المنامة ــ حسين الدرازي
ليس جديداً على البحرين دخول قوات «صديقة» لمساعدتها على إخماد أيّة احتجاجات شعبية. لم ينس البحرينيون بعد التدخل السعودي والدعم الإماراتي في التسعينيات. لكن لم يصل الأمر الى حدّ الدخول العلني بهذا النحو على ظهر الدبابات والمدرّعات.
مساعدة الدول «الصديقة» اليوم للبحرين لا تتوقف عند حدود الدول الخليجية، بل تتعداها إلى مشاركة قوات يمنية وأردنية بمساعدة زميلتها البحرينية على «فرض الأمن». المشاركة لا يتحدث عنها الإعلام أو يقرّ بها المسؤولون، لكنّها واقع ملموس يشهده البحرينيون بأعينهم.

منذ اليوم الثالث لدخول قوّات «درع الجزيرة» البحرين، أي في 17 آذار، بدأت قوات أردنية بالتحرك من الأردن برّاً، مروراً بالسعودية قاصدةً البحرين. كانت المعلومات التي حصلت عليها «الأخبار» من مصادر صحافية أردنية، غير متداولة داخل المملكة الصغيرة. حاولت «الأخبار» التأكد من صدقية هذه المصادر الصحافية الأردنية، لكن المعارضة كانت شبه غائبة عن الوعي بعد تلقيها الضربة الأمنية، والسلطات الرسمية ترفض التعليق على أي خبر مشابه. مضت أسابيع حتى بدأت تكتمل الصورة. صار الناس يميزون الواقفين على نقاط التفتيش من لهجاتهم، وإن كانت السلطات البحرينية قادرة على خداع المواطنين طوال هذه الفترة، حيث كانت تقديرات السلطة تقول باستحالة معرفة الناس بوجود قوات أردنية أو يمنية، بسبب سياسة التجنيس التي استفاد منها الكثير من اليمنيين والأردنيين، ما أهّلهم للانضمام في غالبيتهم الساحقة إلى الأجهزة الأمنية والعسكرية، لكن حادثة النويدرات الشهيرة، كشفت المستور وبدأت التساؤلات تدور أكثر من إمكانية السلطة نفيها.
نجمت حادثة النويدرات عن خلاف بين عناصر قوات الأمن أنفسهم، حيث استخدموا الرصاص الانشطاري في ما بينهم، ما أدى إلى وقوع 9 إصابات. نُقل على أثرها العناصر المصابون إلى المستشفى العسكري لتلقّي العلاج.
كان يمكن هذا الخبر أن يمرّ مرور الكرام، إلا أن السلطات حاولت إلباس المواطنين تهماً جديدة، فاعتقلت شخصاً اتهمته بدهس 9 رجال أمن (4 منهم في حال خطرة)، ما حدا بالمواطنين الى متابعة أي شيء يُكتب عن هذه الحادثة. وبالفعل هذا ما كشفه شباب المعارضة في اليوم الثاني، حينما قرأوا في الصحف الأردنية خبر إصابة قوات الدرك الأردني في اشتباكات في البحرين.
مصدر أمني مطلع، فضّل عدم الكشف عن اسمه، يؤكّد أنّ قوّات أردنية جُلبت الى المملكة بطلب بحريني على دفعتين. الدفعة الأولى وصلت في 18 آذار، ألّفت 1200 عنصر، والدفعة الثانية 1800 عنصر وصلت أواخر آذار المنصرم. ويشير المصدر نفسه الى أن هذه القوّات جُلبت في مقابل مبالغ مالية سدّدتها الحكومة البحرينية للأردن، وأنّ القوات التي وصلت للبحرين ليست عناصر «درك» أدرني، بل قوات خاصة تابعة للحرس الملكي الأردني.
أما حكاية القوات اليمنية مع البحرين، فكشفها مراسل «بي بي سي» عبد الله غراب الذي تناولها في تقرير عن تعاطف الحكومة البحرينية مع الرئيس عبد الله صالح، موضحاً أنّ السبب يعود إلى إرسال اليمن 3000 جندي للبحرين لمساندتها في قمع شعبها. وأكّد أنّه حصل على هذه المعلومة من مصدر استخباري يمني. ولما وضعت «الأخبار» المصدر الأمني البحريني في أجواء هذا التقرير لم ينف الأمر، معلّقاً بأن الكثير من القوات الأجنبية موجودة اليوم في البحرين، وأنّ الأمر بات مشوشاً حتى بالنسبة إلى الأمن البحريني الذي يتلقى شكاوى السرقات التي يتعرض لها المواطنون عند نقاط التفتيش أو سوء المعاملة، ما يضطرهم لسؤال المشتكي عن لهجة الشخص والزي العسكري الذي يرتديه. وتُستخدم هذه القوات، اليمنية خصوصاً، في المداهمات الليلية التي تحصل على منازل المواطنين، فيما تؤكد مصادر المعارضة أن سكوتها لن يكون طويلاً عن هذا الأمر تحديداً، بعد رفع قانون السلامة الوطنية مطلع حزيران المقبل.