دمشق تصدر عفواً جديداً... وتسمح للصليب الأحمر بزيارة «المناطـق المضطربة»

أصدر الرئيس السوري بشار الأسد، أمس، عفواً عاماً جديداً على طريق المضي قدماً في الإصلاحات، وذلك بالتزامن مع تظاهرات حاشدة مؤيدة للنظام شهدتها العديد من المحافظات السورية، تخللتها اشتباكات مع معارضين
خرج مئات آلاف السوريين أمس في محافظات عدة، تأييداً للإصلاحات التي أعلنها الرئيس السوري بشار الأسد الذي أصدر بدوره عفواً جديداً هو الثاني منذ بدء الاحتجاجات في سوريا.

وقال منظّمو المسيرات، وهم من الشباب، إنها تأتي تحت شعار «خلّي العالم يسمعنا، وحدك أنت بتجمعنا، رخصنا طلعتنا، سوريا بلدنا، باسمك هتفنا». ورفع المحتشدون في ساحات المحافظات، بدءاً من درعا في الجنوب مروراً بدمشق وحلب وصولاً إلى أقصى الشمال الشرقي في الحسكة، العلم السوري وصور الرئيس بشار الأسد، مرددين هتافات تؤكد «دعمهم لعملية الإصلاح الشامل التي أطلقتها القيادة السورية أخيراً في مختلف مناحي الحياة».
ونقل التلفزيون السوري صوراً للمسيرات التي وصفها بـ«المليونية» من درعا وحلب وحماه ودمشق واللاذقية والرقة وغيرها من المحافظات السورية. وغصّت ساحة الأمويين في وسط العاصمة دمشق بمئات الآلاف يحملون الأعلام وصور الرئيس الأسد، وأُطلقت لافتة كبيرة تحملها مئات البالونات الملوّنة بألوان العلم السوري كتب عليها «المؤامرة فشلت... سوريا بخير».
وأكد عدد من المشاركين في المسيرة لـ«يونايتد برس انترناشونال» وقوفهم إلى جانب رئيسهم وتصدّيهم لـ«المؤامرة» التي تحاك ضد بلدهم.
وقال بديع، وهو موظف حكومي، «ما قاله الأسد أمس يعتبر بداية التغييرات التي سوف تشهدها سوريا. نريد قانوناً ودستوراً جديدين يليقان بسوريا التي نريدها بخير ونريدها أجمل». وانتقدت راما علي، وهي طالبة جامعية، «ما تبثه قنوات الفتنة، وتنقل صورة منقولة عبر جهاز موبايل صغير تدل على حجمهم. ونقول لتلك الفضائيات تعالي اليوم وشاهدي شوارع سوريا وساحاتها التي تغص بملايين مؤيدي الرئيس بشار الأسد والخطوات الإصلاحية».
من ناحية ثانية، أدت اشتباكات بين موالين للرئيس السوري ومعارضين له إلى مقتل 7 أشخاص على الأقل، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس» التي نقلت عن «لجان التنسيق المحلية» قولها إن متظاهراً قتل في حماه، فيما قتل 3 في حمص، و3 آخرين في بلدة الميادين في محافظة دير الزور. من جهتها، تحدثت وكالة «فرانس برس»، نقلاً عن ناشط، عن تعرض عدد من الجرحى للضرب، فيما أوضح مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، نقلاً عن سكان، أن «قوات الأمن أطلقت النار على متظاهرين مؤيدين ومناهضين للنظام اشتبكوا بالأيدي».
وفي محاولة لتأكيد أن الوعود الإصلاحية التي أعلنها الأسد أول من أمس ستتحول في أقرب فرصة إلى أمر واقع بهدف إرضاء المطالب الشعبية، أصدر الرئيس السوري أمس عفواً عاماً جديداً بعد يوم واحد من إشارته في خطابه إلى أن العفو السابق لم ينل رضى الجميع.
ووفقاً لوكالة الأنباء السورية «سانا»، نصّ المرسوم التشريعي رقم (72) على منح عفو عام عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ أول من أمس، فيما نقلت الوكالة عن وزير العدل تيسير قلا عواد قوله إن مرسوم العفو تضمن حالات عدة لم يتضمنها مرسوم العفو السابق، كمنح عفو عن كامل العقوبة مهما كان نوع الجرم أو العقوبة لمن كان مصاباً بمرض عضال غير قابل للشفاء، وعن كامل العقوبة بالنسبة إلى الجرائم التي تضمنها المرسوم التشريعي رقم 12 لعام 1974 المتعلق بالتهريب، ما عدا تهريب الأسلحة والمخدرات.
وأضاف أن المرسوم شمل كامل العقوبة بالنسبة إلى متعاطي المخدرات وجميع الجرائم الجنحية الواردة في قانون المخدرات رقم 2 لعام 1993، فضلاً عن تضمنه العديد من الجرائم الواردة في قانون العقوبات العام رقم 148 لعام 1949. وأكد قلا عواد أنه بموجب مرسومي العفو رقم 61 و72 يكون المشرع قد شمل الغالبية العظمى من الجرائم، ولم تستثن إلا جرائم محدودة للغاية، تتضمن أشد الجنايات خطورة على الأشخاص والمجتمع، مشيراً إلى أن المرسوم يأتي دعماً لعملية الإصلاح التي يقودها الأسد.
في هذه الأثناء، ذكرت وكالة «رويترز» أن القوات السورية وسّعت حملتها الأمنية قرب الحدود التركية لتشمل مدينة حلب، مشيرين إلى أن العشرات من طلاب جامعة حلب اعتقلوا أول من أمس، وذلك بعدما انتقد الطلاب في الحرم الجامعي خطاب الأسد. كذلك اعتقل 12 بينهم إمام مسجد في قرية تل رفعت القريبة، التي تقع في منتصف الطريق بين حلب والحدود التركية.
في موازاة ذلك، أفادت مراسلة لوكالة «فرانس برس» أنه سُمع إطلاق عيارات نارية بأسلحة خفيفة ودوي انفجارات عند الجانب السوري من الحدود التركية السورية، مرجّحةً أن إطلاق النار مصدره قمة تلة تطل على الخط الفاصل بين البلدين على بعد نحو كيلومتر من المكان، فيما تحدثت وكالة «أسوشييتد برس» عن أن الجنود السوريين قد وصلوا في إطار حملتهم العسكرية التي يقومون بها في محافظة إدلب إلى منطقة الحمبوشية التي لا تبعد سوى 2 كيلومتر عن مقر احتشاد الآلاف من السوريين على الجانب السوري من الحدود التركية.
على صعيد متصل، كشف رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، جاكوب كيلينبرغر، أنه حصل على وعد من السلطات بالسماح للجنة بزيارة «المناطق المضطربة» في سوريا، في أعقاب المحادثات التي أجراها مع رئيس الوزراء السوري عادل سفر ووزير الخارجية وليد المعلم.
ونقل بيان للصليب الأحمر عن كيلينبرغر قوله «إن المحادثات تناولت حصراً المسائل الإنسانية وكانت صريحة»، مشيراً إلى أن «المسؤولين السوريين كانوا منفتحين، واتُّفق على منح اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر العربي السوري حرية الوصول إلى المناطق المضطربة».
من جهته، أعلن الناطق باسم مفوضية الأمم المتحدة العليا للاجئين، دريان ادواردز، أن القرى الواقعة على مسافة 40 كلم حول مدينة جسر الشغور السورية (شمال غرب) والتي شهدت أعمال عنف في مطلع الشهر «مقفرة»، وذلك بعد الزيارة التي نظمتها الحكومة في مدينة جسر الشغور قرب الحدود مع تركيا أول من أمس.
(أ ب، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)