القاهرة | بذل أعضاء المجلس العسكري، الذين حضروا لقاء «شباب الائتلافات»، أول من أمس، مجهوداً كبيراً للتهرب من الأسئلة الخاصة بممارسات الشرطة العسكرية ضدّ المتظاهرين، وفضيحة تعرض الفتيات اللواتي اعتُقلن في ميدان التحرير لكشف عذرية إجباري. وركّزوا إجاباتهم فقط على الانتخابات المقبلة والدستور، متجاهلين التظاهرة التي كانت تقف على بعد خطوات من مقرّ اللقاء، حيث ندّد المتظاهرون بانتهاك حرمة الفتيات.في المقابل، حشدت جماعة الإخوان المسلمين والسلفيون عدداً كبيراً من أعضاء شبيبتهما لسدّ الفراغ الذي تركه «شباب الائتلافات»، الرافضين لقاء أعضاء المجلس. ظهر ذلك في التصفيق لأعضاء المجلس عند الحديث عن إجراء الانتخابات في موعدها. وانقسمت القاعة الى طرفين. الأول يمثل الإخوان والسلفيين المؤيدين لنتيجة الاستفتاء. والثاني يمثّل «شباب الائتلافات»، الداعين الى وضع دستور جديد أولاً.
في بداية اللقاء انسحب عدد من الشباب عندما أعلن العسكر أن وقائع الاجتماع ستسير وفق خطة موضوعة سلفاً، تقضي بشرح إنجازات المجلس العسكري لفترة ساعة، ثم يبدأ أعضاء المجلس تلقي أسئلة الشباب، على أن يكون من حقهم الردّ على ما يريدونه، وتجاهل الأسئلة الأخرى، وهو ما دفع الشباب الى الانسحاب احتجاجاً.
المفارقة الغريبة أن المجلس تلقى ما يقرب من 800 سؤال، أجاب عن خمسة أسئلة منها فقط. واستهل عضو المجلس اللواء ممدوح شاهين اللقاء بقوله «نحن ملتزمون بإجراء انتخابات مجلس الشعب قبل نهاية أيلول، وهذا التزام حتمي، وسنسعى إلى أن ينص الدستور الجديد على أنّ القوات المسلحة ضامنة للدستور، وحامية للديموقراطية والدولة المدنية».
وأضاف شاهين إن الجيش لا يريد القفز على السلطة إطلاقاً، وأكبر دليل على ذلك أن «ثورة يونيو أعدّت إعلاناً دستورياً بعد 6 أشهر، احنا عملنا الاعلان أسرع من كده بكتير جداً». وردّ على سؤال عن وضع المجلس العسكري الإعلان الدستوري من دون أن يستفتي الشعب عليه، قائلاً «الإعلان الدستوري لا يُستفتى عليه، والجهة الحاكمة هي التي تضعه، وقد جرت في هذا الإعلان حوارات كثيرة بيننا وبين أساتذة القانون الدستوري في كل الجامعات المصرية». وحاول تلطيف أجواء الحوار ونزع سخونة الأسئلة التي تحدثت عن المحاكمات العسكرية، بقوله إن «القضاء العسكري هيئة قضائية مستقلة، وفيها كافة الضمانات».
وأشار عضو المجلس العسكري ردّاً على سؤال عن ضرورة حل المجالس المحلية، التي يتولاها رجال الحزب الوطني المنحل، الى أنه «سيصدر قرار بخصوص المحليات خلال الأيام المقبلة». أضاف إن «قانون انتخاب مجلس الشعب لا يزال قيد الحوار، وما ستتوافق عليه القوى الوطنية سوف ننفذه»، قائلاً «عاوزين بالقائمة والفردي هنخليها وبالنسب اللي انتوا عايزينها».
بعد حديث شاهين، أتى الدور للعضو الثاني في المجلس اللواء محمد العصار، الرجل الذي يوصف بالقوي داخل القوات المسلحة. وبدأ حواره مع الشباب بالحديث عن أهم التحديات التي تواجه الثورة، وهي من وجهة نظره «استعجال الشعب لنا في اتخاذ القرارات، لكن يجب الانتباه الى أن هذه التجربة غير مسبوقة». ولم يغفل أن يشن هجوماً حاداً على الإعلام عبر قوله «رصدنا في 23 برنامجاً حوارياً 82 شخصية خلال أسبوع واحد في الفترة من 21 أيار الى 27 أيار هاجموا المجلس العسكري». وأضاف «طبعاً هناك حرية تعبير، لكن ليس بهذا الشكل». وأشار الى قائمة من يهاجمون المجلس من نشطاء الإنترنت على «الفايسبوك» و«تويتر»، قائلاً إن «السموم التي تُبث على الإنترنت من أجل الوقيعة بين الجيش والشعب لن نصمت عليها».
وخلال الحوار حدثت عدة مقاطعات من القاعة، أشارت الى ضرورة وقف المحاكمات العسكرية، وأن يُوضع الدستور أولاً قبل إجراء الانتخابات، ويُكشف عن نتائج التحقيق في وقائع فض الاعتصام في آذار، ويُحقَّق في أحداث السفارة، إلا أن هذه المطالب قوبلت بموجة غاضبة من شباب الإخوان والسلفيين، الذين هتفوا في وجه المتحدثين «برّة برّة»، فما كان من اللواء العصار إلا أن قال «احنا هنا في مكان انضباط. عيب كده. متخلونيش اضطر لإنهاء هذا الحوار فوراً».