على ضوء تفاعل قضية اغتيال عائلة دوابشة حرقاً في قرية دوما في الضفة المحتلة، والتقديرات الأمنية التي حذرت من تنامي خطر الجماعات الاستيطانية الإرهابية، ليس على الفلسطينيين بل على مؤسسات الدولة العبرية نفسها، قرر المجلس الوزاري المصغر السماح للأجهزة الأمنية الإسرائيلية بتنفيذ اعتقالات إدارية في «حالات خاصة» بحق ناشطين يهود، شرط الحصول على تصريح من المستشار القضائي للحكومة، يهودا فاينشطاين.
ضمن هذا الإطار، يحق للأجهزة الأمنية تنفيذ عمليات اعتقال بحق ناشطين يهود يرتكبون اعتداءات إرهابية. وأكد المجلس الوزاري أنه يعتبر الاعتداء الدامي في قرية دوما عملاً إرهابياً «بكل ما للكلمة من معنى»، وأوعز إلى أجهزة الأمن اتخاذ الإجراءات المطلوبة لمحاكمة مرتكبيه ومنع تكرار مثل هذه الاعتداءات.
وتجدر الإشارة إلى أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تمارس الاعتقال الإداري بحق الناشطين الفلسطينيين، من دون أي محاكمة وتهم واضحة. وبموجب هذا الاعتقال يمكن أن يبقى الفلسطيني في السجون لسنوات تحت عنوان تمديد الإداري كل ستة أشهر.
في السياق، قرر المجلس الوزاري تشكيل لجنة خاصة مهمتها بحث عمليات إرهابية كالتي حدثت في دوما. لكن ما يلاحظ بخصوص اللجنة أن كل أعضائها من اليمين المتشدد الذين يجاهرون بدعم الاستيطان. ويترأس اللجنة وزير الأمن الإسرائيلي، موشيه يعلون، وتشارك فيها وزيرة القضاء اييلت شاكيد، إلى جانب وزير الأمن الداخلي غلعاد اردان.
على هذه الخلفية، قال يعلون إنه ستجري محاربة الإرهاب اليهودي بحزم ودون تساهل، معتبراً أن هذا الكفاح يدور حول «صورة دولة إسرائيل ولا توجد أي نية للتنازل في هذا المجال». ووصف القرارات التي أصدرها المجلس الوزاري المصغر بالمهمة، وتحديداً في ما يتعلق بتنفيذ أوامر اعتقال إدارية ضد إرهابيين ومتعصبين يهود. ولفت يعلون إلى أن الهدف من هذا الإجراء هو التضييق على الإرهابيين والمشاركين في الإرهاب في حالات تكون مشاركتهم في هذه العمليات واضحة من دون وجود أدلة كافية لاعتقالهم.
في الإطار نفسه، كشفت صحيفة «هآرتس» أن منفذي الاعتداء على قرية دوما ينتمون إلى مجموعة أيديولوجية متطرفة نفذت في الماضي عدداً من الاعتداءات، وتضم بضع عشرات من الناشطين. وأضافت الصحيفة أن هؤلاء يسكنون في بؤر استيطانية «غير قانونية» في الضفة، ويتجولون في نواحي إسرائيل، بما في ذلك داخل «الخط الأخضر». ولفتت إلى أن التقديرات الجديدة لدى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تفيد بأنه خلافاً للماضي، لم تعد هذه المجموعات تبحث عن الفائدة من أعمال مثل ردع الحكومة والأجهزة الأمنية عن إخلاء البيوت والبؤر الإستيطانية، بل باتت لديها خطة أكثر طموحاً، تتمثل في تقويض الاستقرار في إسرائيل أساساً، من أجل التسبّب في انقلاب في الحكم وإقامة نظام جديد يستند إلى الشريعة اليهودية.
على هذه الخلفية، تقوم هذه المجموعة، وفق «هآرتس»، بممارسة العنف بمنهجية واستمرارية، من دون أي صلة بسلوك الشرطة في المناطق الفلسطينية. مع ذلك، أوضحت الصحيفة أن التحول الايديولوجي لدى من كانوا يسمون «شارة الثمن» أو «شباب التلال» اكتشفه «الشاباك» والشرطة في نهاية 2014.
بموجب هذا التحول، توصل الناشطون المتطرفون إلى استنتاج مفاده أن عملية إحراق المساجد قد استنفدت نفسها، ويجب الذهاب إلى خطوة أوسع، الأمر الذي ورد في وثيقة صادرها المحققون لدى شاب حريدي من بني براك يدعى موشيه أورباخ، وقد تم تقديم لائحة اتهام بحقه في الأسبوع الماضي في قضية إحراق كنيسة على شاطئ طبرية.
وكشفت «هآرتس» أيضاً أن الذين قاموا بصياغة الأيديولوجية لا تربطهم أي صلة تقريباً بالحاخامات، وهم لا يعتبرون أنفسهم بحاجة إلى العبارات الدينية لتبرير أفعالهم. ولفتت الصحيفة كذلك إلى أن الحاخامات الذين كانوا في السابق متطرفين، يعتبرون أقل تطرفاً في الوقت الحالي.
وتابعت «هآرتس» أن الغالبية العظمى من هذه المجموعة معروفة لجهاز الشاباك والشرطة، إذ جرى في السنوات الأخيرة جمع معلومات استخبارية كثيرة عنهم. لكن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تتذرع بذريعة أن الصعوبة الأساسية أمامها تكمن في تحويل المعلومات الاستخبارية إلى أدلة جرمية.