«المشترك» ينتظر عودة الأرياني من السعوديّة برسائل محدّدة لنقل السلطة

فيما تتوالى الإشارات إلى أن عودة الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح إلى اليمن، باتت قريبة، لا تزال المعارضة اليمنية غير قادرة على اتخاذ خطوات تصعيدية تجبر صالح على القبول بتسليم السلطة
من المتوقع أن يشهد اليمن أياماً حاسمة، في ظل تسارع الإشارات إلى أن الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، يستعد للعودة إلى البلاد، في وقت يستمر فيه عجز المعارضة عن الدفع باتجاه ضمان انتقال السلطة. فبعد يوم من تأكيد القيادي في حزب المؤتمر الشعبي الحاكم ياسر اليماني، أن صالح سيعود يوم الجمعة المقبل إن لم يكن قبله، كشفت صحيفة «الوطن» السعودية عن أن الطائرة التابعة للخطوط الجوية اليمنية، التي ستتولى نقل صالح ومرافقيه إلى صنعاء نهاية الأسبوع الجاري وصلت أول من أمس إلى مطار الملك خالد الدولي.
وأوضح مصدر دبلوماسي يمني لـ«الوطن» أن صالح «لم يسمح لعائلته بزيارته في الرياض بعد نجاح العملية الجراحية الخطرة؛ لأنه ينوي العودة إلى اليمن، ولن يقبل أن يعيش لاجئاً»، في تأكيد جديد على أن الرئيس اليمني ماضٍ في مواجهة المطالب الشعبية إلى ما لا نهاية، مستفيداً من حالة التخبط التي تعانيها المعارضة اليمنية. فرغم أن صالح أُجبر على مغادرة البلاد إلى السعودية مطلع الشهر الحالي، لتلقي العلاج إثر الإصابات التي تعرض لها في الهجوم الذي استهدف مسجد القصر الرئاسي في الثالث من حزيران، إلا أن المعارضة فشلت في استغلال الفرصة لتصعيد ضغوطها، سواء على حزب المؤتمر الحاكم، أو الدول الإقليمية والدولية المعنية بالوضع اليمني، للدفع باتجاه نقل السلطة.
وفيما كان شباب الثورة يطالبون بفرض أمر مواقع من خلال إعلان مجلس انتقالي سياسي ـــــ عسكري تولى إدارة شؤون البلاد، وخصوصاً بعد إصدار عدد من كبار الضباط اليمنيين البيان الرقم 1، وتأكيد انحيازهم إلى مطالب الثورة، فضلت المعارضة اليمنية ممثلةً بأحزاب اللقاء المشترك، التريث في اتخاذ مثل هذه الخطوة، محاججةً بأن مخاطرها مرتفعة في ظل الإشارات التي أرسلها أقارب الرئيس، وخصوصاً نجله أحمد، إلى إصرارهم على التمسك بالسلطة.
وحتى اللحظة، لا تبدو المعارضة مستعدة للمضي قدماً في هذا الخيار، في الوقت الذي أكدت فيه مصادر في المعارضة لـ«الأخبار» أن الأخيرة لم تتلق إشارات من السعودية تفيد بعودة صالح، كذلك فإنها لم تجتمع حتى اللحظة للبحث في الخيارات المطروحة أمامها في حال صحة الأنباء عن عودة الرئيس اليمني.
في موازاة ذلك، أشارت المصادر إلى أن قيادات المعارضة تنتظر عودة مستشار الرئيس، عبد الكريم الأرياني، الذي توجه إلى السعودية لزيارة الرئيس اليمني، ملمحةً إلى إمكانية أن يحمل معه رسائل محددة ستتضح على أساسها مآلات نقل السلطة، وتستطيع المعارضة بناءً عليها اتخاذ قرار بخطواتها المستقبلية، التي من المرجح ألّا تتضمن أي مواقف تصعيدية حقيقية، ولا سيما بعدما تحدث الرئيس الدوري لأحزاب اللقاء المشترك، ياسين سعيد نعمان، عن وجود «مشكلة رئيسية تقف أمام الدعوات إلى تأليف مجلس انتقالي في اللحظة الراهنة، متمثلة في عدم وجود قاعدة ائتلاف وطني سياسي عريض».
وفيما دعا نعمان، في حوار أجرته معه «البي بي سي» أول من أمس، نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى «ضرورة تحمل مسؤوليته خلال المرحلة المقبلة، وخصوصاً أن الأحزاب السياسية أعلنت استعدادها لدعمه في تسلم السلطة»، شدد على ضرورة وجود «مائدة للحوار الوطني تجمع كافة الأطراف السياسية لمناقشة قضايا اليمن ومشاكله المختلفة وسبل حلها»، مشيراً إلى أنه «من خلال مائدة الحوار الوطني سيتمكن الجميع من وضع خريطة طريق مقبلة لحل شامل لمشاكل اليمن». ودافع ياسين عن موقف المعارضة والانتقادات التي توجه إليها بتحويل الثورة اليمنية إلى أزمة سياسياً، مشيراً إلى أن «كل العملية السياسية التي جرت خلال المرحلة الماضية، ولا تزال، تدور في إطار الهدف الثوري الذي خرج من أجله الناس للشارع، وهو تغيير النظام السياسي».
هذا الموقف، لا يوافق عليه بالضرورة الباحث السياسي محمد الغابري، الذي رأى أن «هناك لحظة تاريخية، هي إما تأخذنا إلى بر الأمان مع وجود التكاليف، وإما إلى الانهيار الكامل للبلد أو عودة النظام، وهناك شرعية ثورية لا بد أن تحل محل النظام الساقط».
ودعا الغابري، خلال ندوة أقامها مركز أبعاد للدراسات الاستراتيجية في ساحة التغيير تحت عنوان «الثورة اليمنية بين إرهاصات الداخل وتدخل الخارج»، «القوى الموالية للثورة إلى أن تبادر بسد هذا الفراغ وألا تتخوف من الاعتراف الدولي الذي ستفرض الشرعية الثورية نفسها باعتبارها المستقبل والنظام هو الماضي»، متحدثاً عن وجود «إمكانية لتأسيس جمعية وطنية»، مشيراً إلى أنه يجب «على المعارضة ألا تتخوف من تحمل رواتب الموظفين؛ لأن حكومة تصريف الأعمال لا تسقط مهماتها مع تكوين هذه الجمعية». وفيما رأى أن السعودية لا تريد أن تعترف بالثورة اليمنية، محاولةً حصر ما يحدث في اليمن بأنه أزمة سياسية، أوضح الباحث ثابت الأحمدي أن التدخل الأميركي والسعودي يمثل «عائقاً أساسياً» أمام تحقيق الثورة اليمنية لأهدافها، متهماً السعودية بأنها «تريد حالياً إفشال الثورة اليمنية من خلال تدخلها عبر ما يسمى المبادرة الخليجية»، مشيراً إلى أنها «مثّلت تنفساً صناعياً للنظام في اليمن».
(الأخبار)