عمان | يتطلّع الكثير من أبناء الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة وفي الشتات الى استحقاق الاعتراف بالدولة الفلسطينية في أيلول المقبل بكثير من التفاؤل الحذر، باعتبار أن هذا الاعتراف يمثّل خلطاً للأوراق السياسية، وخصوصاً في ما يتعلق بحق العودة والتعويض، إلا أن الخطابات المتتالية للرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عكست حالة من الإحباط بين الفلسطينيين وخاصة في الشتات.فالبنسبة الى اللاجئين فإن وقوف الأمر على إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران من عام 1967، أمر يمثّل مخاوف لهم بعدم العودة الى مدنهم وقراهم. أنواع المخاوف عديدة، تتسم غالبيتها بالغموض من تفريط قيادة منظمة التحرير الفلسطينية بحق العودة، والاكتفاء بإعلان الدولة في الضفة الغربية وقطاع غزة.
الناشط السياسي اليساري عرفات بلاسمة، من قرية كفر سابا، يتساءل عن حقه في العودة الى قريته التي هُجّر منها عام 1948. ويقول «انتزاع دولة على حدود عام 1967 ليس مطلباً لنا، أنا ضد الاكتفاء بإعلان دولة فلسطينية بهذه الطريقة، نحن في المخيم ولنا حراك شبابي كبير بدأ يتحرك بعيداً عن قياداته وتنظيماته، فإسرائيل تؤكد كل لحظة ويوم أن القدس عاصمة للدولة اليهودية وهذا بالنسبة إلينا شيء مستحيل، وأرى ما يقوم به ويفعله محمود عباس من قرارات في هذا الاتجاه مفبرك». وأكد بلاسمة حقه في العودة الى قريته في فلسطين «أنا مع العودة الى وطني، وفلسطين بالنسبة إليّ وحدة كاملة لا تتجزأ، وسقفنا الحقيقي هو تحرر أرضنا، نحن لا نفاوض مثلاً على غرفة لنا داخل بيتنا».
العودة بالنسبة الى الشباب الفلسطيني هي الخط الأحمر وهي التي يتطلعون إليها باعتبارها الحق الأول والأخير، فمقولة أن الكبار سوف يموتون والصغار سوف ينسون، أثبتت فشلها، كما يؤكد عضو حركة «فتح» ماهر أبو حشيش: «سوف نعود الى فلسطين، وبالنسبة إليّ استحقاق إعلان الدولة في أيلول المقبل خطوة جيدة. وأعتقد أن نتنياهو يناور في هذا المجال، إلا أنه سوف يرضخ في نهاية الأمر، أجيال عديدة ولدت وتولد من أبناء الشعب الفلسطيني، لا أحد منها نسي ولو للحظة أن له الحق في العودة الى وطنه التاريخي فلسطين».
أما حمزة الصرفندي، وهو سائق سيارة أجرة داخل مخيم البقعة، فيقول «أتمنى أن يكون غداً شهر أيلول لتعلن الدولة، لكن على القيادة الفلسطينية أن لا تنسى حق العودة الى كل فلسطين». وعبّر ليث أسعد، وهو ناشط سياسي مقرب من حركة «فتح»، عن مخاوفه من نتائج اتفاقات أوسلو التي قد تستثني اللاجئين من حق العودة. ويقول «لي أرض في جلبة قضاء الرملة، أين سيكون حقي إذا اختزلت في الضفة الغربية. وبالنسبة الى مدينة القدس، ماذا عنها كعاصمة لفلسطين». ويضيف «إرادة الشعب المضطهد لن تتوقف عند إعلان أبو مازن أو المجتمع الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة. نحن كلاجئين، لنا حق بالعودة الى بيوتنا وأراضينا، لا الى جزء منها».
ويرى نمر سويدات، وهو أحد أبرز قياديي حركة «فتح» في المخيم، أن التعنت الإسرائيلي في التعامل مع المطالب الشرعية للشعب الفلسطيني وفشل المفاوضات أديا بالقيادة الفلسطينية الى الاتجاه لتأكيد هذا المطلب «هذا للجم إسرائيل وغطرستها، هذا خيارنا وهو مشروع، ولدينا أصلاً اعتراف أولي بحقوقنا، ونتنياهو لا يستطيع أن يوقف الاعتراف بالدولة الفلسطينية، مع حفظ حق العودة الذي تكفله المواثيق والقوانين الدولية».
أما أبو عدنان، وهو رجل ثمانيني يجلس على باب بيته وحوله أحفاده، فيؤكد حقه بالعودة الى قريته بيت محسير «أنا مع قيام الدولة، هناك أناس يقولون سواء عدنا أو لا... نحن ننتظر الحل والعودة الى قرانا وبيوتنا وحياتنا التي توقفت هناك».
تراجع حجم الخدمات الصحية والتعليمية والإنسانية التي كانت تقدمها وكالة الغوث (الأونروا) سبّب الكثير من المخاوف لأبناء المخيمات بأن يصبحوا في عالم النسيان، وشكل إشارة ضاغطة عليهم نتيجة تراجع الدول المانحة في الالتزام بتقديم الدعم لهم كلاجئين. وشدد نائل أبو فرحان على ضرورة أن تعلن منظمة التحرير الفلسطينية الدولة ولو من طرف واحد، «أعتقد أن إعلان الدولة هو أحد الضغوط التي يمكن أن نمارسها على الكيان الصهيوني، وإجباره على المضيّ في عملية السلام وإنهاء أشكال الغطرسة والاستيطان على نحو نهائي، وخصوصاً في ظل الثورات العربية التي ستكون مساندة للشعب الفلسطيني».
القيادي في الجبهة الشعبية في المخيم، عبد الله فرحات، رأى أن الشرط الأساسي والأهم في إعلان الدولة، وهو عودة اللاجئين الفلسطينيين، لن يكون موجوداً ولم يضمن لغاية الآن «من الجانب القانوني، الفائدة المرجوّة لن تكون موجودة أو لها أي ضمانة مثل حق العودة، كما أننا من ناحية قانونية لم نستطع أن نحقق شيئاً في هذا المجال». إعلان الدولة الفلسطينية بهذه الشروط من قبل قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، بالنسبة إلى فرحات، ما هو إلا تصفية للقضية لمصلحة إسرائيل وأميركا.