سجّل الفلسطينيون اللاجئون في مخيم اليرموك السوري، أمس، انتفاضة مصغَّرة على بعض فصائلهمتحوّل تشييع الشهداء الفلسطينيين الذين سقطوا على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي في الجولان المحتل، أول من أمس، إلى ما يشبه انتفاضة على الفصائل الفلسطينية في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في سوريا، أمس، مع تحميل ذوي الشهداء مسؤولية استشهاد أبنائهم لتلك التنظيمات.
وخرج فلسطينيو اليرموك ليشيّعوا شهداءهم في جامع الوسيم في المخيم، فلم يردّدوا هذه المرة الشعارات المعتادة في مثل هذه المناسبات. ببساطة، عبّروا بعفوية عما كان يعتمل في صدورهم، فقد شتموا قيادات الفصائل الفلسطينية، ورأوا أنها أسهمت بطريقة أو بأخرى في مقتل أبنائهم. ورفض المشيعون مشاركة أي من مسؤولي الفصائل في الجنازة، وتوجهوا إلى جبانة المخيم. وبعد الدفن، حضر مسؤول العلاقات الخارجية في «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، ماهر الطاهر بين المشيعين. حضور الرجل استفزّهم فطلبوا منه الرحيل، وخصوصاً أن هتافات المشيعين كانت ضد هؤلاء المسؤولين. لكن الرجل حوصر من المعتصمين ولم يتمكن من المغادرة. ويقول أحد الشهود العيان: «هجموا على سياراته لمجرد أنه مسؤول فصيل، كذلك اعتقدوا أنه (الأمين العام للجبهة الشعبية ـــــ القيادة العامة) أحمد جبريل، بسبب وجود المسلحين المرافقين له». مشهد مرافقي الطاهر استفزهم، وخصوصاً أنه في جنازة شهداء «مسيرة العودة ـــــ 1»، حضر جبريل بمرافقة ستة مسلحين حوله، ما أثار الغضب في حينها. وأمام هذا الوضع المتشنج، بدأ المشيعون برشق الطاهر بالحجارة، ما دفع بأحد مرافقيه إلى إطلاق النار في الهواء لتفريق المتظاهرين. ثم قرر المشيعون التوجه إلى مبنى مجمع الخالصة، وهو مركز لـ«الجبهة الشعبية ـــــ القيادة العامة»، وهو الذي «تحول إلى مربع أمني» بعد الاحتجاجات الأخيرة في سوريا، بحسب شاهد عيان. اقترب المشيعون من المبنى، وشتموا أحمد جبريل، فتمركز عناصر الجبهة على الشرفات وأطلقوا نيرانهم على المحتشدين. ازدادت حالة الجنون بين عناصر «القيادة العامة» فازدادت معها كثافة النيران وحدة الشعارات المناهضة لجبريل ولقيادات فصائلية أخرى. وبرر البعض أسباب هذه الشعارات وهذا الغضب بـ«ظهور أحد مسؤولي القيادة العامة على التلفزيون السوري الرسمي من منطقة عين التينة، مطالباً من يريد الاستشهاد بالحضور إلى الحدود (في الجولان)». هكذا، تحتدّ المواجهة بعد إطلاق النار على المعتصمين الذين تهافتوا باتجاه مبنى المجمع. هناك، يتساقط الجرحى، فيُنقَلون إلى مستشفى الخالصة القريب والمجتهد والمواساة والرحمة واليونس؛ «لأن «مشفى الخالصة لم يتمكن من استقبال الأعداد الكبيرة للجرحى». أما عن عدد القتلى، فأشارت التقارير إلى قتيلين و24 جريحاً.
مطلقو النار بالنسبة إلى أبناء المخيم معروفون بالأسماء. تتدخل بعد حفلة الجنون هذه «كتيبة حفظ الأمن» التابعة للأمن السوري. يطلب منها المعتصمون الخروج؛ لأن ما يجري «شأن داخلي» على حد وصف أحد الشهود العيان. ترحل الكتيبة، يصفق الحضور لـ«انتصارهم». يهجمون على المبنى المستهدف فيحرقون السيارات التابعة لـ«القيادة العامة» المتوقفة أسفله. «نعرفها من أرقامها التي تبدأ بـ221 و228 و 229»، يقول أحدهم. يبدأ وجهاء المخيم بالتدخل لدى المحتشدين لتفريقهم، فتهدأ النفوس نسبياً بعد توقُّف إطلاق النار. يعود المعتصمون إلى منازلهم ليسمعوا إذاعة القدس الداخلية، التابعة لـ«القيادة العامة» تذيع الخبر التالي: «مسلحون يطلقون النار على مبنى القيادة العامة في الخالصة، كذلك أحرق المندسون سيارات تابعة للجبهة». يعلق أحد الشهود بـ«الله أكبر! صرنا مندسين من دون ما نعرف».
(الأخبار)