أتى الإعلان أمس عن فشل المعارضة اليمنية في التواصل مع نائب الرئيس، عبد ربه منصور هادي، ليضيف مزيداً من الجمود إلى الأزمة التي تواجه البلد، منذ مغادرة الرئيس علي عبد الله صالح إلى السعودية لتلقي العلاج. وأكد الأمين العام لحزب اتحاد القوى الشعبية المعارض، محمد عبد الله المتوكل، أن الجهود الدولية للتوصل إلى اتفاق يطالب صالح بالتنازل عن السلطة، قد انهارت، بعدما رفض نائب الرئيس التعامل مع أحزاب المعارضة أو لقاءها، لافتاً إلى أنّ هادي برر الأمر بقوله إنه «مشغول في التعامل مع أزمة الوقود ووقف إطلاق النار، فضلاً عن الوضع الأمني ​​في المحافظات».
وعلى الأثر، أوضح المتوكل أن قوى «اللقاء المشترك» شرعت في إنشاء مجلس رئاسي مؤقّت «يفرض سلطته وصلاحياته على كل المناطق التي لا تخضع للسلطة الحالية، وسوف يمارس مهمّاته تعبيراً عن السيادة الشعبية، ويمثّل الشعب اليمني لدى الجهات المختلفة».
ولفت المعارض اليمني إلى أن فرصة استكمال التسوية السياسية مشروطة بقبول هادي تنفيذ المبادرة الخليجية، وأن المعارضة لن تنتظر طويلاً.
وأشار المتوكل إلى أن المشهد السياسي الحالي، في اليمن يتطور على مسارين، يتعلق أحدهما بتوقيع القائم بأعمال الرئيس اليمني المبادرة التي تقضي بنقل السلطة، والشروع في الإعداد لانتخابات نيابية ورئاسية بعد عقد مؤتمر وطني عام، فيما يرتبط المسار الثاني بالجهود الجارية لإنشاء مجلس انتقالي تشكله المعارضة.
وأكد المعارض اليمني أن الوضع الميداني لن يختلف كثيراً، و«سوف تستمر الثورة كما كان الأمر مع وجود الرئيس علي عبد الله صالح حتى يجري الإقرار تماماً بعملية انتقال السلطة»، في الوقت الذي سجلت فيه مدينة تعز تجدّد المعارك بين القوات الموالية للرئيس اليمني، وعناصر مسلحين محسوبين على شباب الثورة.
ويبدو أن أقارب الرئيس اليمني، وتحديداً نجله أحمد، ونجل شقيقه يحيي، ما زالوا قادرين على التأثير في قرارات نائب الرئيس. فبعدما تحدثت مصادر عن إفشال أحمد قبل أيام لقاءً بين حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم وممثلين عن المعارضة، أطل يحيي، الذي يقود قوات الأمن المركزي، من خلال الإذاعة البريطانية «بي بي سي» ليؤكد أن صالح سيعود لممارسة مهمّاته كرئيس للجمهورية، وأن القرار بيده لتحديد الموقف من المبادرة الخليجية بعد عودته.
من جهة ثانية، أكد يحيي أن «التحقيقات مستمرة لتحديد الجهات المسؤولة عن محاولة اغتيال صالح»، في وقت نقل فيه موقع «مأرب برس» عن صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الأميركية أن الاستخبارات المركزية الأميركية تعكف حالياً على دراسة أوجه الشبه بين ثلاث محاولات اغتيال تعرّض لها كلّ من الرئيس الأفغاني، حامد قرضاي، والرئيس الباكستاني السابق، برويز مشرف، والرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، كانت جميعها من تخطيط تنظيم «القاعدة» وتنفيذه، مرجحةً أن خلية أصولية قد زُرعت داخل الحرس الخاص للرئيس صالح، ضمن برنامج منظم، نجحت في تنفيذ محاولة اغتياله. ووفقاً لمصدر في وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون»، فإن الحلقة المشتركة التي تركّز عليها الاستخبارات الأميركية، هي أن تنظيم «القاعدة» نجح بالتعاون مع عدد من القادة النافذين، وإحدى المؤسسات الدينية الخليجية، في إقناع الرؤساء الثلاثة بتنفيذ برنامج ديني مدعوم من مؤسسة دينية خليجية لـ«أسلمة» الحرس الخاص، وزرع خلايا أصولية نائمة فيه.
وتأتي هذه المعلومات في وقت لا تزال فيه الأنباء متضاربة بشأن صحة الرئيس اليمني وكبار مسؤولي الدولة الذين أُصيبوا في انفجار مسجد «النهدين». ونفى مصدر مسؤول في الرئاسة اليمنية ما تردّد عن تدهور وضع صالح، مؤكداً أنه في صحة جيدة، والتقى وزير الصحة عبد الكريم راصع في الجناح الملكي المخصص له في مستشفي سعودي في الرياض، وذلك بعدما تحدث مصدر يمني آخر في الرياض عن أن «صالح لا يزال في وضع صحي سيّئ»، ومنع عدد من المسؤولين اليمنيين الذين حاولوا زيارته، بينهم راصع، من لقائه. في هذه الأثناء، قتل عقيد في الجيش اليمني وجنديان إضافةً الى أربعة مقاتلين من القاعدة في معارك مع التنظيم في زنجبار عاصمة محافظة أبين، وذلك بعد يوم واحد من إعلان مصدر عسكري يمني مسؤول مقتل 21 عنصراً مفترضاً من تنظيم القاعدة، و10 من الجنود في محافظة أبين جنوب اليمن.
(الأخبار، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)