «العراقية»، عن أسفه لتصريحات رئيس البرلمان، واضعاً إياها في خانة «مخالفة الدستور العراقي». وقال الياور لوكالة «أصوات العراق»: «نأسف جداً لتلك التصريحات التي لوّح فيها النجيفي بانفصال السنّة بسبب الإحباط الذي أصابهم جرّاء العملية السياسية»، مشيراً إلى أن «وجود حاكم غير مقبول من شركائه لا يدعو إلى تقسيم العراق، بل إلى البحث عن شركاء جدد في العملية السياسية». وأضاف الياور أن «أهالي نينوى وكركوك وصلاح الدين والأنبار ليسوا أقل وطنية وغيرة على بلدهم من أهالي البصرة الذين رفضوا التقسيم قبل سنتين، علماً بأن البصرة فيها أكبر احتياطي للنفط في العراق، وتعتبر ميناء العراق الوحيد على العالم وبوابته». وتساءل الياور «لماذا الانفصال؟ هل هو ضمن مطالب الشعب في ساحة الأحرار في الموصل؟ فهؤلاء ينادون بوحدة صف العراقيين بكل أعراقهم وطوائفهم». ووصل استنكار الياور إلى حدّ اعتباره أن «التفكير في الانفصال يُعدّ تهرباً من تحمّل المسؤولية وتغطية على فشل الأداء السياسي للمسؤولين العراقيين».
يُذكَر أن النجيفي يقوم بأولى زياراته للولايات المتحدة مع وفد من قائمته «العراقية». ووُصفت الزيارة بأنها «للتشاور» مع الإدارة الأميركية في الانسحاب المقرر لقوات الاحتلال من العراق في نهاية العام الجاري، وسط تقارير تشير إلى أن حكومة نوري المالكي ستتقدم بطلب استمرار بقاء بعض القوات الأميركية في البلاد.
(الأخبار)