يبدو أن عجلة المشاورات السياسية لحل الأزمة الليبية تسير بموازاة خطط أمنية سريّة تهدف الى التخلص من العقيد معمر القذافي، مع تقدم الهجمات الجوية على طرابلس، التي لم يسلم منها المدنيونشدد مسؤولون رفيعو المستوى في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والاتحاد الأفريقي، خلال اجتماع عقدوه في القاهرة أول من أمس، على ضرورة البدء بـ «عملية سياسية» لحل النزاع في ليبيا. وجاء هذا الاجتماع عشية تقرير نشرته صحيفة «صندي ستار» عن أن عملاء الاستخبارات البريطانية والفرنسية ينفذون مهمة سرية داخل ليبيا بكلفة تصل إلى مليون جنيه استرليني، أي ما يعادل نحو 1.4 مليون دولار، لتصفية العقيد معمر القذافي.
وقالت الصحيفة إن فريقاً يضم 130 عميلاً من جهاز الأمن الخارجي البريطاني (أم آي 6) وجهاز المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي عاش بعض عناصره في ليبيا فترة طويلة، يعمل على تصيد القذافي في عملية أُطلق عليها اسم (أطلق النار وانسَ). ونسبت الصحيفة إلى مصدر أمني وصفته بالبارز قوله «إن مهمة عملاء الاستخبارات صدّق عليها شخصياً رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، والرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي».
من جهة ثانية، عقد أمس اجتماع في القاهرة لمناقشة الأزمة الليبية شارك فيه وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاترين آشتون، والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي جان بنغ، وممثل عن منظمة المؤتمر الإسلامي.
وأصدر المجتمعون بياناً إثر الاجتماع الذي عقد في مقر الجامعة العربية، شدد على أهمية «تعجيل البدء بالعملية السياسية التي تلبي الطموحات المشروعة للشعب الليبي».
وفي أعقاب مشاركته عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة في اجتماع القاهرة، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أن ملامح مسار تفاوضي لإنهاء النزاع في ليبيا بدأت ترتسم.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، مارتن نيسيركي «مع تنبيهه الى أن إبرام اتفاق لا يزال أمراً بعيد المنال، إلا أن الأمين العام أشار الى أن مؤشرات أولية لعملية تفاوضية بدأت تظهر برعاية موفده الخاص الى ليبيا» عبد الإله الخطيب.
ثم أجرى بان كي مون محادثات عبر الهاتف مع رئيس الوزراء الليبي، البغدادي المحمودي، الذي أكد حصول اتصالات مع الثوار. وكان المحمودي قد اتهم حلف شمال الأطلسي بارتكاب «جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية»، داعياً إلى «اجتماع طارئ» للأمم المتحدة لبحث «الجرائم التي يرتكبها الحلف الأطلسي ضد مدنيين في ليبيا».
في هذا الوقت، أعلنت السلطات الليبية أن نحو سبعة من المدنيين قتلوا في غارة جوية لحلف شمال الأطلسي على مبان سكنية في شرق طرابلس.
وعلى جبهة أخرى، قال مصدر من المعارضة المسلحة إن ثمانية على الأقل من مقاتلي المعارضة قُتلوا بالقرب من بلدة نالوت في شمال غرب البلاد.
وفي مصراتة، قصفت قوات السلطة شرق المدينة وغربها، ما أدى الى مقتل عشرة مدنيين وأربعة مقاتلين من المعارضة، وإصابة أربعين آخرين بجراح.
من ناحيته، اتهم مندوب ليبيا السابق لدى الأمم المتحدة، عبد الرحمن شلقم، القذافي بمد تنظيم القاعدة بالسلاح، وبالسعي إلى إثارة القلاقل في دول الجوار من خلال العمل على إقامة دويلة للطوارق في جنوب الجزائر ودول الساحل الأفريقي.
وقال شلقم في حديث مع صحيفة «الشروق اليومي» الجزائرية، «إن القذافي كان يبيع السلاح لحكومتي مالي والنيجر، وفي نفس الوقت يتآمر عليهما ويبيع السلاح للمتمردين الماليين والنيجريين، ولا يهم أن سيصل هذا السلاح سواء للقاعدة أو لغير القاعدة».
ولفت شلقم إلى وجود انشقاقات داخل صفوف الكتائب الأمنية التابعة للقذافي قائلاً «إن الكتائب الأمنية ليست متماسكة»، متوقعاً «سقوط طرابلس من الداخل وبضغط من ثوار الجبل الغربي».
إلى ذلك، أعلنت النمسا اعترافها بالمجلس الوطني الانتقالي ممثلاً شرعياً للشعب الليبي.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)