يُسجّل لمدينة عكا انطلاقة الحركة النسائية الفلسطينية في بدايات القرن العشرين. ففي عام 1903، أسست مجموعة من السيدات الفلسطينيات «جمعية إغاثة المسكين الأرثوذكسية»، قبل أن تنضم يافا إلى الحركة مع تأسيس «جمعية اليتيمات الأرثوذكسيات في 1911. وحملت الجمعيتان طابعاً إنسانياً واجتماعياً.ومع نهاية الحكم العثماني ودخول فلسطين مرحلة الانتداب البريطاني، بدأت الحركة النسائية تأخذ دوراً أكبر في الحياة العامة على الصعد الاجتماعية والثقافية والسياسية، فأسست مجموعة من السيدات، من بينهن زليخة الشهابي وكاميليا السكاكيني، أول اتحاد نسائي فلسطيني عام 1921 في مدينة نابلس. وقد شارك الاتحاد في مظاهرات ترفض الانتداب ووعد بلفور، محذراً من خطر المشروع الصهيوني.
وفي القدس، سعت «جمعية السيدات العربيات» التي تأسست عام 1928 إلى تدعيم النضال النسائي. ومن المجموعة النسائية المؤسسة لهذه الجمعية خديجة الحسيني، طرب عبد الهادي، ذكية البديري، وحيدة الخالدي ونعمة العلمي.
وعلى وقع ثورة البراق وتحديداً في 26 تشرين الاول 1929، عقد أول مؤتمر نسائي في مدينة القدس بمشاركة 300 سيدة. وكان من ابرز مقرراته الاحتجاج على وعد بلفور والهجرة اليهودية إلى فلسطين، والاعتراض على معاملة البوليس البريطاني السيئة للسجناء العرب. وسيّر المؤتمر 80 عربة ببطء أمام القنصليات الاجنبية. بعدها، استمر النشاط النسائي خلال السنوات اللاحقة، فساهمت الحركة النسائية في مظاهرات في القدس و يافا عام 1933 حيث قدمت في تلك الفترة شهيدات نذكر منهن جميلة الأزعر، عائشة أبو حسن، عزبة بنت محمد علي سلامة، وتشاويك حسن.
ومع اندلاع ثورة 1936، انخرطت المرأة الفلسطينية بفاعلية كبيرة، فعملت من خلال الاتحاد العربي الفلسطيني والجمعيات الأخرى على جمع تبرعات من أموال نقدية وحلي ومجوهرات ووزعتها على عائلات الشهداء والمعتقلين. وساهمت أيضاً في شراء الأسلحة ونقلها بين المدن. كذلك جهّزت القرويات ملابس الثوار في الجبال، ونقلن إليهم المؤن والذخيرة على ظهور الحمير والبغال.
أما المحطة الأبرز فكانت المؤتمر العام الذي نظمته النساء الفلسطينيات في 30 نيسان 1936 والذي دعت فيه إلى مواصلة الإضراب والصمود. ولم تمض أربعة أيام على المؤتمر حتى عقدت 600 طالبة فلسطينية مؤتمراً خاصاً بالطالبات أكدن فيه التزامهن قرارات الثورة، ثم وزعن بيانات وملصقات تدعو الى مواصلة الإضراب، فيما سقطت شهيدة فلسطينية هي فاطمة غزال.
النشاط النسائي الفلسطيني لم يتوقف عند حدود فلسطين، فقد أرسل الاتحاد النسائي
الفلسطيني برقيات إلى الاتحادات النسائية العربية القائمة آنذاك تطلب فيها المناصرة، فلبى الاتحاد النسائي المصري برئاسة هدى شعراوي النداء، وعقد في القاهرة المؤتمر النسائي العربي الأول في عام 1938. وشاركت فلسطين بوفد من خلال الاتحاد النسائي العربي الفلسطيني، وألقت طرب عوني عبد الهادي كلمة وفد فلسطين الذي ضم الصحافية ساذج نجيب نصار. المؤتمر قرر دعوة كل الأطراف إلى التدخل للإفراج عن المسجونين الفلسطينيين، وناشد احترام الثورة الفلسطينية ومقاطعة البضائع الإنكليزية.
أما على الصعيد الدولي فقد أرسلت لجنة السيدات العربيات في القدس كتاباً الى مؤتمر السلم العالمي في بروكسل طالبن فيه بوقف الهجرة اليهودية وإقامة حكومة وطنية في فلسطين.



زهرة الأقحوان

شاركت المرأة الفلسطينية في التصدي للعصابات الصهيونية في عام 1948. يومها، ألفت مجموعة من السيدات في مدينة يافا فرقة نسائية سرية عملت على تزويد الثوار بالأسلحة والتموين. ومن النشاطات التي قامت بها الفرقة، أعمال الإسعاف وانقاذ الجرحى. وقد ضمت الفرقة عادلة الفطايري، يسرى طوقان، جهينة خورشيد، وأخريات، وأطلقت عليها السيدات في ذلك الوقت اسم «زهرة الأقحوان».