منع مسؤولين سوريين من السفر... وملاحقة فلول «العصابات»

في وقت أحكم فيه الجيش السوري قبضته على منطقة جسر الشغور، وبث اعترافات لأحد العناصر من أفراد الجماعات المسلحة عن مقابر جماعية نفذها مسلحون بحق عناصر من الأمن، شكك دبلوماسي غربي في صحة الرواية، مع تزايد مزاعم اللاجئين إلى تركيا عن انشقاقات داخل صفوف الجيش، فيما استمرت الضغوط الدولية لمطالبة سوريا بالتوقف عن استخدام العنف. وسجل تطور لافت بإعلان اللجنة، التي ألفها الرئيس السوري بشار الأسد للتحقيق في الأحداث التي شهدتها بعض المدن السورية، منع محافظ درعا السابق فيصل كلثوم ورئيس فرع الأمن السياسي العميد عاطف نجيب من السفر، بعد تأكيدها أن لا حصانة لأحد في حال ثبوت تورطه.
استعادت منطقة جسر الشغور بعض هدوئها، مع إعلان «تطهيرها» بعد إحكام القوات الأمنية السورية قبضتها على المدينة، في وقتٍ نفذت فيه مدينة دوما قرب العاصمة دمشق، إضراباً شاملاً عقب وفاة طفل دهسته سيارة عسكرية قبل فترة وتوفي أمس.
وذكر مراسل وكالة الأنباء السورية «سانا» في إدلب أن وحدات الجيش تلاحق بعض أفراد التنظيمات الإرهابية المسلحة التي تظهر من وقت لآخر بعد هروبها من المدينة باتجاه الجبال والمنطقة الحدودية مع تركيا ومعرة النعمان، مشيراً إلى أن المعارك أدت إلى مقتل جندي وإصابة أربعة آخرين.
وبعد الأنباء التي تحدثت عن اكتشاف مقبرة جماعية في المنطقة، ضمت جثث 12 من قوى الأمن، لفت التلفزيون السوري إلى أن «أحد عناصر هذه التنظيمات الإرهابية الذي شارك في ارتكاب المجزرة بحق عناصر الأمن اعترف بالقيام مع آخرين بالتمثيل بالجثث وتقطيعها بالسواطير»، مشيراً إلى «اعتدائهم أيضاً على عدد من السيدات واغتصابهن ومن ثم قتلهن وإلقائهن في نهر العاصي». كذلك أشار مندوب التلفزيون «إلى اكتشاف مشفى ميداني جهزته التنظيمات المسلحة في الجبال لمعالجة الجرحى منهم».
وقال أنور نافع الدوش، الذي قدمه التلفزيون على أنه أحد العناصر المسلحين، «إن رئيس المنظمة التي يتبع لها اسمه حسين نواف، وهو الذي قام بالمجزرة بحق عناصر الأمن، وهو من قطع رؤوس العناصر العشرة في المقبرة، فيما كان أنس قطرون من جسر الشغور هو من طلب إعداد مقابر جماعية لاتهام الجيش بارتكابها». وأشار الدوش إلى أنه تلقى مبلغ 50 ألف ليرة سورية ووعد بمبلغ 50 ألف ليرة أخرى، وكان يحصل على الأموال من شخص يدعى زعتر، وهو الآن هارب إلى تركيا بعد إصابته، وكان يجلب الأموال من لبنان وهو تعرف إليه قبل 25 يوماً.
في المقابل، نقلت «رويترز» عمّن وصفته بأنه «دبلوماسي غربي كبير» قوله إن الرواية الرسمية «غير محتملة»، مشيراً إلى أن «معظم الناس غادروا جسر الشغور بعدما رأوا سياسة الأرض المحروقة التي ينفذها النظام والقصف والاستخدام المكثف للمدرعات في الوادي».
وفي السياق، أبلغ المعارض السوري، وليد البني، «رويترز» بأن الهجوم العسكري نصر باهظ الثمن. وأضاف أنه يشعر «بخزي كسوري لتباهي السلطات باحتلال قراهم وبلداتهم والقمع الذي يجعل الناس فقراء ويدفع الجنود المعتزين بكرامتهم للجوء إلى تركيا».
وفي السياق، نقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن أحد اللاجئين، الذين فروا إلى تركيا، قوله إن القوات الأمنية «تقتل أي شخص داخل الجيش أو الشرطة أو غيرها من الذين لا يطيع أوامرهم إطاعة عمىاء».
من جهته، أوضح رجل عرّف نفسه بأنه المقدم حسين هرموش، منشق عن الجيش السوري في تصريحات ترجمتها شبكة «سكاي نيوز» التلفزيونية البريطانية، أن القوات المناهضة للحكومة نصبت فخاخاً لتعطيل تقدم القوات السورية لإتاحة فرصة أمام الناس للهرب. وأضاف: «انتظرنا لإخراج نحو عشرة في المئة من السكان. والتسعون في المئة الباقون تمكنوا بالفعل من المغادرة»، فيما تحدثت منظمات سورية تعنى بحقوق الإنسان عن مقتل 13 شخصاً في مناطق سورية عدة برصاص قوات الأمن خلال اليومين الماضيين.
كذلك أوردت المنظمات أسماء 47 شخصاً قالت إنهم اعتقلوا خلال اليومين الماضيين في عدد من المدن السورية، بينهم العضو في المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سوريا مجيد العد وعضو جمعية حقوق الإنسان في سوريا محمد صافي حمود، والضابط المتقاعد فندي سرور، فيما أشارت المنظمات إلى أن السلطات السورية أفرجت عن تسعة أشخاص بموجب قانون العفو الذي أصدره الرئيس السوري بشار الأسد.
في هذه الأثناء، قررت اللجنة التي ألفها الرئيس السوري بشار الأسد للتحقيق في الأحداث التي شهدتها بعض المدن السورية، منع محافظ درعا السابق فيصل كلثوم ورئيس فرع الأمن السياسي العميد عاطف نجيب من السفر. وأشارت اللجنة خلال لقاء بثه التلفزيون السوري مع أعضائها أول من أمس إلى أنه «لا حصانة لمن قام بجرم مشهود، موضحة أن إجراءات اللجنة أكثر من كافية لتطبيق القانون على الجرائم المرتكبة».
وأوضح رئيس اللجنة القضائية محمد ديب المقطرن أنه «لا حصانة لأحد مهما كان»، مؤكداً أن «منع السفر هو إجراء احترازي حتى لا يغادر الشخص، حتى تستطيع اللجنة استدعاءه في أي لحظة، وتكمل تحقيقاتها أو في حال ثبوت أمام اللجنة أنه ارتكب أي جرم مخالف للقانون».
من جهةٍ ثانية، استمر الوضع في سوريا موضع اهتمام دولي. وفيما جدد المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني إدانة الولايات المتحدة لأعمال العنف الجديدة التي وقعت في نهاية الأسبوع في سوريا، شكك مبعوث اللجنة الرباعية لعملية السلام في الشرق الأوسط طوني بلير في إمكانية تنفيذ الرئيس الأسد الإصلاحات، ورأى أنه يواجه صعوبة حالياً في الاحتفاظ بشرعيته في ظل التطورات الأخيرة في بلاده.
وقال بلير، في حديث لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»: «كانت هناك آمال حين زرت دمشق قبل نحو عشر سنوات، بأن يكون الرئيس الأسد مصلحاً ويفتح سوريا اقتصادياً وسياسياً، لكنها تبددت على ما يبدو الآن». وقال: «كان هناك دعم قوي من الدول العربية بشأن التدخل في ليبيا لمنع قمع المدنيين وقتلهم، لكننا لم نحصل على مثل هذا الدعم حيال سوريا، ما يعني أن علينا السير على طريق تشديد العقوبات والإجراءات بحق أركان النظام في سوريا، والحفاظ عليها إلى أن نتمكن من الحصول على الدعم المطلوب».
وتجنب بلير مطالبة الرئيس الأسد بالتنحي، وقال: «من الصعب جداً الآن تخيل كيف يمكنه الاحتفاظ بشرعيته في ظل الوضع القائم».
(أ ب، أ ف ب، رويترز)



موسى: الوضع في سوريا خطير

وصف الأمين العام للجامعة العربية المنتهية ولايته عمرو موسى الوضع الحالي في سوريا بأنه خطير للغاية، داعياً الدول العربية إلى اتخاذ موقف جماعي من الأحداث الجارية هناك، وذلك بعد الانتقادات التي تعرضت لها الجامعة بسبب موقفها من التطورات في هذا البلد وعدم محاولتها التدخل لإيجاد حل لأعمال العنف الجارية هناك.
وقال موسى للصحافيين إن التطورات في سوريا «محل قلق وغضب من كل الدول العربية، وخاصة مع تزايد أعداد الضحايا من المدنيين». وأضاف: «إن هذا الوضع يشير إلى وجود اضطراب كبير»، فيما كشف عن اتصالات ومشاورات عربية مكثفة لمتابعة ما يجري في سوريا. وأضاف: «ليس من المقبول ترك الأمر يجري بهذا النحو أبداً»، فيما رحب بالاقتراح المصري الذي أعلنه وزير الخارجية نبيل العربي بإرسال مبعوث دولي للاطلاع على حقيقة الأوضاع في سوريا، ورأى أنه قد يكون أحد الحلول المطروحة، لكنه أعرب عن أمله بوجود «موقف عربي جماعي» حيال ما تشهده الساحة السورية.
من جهةٍ ثانية، قال موسى إن الجامعة ستطرح رؤيتها لإيجاد مخرج سياسي للأزمة الليبية خلال اجتماع مجلس الأمن الدولى غداً.
(يو بي آي)