صنعاء | طوال الأسبوع الماضي، سعى عدد من المسؤولين في حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم لترويج أن الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، سيعود يوم الجمعة إلى اليمن، وعندما مضى نهار الجمعة ولم تظهر الطائرة الرئاسية في أجواء العاصمة اليمنية، تنفس المحتجون الصعداء، وازدادت ثقتهم بأن غياب الرئيس سيطول، ممنين أنفسهم بأن يتحلى نائب الرئيس عبد ربه هادي منصور بالجرأة الكافية لإمساك زمام السلطة، وأن تتخلى المعارضة ممثلة بأحزاب اللقاء المشترك عن انتظار كلمة السر الأميركية ـــــ السعودية، والتصعيد. إلا أن أي شيء من هذا القبيل لم يحدث خلال اليومين الماضيين، بل على العكس من ذلك، واصل المقربون من الرئيس اليمني إبقاء صالح حاضراً في المشهد السياسي والإعلامي. |
وكشف سكرتير صالح الإعلامي، أحمد الصوفي، أن الرئيس سيظهر أمام الإعلام خلال الثماني والأربعين ساعة المقبلة. أما الشكل الذي سيخرج به صالح، فبدا غامضاً مع إعلان الصوفي أن «الحروق على وجهه وأجزاء أخرى في جسمه ستكون عائقاً أمام ظهوره بالشكل الذي تتوقعه وسائل الإعلام»، فيما تولى القنصل العام اليمني في السعودية تكرير لازمة أن صالح وكافة المسؤولين اليمنيين الذين أصيبوا خلال القصف الذي استهدف جامع الرئاسة بخير وحالتهم الصحية تتحسن.
لكن الأهم أتى مع إعلان مصدر مقرب من صالح، ويعالج معه في السعودية، عن نية الأخير تقديم مبادرة جديدة، تتضمن اقتراحين: الأول يقضي بنقل كل السلطات إلى البرلمان، وأن يصبح رئيساً شرفياً لليمن، فيما يتمثل الاقتراح الثاني بتأليف حكومة ائتلافية، ثم إجراء انتخابات رئاسية مبكرة. ويأتي هذا الاقتراح الجديد بعد حزمة مبادرات تقدم بها صالح بداية من شهر شباط الماضي مع تصاعد وتيرة الثورة الشبابية على حكمه، الذي بدأ منذ عام 1978.
بداية مبادرات صالح كانت حين أعلن، في نوع من امتصاص موجة الغضب على حكمه وعلى الطريقة التي يدير بها النظام بنحو عائلي، أمام اجتماع مشترك لمجلسي النواب والشورى، أنه لن يورث الحكم لنجله أحمد قائد الحرس الجمهوري، ولن يمدّد لفترة حكمه، إضافة إلى عدم الترشح مرة جديدة للانتخابات الرئاسية. وقد قوبل هذا بالرفض الكلي وعدم تعامل شباب الثورة معه، الذين اشترطوا رحيله الفوري عن الحكم، وكذلك كان موقف أحزاب المعارضة اليمنية.
جراء هذا الرفض، تقدم صالح بمبادرة جديدة تمثلت في تحويل شكل نظام الحكم من النظام الرئاسي إلى النظام البرلماني مع فدرالية وتأليف حكومة وحدة وطنية، وهو الاقتراح الذي لاقى بدوره رفضاً مماثلاً للاقتراح الأول. ومع الوقت، كانت مبادرات صالح تأخذ طابعاً يقول إن الرجل قد اقتنع تماماً بأن مسألة بقائه في الحكم لم تعد ممكنة، وإن استمرت فلن تكون بشكل مشرف له. وبناءً على ذلك، ذهب في نهاية الأمر للبحث عن خروج مشرف له من السلطة، وقام بإمرار شكل هذا الخروج عبر الصيغ المختلفة للمبادرة الخليجية التي اقترحها في بداية الأمر، لكنه عاد وعمل على إعادة صياغتها أكثر من مرة.
وبخصوص المبادرة الأخيرة، يعتقد الباحث السياسي المعارض عبد الحكيم هلال أن «هذه المبادرة الجديدة إنما تمثل أضغاث أحلام في وقت غير مناسب؛ إذ إن مثل هذه الفكرة عرضت على الرئيس أثناء الحوار مع المعارضة قبل بداية الثورة، لكن الرئيس صالح عدّها إهانة له. أما اليوم، فالثورة لديها برنامجها الخاص، ولا يمكن إعادة الزمن إلى الوراء، ولا يمكن لإرادة شخص أن تنتصر على إرادة أمة».
وبعدما رأى هلال أن مثل هذا الطرح يبدو إعلامياً أكثر من أي شيء آخر، لفت إلى أنه يهدف بالأساس إلى إبقاء الرئيس في الحياة السياسية اليمنية، وأنه لا يزال فاعلاً فيها وإبقاء الأمل لدى أنصاره الذين داخلهم الشك في عودة الرئيس صالح. وأشار هلال إلى إمكانية أن يكون ظهور هذا المقترح الجديد يهدف إلى تحسين شروط التفاوض في المرحلة المقبلة مع أحزاب المعارضة اليمنية.
من جهته، قال قيادي في حزب المؤتمر الشعبي الحاكم، فضل عدم ذكر اسمه، أن مسألة الحديث عن نهاية عهد الرئيس علي عبد الله صالح مسألة قبل أوانها وأنه لا يزال الرئيس الفعلي للجمهورية اليمنية. وأوضح لـ«الأخبار» أن «مسألة حرص الرئيس صالح على تقديم مبادرات حتى وهو في هذا الظرف الصعب إنما تدل على مدى حرصه على مستقبل البلد». وبشأن الخروج المشرف للرئيس صالح من الحكم، قال القيادي: «أعتقد أن هذا أقل ما يمكن تقديمه لرجل خدم البلد طوال 33 عاماً».
وفي الوقت الذي فضلت فيه أحزاب المعارضة اليمنية التريث في إعلان موقفها من المبادرة الجديدة لحين إعلان الاقتراح الجديد رسمياً، كان رد الفعل الشبابي في «ساحة التغيير» أمام جامعة صنعاء مبكراً، حيث خرجت مسيرة حاشدت هدفت إلى تأكيد ضرورة «رحيل بقايا النظام السابق».



قنبلة دمرت القصر الرئاسي وصواريخ للتمويه

كشف مصدر قريب من الرئيس اليمني علي عبد الله صالح (الصورة)، أن الأخير أُصيب في وقت سابق من الشهر الحالي إثر انفجار قنبلة كانت مزروعة في مسجد داخل القصر الرئاسي، مشدداً في الوقت نفسه على أنه سيتعافى ويعود قريباً لليمن. وقال المصدر، الذي كان مع صالح أثناء وقوع الانفجار الذي أصاب مسجد «النهدين»، إن «القنبلة انفجرت في مكان كان قريباً جداً من صالح، ومن حسن حظه أنه نجا».
ومضى المصدر يقول إن أقل من 40 في المئة من جسم صالح أصيب بحروق، في إشارة إلى المعلومات التي كانت متداولة على نطاق واسع بشأن تفاصيل إصابات صالح. وأوضح المصدر، الذي أصيب أيضاً في ساقيه وصدره أثناء الهجوم: «بعد انفجار القنبلة أُطلقت عدة صواريخ في اتجاه المسجد، لكن أشخاصاً من الخارج كانوا قد أخرجوا الرئيس بالفعل».
وذكر المصدر أن صحة صالح تحسنت في المستشفى بما يسمح له بالعودة إلى اليمن قريباً، مؤكداً أن «صالح يريد مخاطبة الشعب اليمني عبر التلفزيون اليمني قريباً جداً»، في وقتٍ نقلت فيه جريدة الوطن الكويتية أمس عن مصادر يمنية قولها إن مستشار الرئيس، عبدالكريم الإرياني صرح لعدد من المقربين إليه عقب زيارته لصالح قبل يومين في المستشفى العسكري بالرياض بأن عودة صالح إلى اليمن باتت مستبعدة لعدة عوامل، في مقدمتها الحالة الصحية التي أصبح عليها، حيث على ما يبدو سيظل يعاني بسبب الإصابات لفترة غير قصيرة.