نابلس | بدأت مجريات الأمور تتغير على الأرض في محيط مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، منذ ساعات المساء، حينما أبلغت إسرائيل السلطة الفلسطينية بنيتها القيام بما اصطلح على تسميته «نشاط أمني» في المدينة، فعمدت قوات الاحتلال الى نصب حواجز عسكرية عدة، وصولاً إلى إغلاق حاجز حوارة، وهو الحاجز الرئيسي لمدينة نابلس عند انتصاف الليل، وتحويل السير إلى طرق أخرى فرعية للمدينة.لكن السلطة الفلسطينية، وكذلك سكان المدينة فوجئوا بوصول أكثر من 1600 مستوطن يهودي إلى محيط «قبر يوسف» الذي يتوسط خمس مدارس فلسطينية ومخيمين للاجئين، هما عسكر وبلاطة، وكذلك مواقع للأمن الوطني الفلسطيني، تحت حراسة مشددة من جيش الاحتلال الإسرائيلي وقوات من الشرطة.
ما إن انتشر خبر وصول المستوطنين اليهود إلى المدينة، حتى تجمع مئات الشبان الفلسطينيين لمراقبة تحركاتهم، وسرعان ما اندلعت مواجهات عنيفة بينهم وبين مجموعة أخرى من المستوطنين اليهود وصلوا إلى نابلس، وبالتحديد إلى الأحياء الفلسطينية القريبة من القبر من دون التنسيق حتى مع الجيش الإسرائيلي، ما زاد الأجواء توتيراً.
وبحسب مصادر عسكرية إسرائيلية، فإن 200 مستوطن وصلوا مدينة نابلس ومنطقة قبر يوسف، من دون التنسيق مع جيش الاحتلال، الذي أعطى تصريحاً لـ 1600 مستوطن بالدخول بحمايته، نقلوا بحافلات إلى المكان. جيش الاحتلال ومستوطنوه فتحوا نيرانهم تجاه الشبان الفلسطينيين، وأطلقوا الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز والصوت، بينما كان المتطرفون اليهود يهتفون بعبارات عنصرية ضد الفلسطينيين والعرب على حد سواء، بحسب شهود عيان في المكان.
مواجهات أخرى إسرائيلية ـــــ إسرائيلية اندلعت في المكان، بعد رفض عشرات المستوطنين من المتطرفين إخلاء المنطقة، وقرروا البقاء في القبر. وبحسب الإذاعة الإسرائيلية، فإن اليهود المتشددين تحصّنوا داخل الضريح، ورفضوا مغادرته ودخلوا فى مواجهات مع الجيش الإسرائيلي، وهؤلاء المستوطنون كانوا ضمن مجموعة من 200 مستوطن دخلوا نابلس سيراً على الأقدام من دون التنسيق المسبق مع الجيش الإسرائيلي.
هذه الأحداث وقعت قرابة الواحدة من فجر الاثنين، واستمرت حتى الخامسة فجراً بعد إخلاء جميع المستوطنين من القبر، ومغادرة نابلس، وإعادة فتح حاجز حوارة والحواجز «الطيارة» الأخرى، التي وضعت على الطرقات القريبة خصيصاً لحماية المستوطنين.
وهذه هي المرة الأولى التي تسمح فيها إسرائيل لهذا العدد الكبير بالدخول إلى مدينة نابلس، بعد حادثة مقتل مستوطن يهودي وإصابة خمسة آخرين قبل نحو شهر ونصف شهر، بعدما حاولت مجموعة من المستوطنين دخول المنطقة من دون تنسيق، ما أدى إلى مقتل أحد هؤلاء المستوطنين برصاص فلسطيني.
يذكر أن إسرائيل كانت قد ألغت زيارة لخمسة عشر عضواً من أعضاء الكنيست الإسرائيلي من اليمين المتطرف، خططوا لزيارة القبر، إلا أن الاستعدادات الفلسطينية للتصدي لهذه الزيارة دفعت بجيش الاحتلال إلى إلغائها، وخصوصاً أنها تزامنت مع زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للولايات المتحدة في ذلك الوقت.
يذكر أن اليهود الذين يدخلون إلى «قبر يوسف» ينتمون إلى مجموعة دينيّة متطرفة تدعى «جماعة برسلب»، وقتل أحدهم قبل نحو شهر بعد دخولهم المنطقة من دون تنسيق مع السلطة الفلسطينيّة. أعضاء هذه المجموعة الذين يسعون إلى إعادة اليهود الى نابلس، قالوا إن نشطاء من مجموعتهم دخلوا الأحياء الفلسطينية في نابلس من دون التنسيق مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، رداً على عدم فتح «قبر يوسف» بوجه الإسرائيليين على نحو دائم.
إلى ذلك، فرضت قوات الاحتلال الإسرائيلي منع التجول على قرية عراق بورين القريبة من نابلس، بعد مواجهات عنيفة مع الشبان الفلسطينيين، اندلعت إثر اقتحام قوات إسرائيلية راجلة ومحمولة للقرية، وحوّلت عدداً من منازلها إلى نقاط عسكرية. وخلال المواجهات، أصيب الشاب ذيب قادوس البالغ من العمر 20 عاماً، بعيار معدني في الوجه، حيث نقل بسيارة إسعاف إلى المستشفى لتلقّي العلاج، فيما أصيب عدد آخر من المواطنين بالاختناق.