تتجه بعض أطياف المعارضة اليمنية الجنوبية المؤيدة إلى مطلب فك الارتباط عن الشمال للتصعيد من تحركاتها الهادفة إلى الدفع بخيارها في الفترة المقبلة، متجاهلةً وجود تحفظات لقيادات في الحراك الجنوبي على أي تصعيد عسكري، والدعوات الموجهة لها لاحترام الثورة اليمنية. ورغم أن مؤتمر بروكسل، الذي عقدته مجموعة من الشخصيات الجنوبية قبل يومين لمناقشة سبل توحيد القوى الجنوبية خلف مطلب فك الارتباط، أقّر في بيانه الختامي الترتيب لعقد مؤتمر وطني جنوبي موسع يخص أبناء الجنوب عموماً، والذين يتفقون مع مطالب الانفصال، فضلاً عن التواصل مع جميع الشخصيات والقوى الوطنية والسياسية الجنوبية لتشكيل قيادة سياسية موحدة حتى انعقاد المؤتمر الوطني، ودعوة دول الجوار لدعم مطالب الانفصال، إلا أن التوجه للتصعيد بدا واضحاً من خلال دعوة نائب الرئيس اليمني السابق، علي سالم البيض، إلى السيطرة على «مزيد من مناطق جنوب اليمن لفرض واقع على الأرض من أجل جلب اعتراف إقليمي ودولي للقضية الجنوبية».
وخاطب البيض، في كلمته، المشاركين قائلاً «ستسمعون في الأيام المقبلة مزيداً من الانتصارات لأهلنا في الجنوب للسيطرة على مزيد من المناطق»، مضيفاً «كلما استطعنا أن نثبت أقدامنا على الأرض، استطعنا أن نضمن مزيداً من التأييد ومزيداً من الدعم لقضيتنا في الداخل والخارج».
وبعدما أشار البيض إلى وجود اهتمام دولي بالوضع الجنوبي، وتعهد بالتعاون مع المجتمع الدولي لحماية مصالحه في المنطقة، أبدى تجاوبه مع فكرة إجراء استفتاء في جنوب اليمن على ثلاثة خيارات، هي: الوحدة أو الفيدرالية أو الانفصال عن الشمال، تحت عنوان «حق تقرير المصير»، معتبراً أن الشعب في الجنوب سيصوت «لاستقلاله وتحرره»، بعدما وصف الوحدة بأنها ماتت ودفنها نظام الرئيس اليمني علي عبد الله صالح في الأرض.
موقف لا توافق عليه مجموعة أخرى من القيادات الجنوبية المعارضة، بينها الرئيس اليمني السابق علي ناصر محمد ورئيس الوزراء السابق حيدر أبو بكر العطاس، اللذان ترى أوساطهما أن مؤتمر بروكسل ليس سوى رد غير مباشر على مؤتمر القاهرة الذي عقد قبل أسابيع بحضورهما، وتبنى الخيار الفيدرالي لحل القضية الجنوبية.
وفي السياق، رأى محافظ أبين السابق، محمد علي أحمد، الذي كان من بين منظّمي مؤتمر القاهرة أن لقاء بروكسل «فاشل منذ البداية»، مشدداً على أنه لا يعوّل على أي شيء يصدر عن هذا اللقاء لكون المشاركين فيه «أقلية»، ولم يوجهوا الدعوة لمكونات الحراك الجنوبي.
بدوره، عبر الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني، الرئيس الدوري لتكتل أحزاب اللقاء المشترك، ياسين سعيد نعمان، قبل أيام بوضوح عن موقفه الرافض لمطلب فك الارتباط بقوله إن «الانفصال أو فك الارتباط، سمّه ما شئت، ليس له أفق وهو يضر بالجنوب أكثر مما يفيده من وجهة نظري».
وفي ظل تعدد الطروحات بين الجنوبيين بشأن سبل حل القضية الجنوبية، دعا القيادي في الحراك الجنوبي عمر جبران، في حديث مع «الأخبار» إلى عدم تغييب أي من وجهات النظر المطروحة لحل القضية الجنوبية، معتبراً أن التعددية في هذه المرحلة ظاهرة سلمية وصحية وتخدم القضية، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن مؤتمر بروكسل كان بإمكانه تفادي الاتهامات الموجهة له بعدم تمثيله للجنوبيين من خلال توسيع قاعدة المشاركين فيه.
في غضون ذلك، أبدى جبران تحفظاته على الدعوة إلى تصعيد العمل العسكري في الوقت الراهن، رغم تأييده النضال من أجل استعادة الدولة الجنوبية، لافتاً إلى أن العمل العسكري في هذا الظرف الذي تشهد فيه البلاد ثورة شعبية غير مناسب ولا يخدم القضية الجنوبية.
وشدد القيادي الجنوبي على أن الحراك، منذ انطلاقته، أصرّ على الحفاظ على سلمية تحركه رغم التضحيات التي قدمها خلال السنوات الماضية، ومن غير المقبول اللجوء إلى استخدام القوة في الظرف الراهن الذي تمر به البلاد.
وعن الأوضاع الأمنية الجنوبية، شدد جبران على أن ما يجري في الجنوب ليس له أي علاقة بعناصر تنظيم القاعدة، مؤكداً أن موضوع القاعدة كذبة يروّج لها علي عبد الله صالح، موجهاً أصابع الاتهام لعناصر محسوبة على النظام اليمني بالوقوف وراء الانفلات الأمني، ومشدداً على أن الجنوبيين قادرون على القضاء على المسلحين.
(الأخبار)