القاهرة ــ الأخبار تُسارع الولايات المتحدة خطاها باتجاه مصر. لا تريد القوة العظمى أن يجني أحد سواها ثمار ربيع الثورة المصرية. ومنذ أيام، خصّص الرئيس الأميركي باراك أوباما مليار دولار على هيئة قروض، مساهمةً من بلاده لدعم البنية الأساسية في مصر، وقرّر كذلك تخفيف الديون المستحقة على مصر لدى الولايات المتحدة بمليار دولار. وبالتوازي، رشّح آن باترسون لتولي منصب سفير الولايات المتحدة لدى القاهرة، خلفاً لمارغريت سكوبي التي شهدت انهيار الرئيس حسني مبارك، الصديق المقرب من الإدارة الأميركية. تحاول واشنطن الآن بناء علاقات جديدة مع مصر الثورة دبلوماسياً واقتصادياً.

ونظراً إلى مدى التعاون الوثيق بين الدولتين، كان الدفع بباترسون كأحد الأسماء اللامعة، التي برزت أخيراً على الساحة السياسية الأميركية، بالتزامن مع انتشار وثائق «ويكيليكس»، حيث ارتبط اسمها بالكشف عن تفاصيل مثيرة في العلاقات الأميركية الباكستانية طوال فترة توليها منصب سفيرة الولايات المتحدة هناك.
وبمجرد إعلان اختيار باترسون، رأى كثيرون أن هذه رسالة قوية من واشنطن للقاهرة، للتشديد على «الأهمية التي توليها إدارة أوباما لعلاقاتها مع مصر الجديدة»، على اعتبار أن باترسون هي أحد الأعضاء الأكثر خبرة ضمن السلك الدبلوماسي الأميركي؛ إذ كشف عدد من وثائق «ويكيليكس» أن باترسون كانت تكتب تلك الوثائق شخصياً. وتوصف فترة وجودها في باكستان بأنها الأنشط في التعاون الاستخباري بين واشنطن وإسلام آباد. وقد أسهمت علاقة باترسون وحنكتها في تقريب وجهات النظر بين البلدين، فيما كان التنافر سيد الموقف.
وفي مسيرتها الدبلوماسية، شغلت باترسون منصب نائبة السفير الأميركي في الأمم المتحدة، وكانت المسؤولة في وزارة الخارجية عن ملف التهريب الدولي للمخدرات، وسفيرة بلادها في كل من كولومبيا والسلفادور. وبدا أمر تعيين باترسون بالنسبة إلى المراقبين كأنه جهد أميركي استباقي لصورة الحكم في مصر، حيث يرى البعض أن المستقبل يسير باتجاه النموذج الباكستاني: حكومة من الإسلاميين برعاية الجيش. أوراق اعتماد السفيرة الجديدة ستتوقف بالضرورة على فتح قنوات اتصال وبناء جسور ثقة مع مصر ما بعد الثورة قبل الدبلوماسية. علاقات قائمة في المقام الأول على المشاركة لا التبعية، كما كان يحدث في السابق، وعلى النظر إلى مصر بوصفها دولة صاحبة التاريخ الطويل في المنطقة، وهو ما يعني دوراً أوسع لمصر على حساب السعودية. وهنا قد تكمن صعوبة مهمة باترسون المقبلة.