استكمل الجيش السوري خلال اليومين الماضيين عملياته العسكرية في منطقة جسر الشغور، معلناً مقتل عدد من عناصر «التنظيمات المسلحة»، فضلاً عن إلقاء القبض على البعض الآخر، وسط معلومات عن انشقاقات داخل صفوف الجيش سبّبت مواجهات مسلحة في المدينة.
وبعدما أشار التلفزيون السوري أمس إلى أن الجيش نجح في دخول مدينة جسر الشغور بمحافظة إدلب شمال غرب البلاد، «بعد تفكيك المتفجرات وحشوات ناسفة من الديناميت»، أضاف إنه جرى «الكشف عن مقبرة جماعية ارتكبتها التنظيمات المسلحة بحق عناصر المركز الأمني في جسر الشغور، وعن فظائع ارتكبتها التنظيمات المسلحة بجثث الشهداء التي أخرجت من المقبرة»، من دون أن يشير إلى أعداد الجثث التي انتشلت من المقبرة. من جهتها، تحدثت وكالة الأنباء السورية «سانا» عن أن وحدات من الجيش عمدت الى تطهير المستشفى الوطني، مشيرةً إلى أن المعارك أدت إلى مقتل جندي وإصابة أربعة آخرين في الاشتباكات مع عناصر التنظيمات المسلحة، التي قتل اثنان منها وألقي القبض على أعداد كبيرة، وذلك بعد يوم من هجومهم على مستودعات للوقود في منطقة معرة النعمان.
وفي السياق، نقلت «سانا» عن مصدر عسكري سوري مسؤول قوله إن «نتيجة المواجهة كانت توقيف عدد من المهاجمين ووقوع آخرين بين قتيل وجريح». وفيما أقر المصدر باستخدام السلطات مروحيات طبية في عملياتها العسكرية في معرة النعمان، أشارت مصادر معارضة سورية إلى أن المروحيات أطلقت نيرانها على المتظاهرين في المنطقة.
وبينما كانت المعارك مستمرة في منطقة جسر الشغور، أوضح ناشط لوكالة «فرانس برس» أن الجيش «قصف المدينة قصفاً مركزاً بالدبابات والأسلحة الثقيلة، ثم هاجمها من الشرق والجنوب»، وفيما أكد انتشار «حوالى 200 دبابة في المنطقة»، تحدثت وكالة «اسوشيتد برس» عن أن «الجيش استعاد السيطرة على المدينة بعدما اشتبك مع الجنود المتمردين». ونقلت الوكالة عن أحد النازحين الذين فروا الى تركيا أمس قوله إن الجيش، بعدما دخل المدينة، اشتبك مع قرابة 60 من عناصره المنشقّين، مرجحاً مقتل أو اعتقال قرابة «200 من المدنيين العزل الذين كانوا يحرسون المنطقة قبل دخول الجيش». من جهةٍ ثانية، أوضحت الوكالة أن السلطات إظهرت للإعلاميين، الذين يغطون الأحداث، جثث «أربعة من عناصر الأمن، مقطوعي الرأس أو مضروبة رؤوسهم بفأس»، فيما «احترق مبنى الشرطة في المدينة العسكرية وكانت هناك بقع دم في بعض الغرف، ما عزز التقارير عن تمرد».
في غضون ذلك، أطلقت السلطات السورية أمس سراح الناشط الحقوقي السوري، أكرم عساف، بعد أكثر من شهرين على اعتقاله، في وقت تصاعدت فيه حدة المواقف الغربية التي تطالب النظام السوري بالتوقف عن اللجوء إلى الخيار الأمني، بالتزامن مع استمرار الممانعة الروسية الصينية في عرقلة صدور أي قرار عن مجلس الأمني يدين سوريا.
وفيما استبعد وزير التنمية الدولية البريطاني أندرو ميتشل إمكان التدخل عسكرياً في سوريا، دعا وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ مجلس الأمن الدولي إلى المضي قدماً في تبني قرار يدين العنف الذي يستخدمه النظام السوري ضد شعبه. وبعد المعلومات التي تحدثت عن أن الأسد يرفض الرد على المكالمات الهاتفية الواردة من الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، قال هيغ لتلفزيون «سكاي نيوز» إن «الوقت حان» لأن يتحدث الأسد إلى بان، فيما أعرب الأخير عن «حزنه وقلقه العميقين» إزاء الوضع في سوريا. ودعا السلطات السورية الى البدء بـ«إصلاحات حقيقية»، وذلك بعد أيام من توجيه وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، رسالة له يحذر فيها من أن مشروع قرار أوروبي يدين سوريا لن يؤدي إلا إلى «تفاقم الوضع وإرسال رسالة لهؤلاء الإرهابيين مفادها أن التدمير المتعمد الذي يقومون به يحظى بدعم مجلس الأمن».
من جهته، رأى وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيلي، أن العمليات التي يشنها الجيش السوري في شمال البلاد تجعل صدور قرار من مجلس الأمن الدولي «أمراً أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى». وفي تأكيد على استمرار معارضة موسكو وبكين لصدور أي قرار يدين النظام السوري، قال دبلوماسيون في الأمم المتحدة إن روسيا والصين قاطعتا محادثات مجلس الأمن الدولي التي عقدت أول من أمس لمناقشة مسودة القرار.
بدوره، اتهم البيت الأبيض النظام السوري بالتسبب بـ«أزمة إنسانية» بقمعه العنيف للحركة الاحتجاجية. ودعا دمشق «إلى وقف هذا العنف والسماح للجنة الدولية للصليب الأحمر بالوصول فوراً وبدون قيود الى تلك المنطقة»، فيما أعربت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، عن «قلقها الشديد لتدهور الوضع الإنساني» في سوريا.
(ا ب، ا ف ب، رويترز، يو بي آي)