رام الله | قد يذهب الكثيرون إلى الاعتقاد بأن المصالحة الفلسطينية تمت بتوقيع الورقة المصرية، وبانتهاء الاحتفال الذي جرى في القاهرة، أو حتى بلقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس برئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل، لكن الأمر على الأرض أعقد من ذلك بكثير، ذلك أن التفاصيل ضخمة، والتوحيد الفعلي لشقّي الوطن على الأرض صعب للغاية.
فما هو مصير منتسبي الأجهزة الأمنية في غزة؟ وهل سيلتحقون بالأجهزة الأمنية الفلسطينية بكل مسمياتها؟ ومن أين ستأتي الحكومة المقبلة بميزانيات تغطي هذه الاضافة الضخمة إلى الميزانية فيما الميزانية مهترئة أصلاً، وما هو مصير المعابر في قطاع غزة؟ أما في الضفة الغربية، فهل سيصار إلى توحيد بعض الأجهزة الأمنية بحسب معلومات سابقة؟ وهل المقصود التقليل من عدد عناصرها لاستيعاب الجدد من قطاع غزة؟ كل تلك التفاصيل مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بإنجاز اتفاق المصالحة الفلسطينية.
المتحدث باسم حركة حماس في قطاع غزة، سامي أبو زهري، أكد لـ«الأخبار» أن كل الملفات الميدانية التي لها علاقة بتوحيد مؤسسات الوطن بكل تفاصيلها مؤجلة إلى ما بعد تأليف الحكومة، وبحث هذه الملفات سيكون من خلال لجنة مشتركة ما بين حركتي فتح وحماس للاتفاق عليها.
إلا أن معلومات المحلل السياسي، هاني المصري، عكس ذلك، فقد تحدث لـ«الأخبار» عن أن هناك اتفاقاً رسمياً على تأجيل البحث في توحيد الأجهزة الأمنية الفلسطينية إلى ما بعد الانتخابات المقبلة، متسائلاً في الوقت نفسه عن إمكانية عدم إجراء الانتخابات لأسباب عدة أهمها الاحتلال الإسرائيلي، أو لو فازت «حماس» في الانتخابات على سبيل المثال، فهل سيتم القبول بالنتائج واستكمال تنفيذ بنود اتفاق المصالحة؟
المصري أكد أن المصالحة على الأرض عملية بالغة الصعوبة. وقال «أخشى أن يكون توحيد المؤسسات والوزارات قد تأجل بنفس طريقة الأجهزة الأمنية، لأن هذا يعني إنجاز المصالحة في ظاهرها، وعدم إنجازها من داخلها، ما يعني امكانية استمرارها لكنها ليست فعلية بالمطلق».
توحيد الأجهزة الأمنية ومؤسسات الوطن له تبعات ضخمة على الميزانية وهي غير موجودة، كما يؤكد المصري، الذي يعتقد بوجوب إجراء حوار وطني شامل لا يقتصر على إجراءات المصالحة بين حركتي «فتح» و«حماس»، يل يتعدى إلى النظام السياسي برمته كي نستطيع الخروج بأفضل النتائج من هذه الأزمة.
مصادر «الأخبار» تشير إلى أن عدد من تدفع لهم حركة حماس رواتب في قطاع غزة يقارب الأربعين ألف شخص، وهؤلاء هم من سيضافون إلى ميزانية الحكومة المقبلة، أو السلطة الفلسطينية عموماً، لكن توحيد المؤسسات يعني أيضاً أن هناك دخلاً مفترضاً لخرينة المالية من القطاع، سواء من الضرائب أو عائدات الجمارك وغيرها من الأمور، وبرغم ذلك سيكون العبء المالي على السلطة عالياً جداً.
أما أمين سر المجلس الثوري لحكة «فتح»، عضو وفد الحوار للمصالحة، أمين مقبول، فقد تحدث لـ«الأخبار» عن تعقيدات حقيقية لملفات المصالحة الرئيسية بعد أربع سنوات من الانفصال، مؤكداً معرفة الطرفين بأن الأمر لن يتم بين ليلة وضحاها وإنما تدريجياً ووفق تطور الوضع على الأرض.
مقبول نفى أن يكون هناك أي قرار بتأجيل بت أي ملف، لكن الاتفاق جرى على الانتهاء من ملف تلو آخر، والآن الشغل الشاغل للجميع هو ملف الحكومة، لكن هناك ستة ملفات رئيسية سيصار إلى تأليف لجان لكل منها للبحث فيها والانتهاء منها، وإذا ارتأت أي من اللجان صعوبة أو تعقيداً كبيراً في أي من الملفات قد يصار إلى التأجيل من طرف اللجنة وليس من أحد آخر.
الملفات الرئيسية بحسب مقبول هي الحكومة، منظمة التحرير، المجلس التشريعي وتفعيله، الملف الأمني، توحيد المؤسسات بين شقي الوطن، والمصالحة (ويقصد بها ملف أهالي من قتل خلال الأحداث التي سبقت سيطرة حماس على غزة، ومن قتل ومن أعدم، ومن أصيب واعتقل، وكافة تفاصيل تبعات الانقسام).
الجديد جاء على لسان عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، محمود العالول، الذي أكد أن اتصالات بين حركتي فتح وحماس ستجرى خلال اليومين المقبلين، في محاولة لتذليل العقبات التي تواجه انجاز المصالحة لتحديد هوية رئيس الحكومة المقبلة. العالول أعلن أن لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس برئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل سيتحدد خلال ساعات.
المصالحة متعثرة إذاً في أولى ملفاتها، وعدم نجاح الفريقين في الاتفاق على اسم رئيس الوزراء، والاضطرار إلى انتظار لقاء يجمع عباس ومشعل، قد يعقد الأمور أكثر مما هي عليه الآن، وقد ينتظر كل ملف يعلق حتى يلتقي الرجلين، هذا إن نجحت اللجان بتذليل العقبات لترتيب لقاءات الحسم.