صنعاء | تدخل اليمن مرحلة ضبابية جديدة بعد مغادرة الرئيس علي عبد الله صالح إلى السعودية للعلاج جرّاء إصابته بجروح لم تتضح خطورتها بدقة، إثر الانفجار الذي حدث في مسجد تابع لقصره الرئاسي يوم الجمعة. هذه المغادرة المفاجئة وضعت البلاد بين كفّي احتمالات مفتوحة على أسئلة تدور حول الشكل الذي سيكون عليه اليمن، وخصوصاً بعد نقل سلطات الرئيس إلى نائبه عبد ربه منصور هادي، وهو النقل الذي واجه صعوبات خلال اللحظات الأخيرة، بسبب رفض الرئيس علي عبد الله صالح توقيع تكليف رسمي لمنصور هادي ينقل من خلاله كامل صلاحياته، بما فيها قيادة القوات المسلحة، وقد تأخر سفر الرئيس للعلاج بسبب هذا الرفض. وهو ما يصبّ في فكرة أن صالح عائد إلى اليمن بعد رحلته العلاجية، وأنه لم يقرر التنحّي وترك اليمن. لكنّ موقفاً أميركياً لافتاً أعاد تنظيم الأوراق، عبّرت عنه إشارة أرسلتها واشنطن لنائب الرئيس للاستفادة من ظرف غياب صالح لتنفيذ انتقال سريع للسلطة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، في مؤتمر صحافي، مارك تونر، إن «صالح في السعودية يتلقى علاجاً طبياً، وهناك حكومة مدنية لا تزال موجودة في اليمن، فنعتقد أن الوقت حان الآن للبدء في انتقال سلمي نحو عملية ديموقراطية». موقف بلورته وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون عندما رأت أن «من مصلحة اليمن سرعة نقل السلطة»، لكنها رفضت التعقيب على ما إذا كان يتعين على صالح العودة من السعودية. ضغط إضافي تلقاه صالح من السعودية هذه المرة، التي دعته إلى توقيع المبادرة الخليجية التي تنص على تنحيه عن السلطة لنائبه، وتأليف حكومة وطنية. وقال وزير الثقافة والإعلام السعودي، عبد العزيز خوجة، في بيان، إن مجلس الوزراء «أعرب عن أمله أن تُوقَّع المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية من جميع الأطراف لتجاوز الأزمة»، مع توضيح خوجة أن الرياض استقبلت صالح والمصابين الرسميين الآخرين «بناءً على طلبهم»، وأن الاستقبال «هو واجب يمليه عليها دينها وحقوق الأخوة والجوار». مواقف ضربت صدقية الأنباء التي خرجت في الفترة الأخيرة عن أن صالح قد توصل إلى اتفاق مبدئي مع الولايات المتحدة والسعودية ودول الاتحاد الأوروبي على نقل السلطة، والعمل على الأرض على أساس أن مغادرة الرئيس صالح للعلاج هي إعلان تنحٍّ غير مباشر يحفظ له ماء الوجه.
ولعل اجتماع السفير الأميركي في صنعاء، جيرالد فيرستاين، مع نائب الرئيس، يأتي في سياق تدعيم فكرة وقوف الولايات المتحدة لتحقيق انتقال سلس للسلطة وإبلاغ النائب بدعم أميركا له. وجاء ذلك بعد تردّد نائب الرئيس في تسلّم السلطات من الرئيس علي عبد الله صالح، لأنه يعلم جيداً أن نجل الرئيس لن يسمح له بممارسة صلاحياته عملياً على الأرض. وقد ظهر ذلك في انتقال أحمد علي عبد الله صالح للإقامة في القصر الرئاسي، على الرغم من عدم إقامته هناك، فيما رفض النائب ممارسة مهماته من هناك، وذهب إلى مقر وزارة الدفاع بدلاً من القصر الرئاسي.
وفي هذا السياق، ومن أجل خلق مسارات مستقبلية بين النظام الذي يبدأ شكلاً جديداً من التحول وبين أحزاب اللقاء المشترك وأحزاب المعارضة الأخرى، جرت اجتماعات واسعة خطّط لها السفير الأميركي الذي يبدو لاعباً مركزياً على ملعب الأحداث الجارية اليوم في اليمن.
وبحسب ما أوردته صحيفة «الأولى» اليومية، في عددها الصادر أمس، فإن «أحزاب المعارضة التقت الليلة الماضية مع السفير الأميركي لدى صنعاء، والسفراء الأوروبيين، وناقشت الأزمة التي يمر بها اليمن وإمكان تجاوزها».
وأوضحت الصحيفة المستقلة، نقلاً عن مصدر رفيع المستوى في المعارضة، أن السفير الأميركي والسفراء الأوروبيين لدى اليمن طالبوا قيادة «المشترك» بضرورة البدء بحوار فوري مع حزب المؤتمر الشعبي العام من أجل نقل السلطة، طبقاً للمبادرة الخليجية التي وقّعها المؤتمر والمشترك».
وأشار المصدر إلى أن السفراء أكدوا أنه «لم يعد ضرورياً توقيع الرئيس صالح للمبادرة لأنه قد غادر البلاد»، فيما قال قادة المشترك «إنه لبدء الحوار لا بد من العمل على تهدئة الصراع على جبهتي الأمن والإعلام، عبر تأليف لجنتين مشتركتين من الطرفين لتهدئة الأوضاع الأمنية والإعلامية».
وبخصوص المعوّقات التي تواجه الانتقال السلس للسلطة في اليمن، قال مصدر قانوني في الحزب الحاكم، فضّل عدم ذكر اسمه، إن «الأبناء، العميد أحمد علي عبد الله صالح ويحيى محمد عبد الله صالح وأركان حرب الأمن المركزي وطارق وعمار محمد عبد الله صالح، لن يسمحوا بنقل السلطات والتخلي عن الحكم بكل هذه السهولة». وأكد أن محاولة الاغتيال التي تعرض لها الرئيس صالح لم تكن منفصلة عن سياق الضغط الذي كان يمارس على الرئيس صالح من أجل عدم موافقته على توقيع المبادرة الخليجية، وأن العملية جرت قبل وقت قصير من عقد لقاء كان سيضم أبناء الشيخ الأحمر والرئيس اليمني والاتفاق على إنهاء التوتر القائم بينهم، الذي أدى إلى حدوث مواجهات مسلحة عنيفة سقط خلالها المئات من القتلى من الجانبين وتحويل العاصمة صنعاء إلى ساحة حرب حقيقية.
من جهته، قال محمد البخيتي، وهو عضو معارض في أحزاب اللقاء المشترك، أن الرئيس اليمني لا يمكنه أن يترك السلطة بهذه السهولة وهي السلطة التي بقي متمسكاً بها طوال 32 سنة.
وفي وسط هذا الجو، طالبت اللجنة التنظيمية لثورة الشباب في اليمن بتأليف «مجلس رئاسي انتقالي يضم كافة القوى الوطنية لإدارة شؤون البلاد وتأليف حكومة كفاءات لإدارة المرحلة الانتقالية».



قنص ثلاثة من انصار الأحمر

على الرغم من وافقة الشيخ القبلي النافذ صادق الاحمر على وقف مشروط لاطلاق النار واخلاء المباني العامة التي احتلها انصاره بناء على طلب نائب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، قتل ثلاثة اشخاص من انصاره أمس برصاص قناصة بالقرب من منزله الاحمر في صنعاء. واكد مصدر قبلي أن «ثلاثة من أنصار الشيخ صادق قتلوا في عملية قنص قرب منزل الشيخ» في حي الحصبة شمال العاصمة اليمنية، متهماً «عناصر موالية للنظام» مسؤولة عن هذه العملية.
من جهةٍ ثانية، قتل ثلاثة اشخاص، بينهم جندي من الفرقة المدرعة الاولى المنشقة، في هجوم نفذه مسلحان اول من أمس بالقرب من منزل نائب الرئيس اليمني في صنعاء، حسبما افاد مصدر من الفرقة التي يقودها اللواء علي محسن الاحمر. وذكر المصدر ان قوات الجيش تمكنت من قتل المهاجمين. في غضون ذلك، قالت مصادر تجارية يمني.
(الأخبار)