السفارة الأميركية في الرياض، القنصلية الأميركية في جدة والقنصلية الأميركية في الظهران. تتعدد البرقيات الصادرة عنها، والهدف واحد. رصد كل ما له علاقة بسكان السعودية من المذهب الشيعي في مختلف مناطق المملكة، ولا سيما في المنطقة الشرقية. فالشيعة من وجهة النظر الأميركية يطلبون المزيد من الحقوق، تمثيلاً أكبر في الحكومة، والوصول إلى المؤسسات التعليمية والمؤسسات المدنية الأخرى. وباتوا يرفعون صوتهم أعلى للحديث عن مطالبهم، وسط مخاوف من أن يؤدي حرمانهم حقوقهم المشروعة إلى التطلع لجهات خارجية للحصول على دعم سياسي أو توجيه عقائدي.
من هذا المنطلق، تخلص البرقيات الأميركية إلى مجموعة من الاستنتاجات بشأن طبيعة العمل التي ينتهجها أبناء الطائفة الذين يمثّلون قرابة 10 في المئة من سكان المملكة، بهدف اكتساب المزيد من الحقوق. فهم يعوضون عن غياب المشاركة السياسية من خلال عدد من الوسائل، بما في ذلك المنتديات أو جلسات النقاش التي تعقد في داخل المنازل والجمعيات غير الحكومية (06RIYADH3301)، فيما يتحايلون على تهميش قضاياهم في وسائل الإعلام التقليدية من خلال اللجوء إلى وسائل أكثر حداثة، وتحديداً صحافة الإنترنت.
كذلك تميز معظم هذه الفئة من المواطنين السعوديين إلى حدٍّ بعيد بين الملك عبد الله بن عبد العزيز والحكومة السعودية. يحترمون ملكهم، أوفياء له، ويعتقدون أن لديه نيات طيبة، لكنهم في الوقت نفسه يأخذون عليه عجزه عن تحقيق ما يطمحون إليه من تحسين أوضاعهم. ومع ذلك، فهم لا يترددون في طرح مشاكلهم بصراحة مع الملك، عندما تسنح لهم الفرصة للقائه، أو مع أي مسؤول حكومي آخر، بما في ذلك أمير المنطقة الشرقية، الأمير محمد بن فهد، أو حتى وزير الداخلية نايف بن عبد العزيز، اللذين يرى فيهما الشيعة مصدراً رئيسياً للتمييز الذي يتعرضون له.

أوجه التمييز

وفيما نقلت البرقية (09RIYADH824) عن الناشط الحقوقي إبراهيم المقيطيب قوله إن أوضاع الشيعة تراجعت خلال الأشهر الثمانية الماضية، معدداً مجموعة من الحوادث التي تدل على وجود تمييز سياسي وديني بحق الشيعة، تحدثت البرقية (08RIYADH853) عن تواصل شعور الشيعة في السعودية بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية، يواجهون مظاهر تمييز رسمي وغير رسمي، مستندة في ذلك إلى عدد من البرقيات السابقة للقنصلية الأميركية في الدمام، بالإضافة إلى عدد من المقابلات وإحصاءات عن أوضاع الشيعة في الأحساء، قدمها ناشطون شيعة للجنة حقوق الإنسان في بداية عام 2008، واستطاعت السفارة الحصول على نسخة منها.
وتضيف: «هذا الوضع غير المتكافئ يستمر ظاهراً في مؤسسات من مختلف جوانب الحياة السياسية، القانونية، التعليمية الدينية، والاقتصادية». أما تحدي تغيير الحالة المؤسساتية فإنه أقل ترويعاً من تحدي تغيير الإجحاف الفردي الذي يحمله العديد من السعوديين السنّة.
وعلى صعيد التمييز المؤسساتي المستمر، وتحديداً السياسي، لفتت البرقية إلى أنه رغم تمثيلهم لثلث عدد سكان المنطقة الشرقية، فإن 3 فقط من أصل 59 من أعضاء المجلس البلدي المعينين في المنطقة الشرقية هم من الشيعة، رغم أنهم 11 من أصل 12 من الأعضاء المنتخبين. وفي الأحساء، حيث يمثّل الشيعة قرابة 60 في المئة من السكان، جميع المكاتب الحكومية الـ46 يديرها سُنّة.
أما على الصعيد الوطني، فإن 3 فقط من أصل 150 عضواً من مجلس الشورى المعينين شيعة، ولا شيعة يحتلون منصباً وزارياً أو منصب نائب وزير، حاكم أو نائب حاكم. ولا شيعة دبلوماسيين في وزارة الخارجية السعودية، أو يمثلون السعودية في المؤسسات الإسلامية.
أما الرموز الشيعية التي تعمل مع المؤسسات الحكومية السعودية، مثل لجنة حقوق الإنسان، أو على سبيل المثال في مناصب بلدية في القطيف، فغالباً ما ينظر إليها على أنها «في جيب الحكومة السعودية ولا تمثل مصالح المجتمع الشيعي أو هواجسه».
أما على الصعيد القانوني، فتلفت البرقية إلى أن تطور نظام المحكمة الجعفرية من قاضٍ واحد إلى قاضيين، وإضافة محكمة استئناف تضم ثلاثة قضاة، لم يسهما إلا في تذكير الطائفة الشيعية بـ«الجمود وغياب التزام الحكومة السعودية في التعاطي مع هواجس الشيعة». فبينما ارتفع عدد القضاة إلى سبعة، تآكلت سلطة المحكمة، وخُفضت للنظر فقط في الأحوال الشخصية، وإذا اختلف المتخاصمون بشأن الحكم، يمكن تحويله إلى المحكمة الشرعية. كذلك لا تملك المحكمة الجعفرية القدرة على الحكم في القضايا الشيعية للمواطنين الذين يعيشون خارج القطيف أو الأحساء، ما دفع رئيس القضاة في القطيف، الشيخ محمد العبيدان، إلى إخبار أحد الدبلوماسيين في السفارة الأميركية بأن القضاة الشيعة «لا يرون أي إصلاح أمامهم، ويبقون محبطين من تهميشهم».
وعلى الصعيد التعليمي، توضح البرقية أنه لم يتغير الكثير من وضع الشيعة خلال السنوات الماضية، فهم لا يسمح لهم بفتح مدارس خاصة، ومن أصل 319 مدرسة للصبيان في الأحساء، لا يوجد سوى 7 مديري مدارس من هذه الطائفة، فيما يشغل 30 فقط منهم منصب نائب مدير مدرسة. أما في مدارس الإناث، فالوضع أسوأ. ومن أصل 309 مدارس للبنات، لا مديرة مدرسة من الطائفة الشيعية، فيما يقتصر عدد الذين يشغلون منصب نائب مدير مدرسة على 7، ولا مدير مدرسة في مدارس الإناث في القطيف.
وفي الجامعات، يُعَدّ تمثيلهم ناقصاً. ففي جامعة الملك فيصل، من أصل 287 موظفاً، فقط 7 هم شيعة. وتضيف البرقية أنه على الرغم من أن وزارة التربية حققت تقدماً في إزالة لغة التمييز السائدة بحق الشيعة من الكتب المدرسية، إلا أنه تبقى إشارات مقلقة. وتضيف: «المذكرات المدرسية تظهر دعوات معاقبة طلاب شيعة تغيبوا خلال مناسبات دينية مثل عاشوراء».
كذلك تنقل البرقية (06RIYADH3306) التي تطرقت بتفصيل إلى التعليم في المنطقة الشرقية ومشاكله ما تعرض له أحد الطلاب عندما قدم أوراقه إلى كلية العلوم السياسية لجامعة الملك سعود في الرياض، قبل أن يرفض طلبه بحجة أن هذا «المجال غير مفتوح للشيعة».
من جهتها، تعود البرقية (08RIYADH853) للحديث عن التمييز اقتصادياً، وتوضح أن الشيعة ممثلون تمثيلاً ناقصاً في الخدمات الأمنية والحكومية. ففي الأحساء، لا يوجد سوى 3 ضباط شيعة في جميع المرافق الأمنية، بما في ذلك الوكالات الخاضعة لوزارة الداخلية، الحرس الوطني، وزارة الدفاع والطيران. أما في المؤسسات شبه الحكومية، وفي مقدمتها أرامكو، فتتحدث البرقية عن أنّ من المعروف على نطاق واسع أن لديها «حاجزاً زجاجياً» مفروضاً على تقدم الموظفين الشيعة، وأنها تلجأ إلى عدم توظيف شيعة في مناطق حساسة أمنياً.
وتضيف الوثيقة أن هذا التمثيل الناقص والواضح في «أرامكو» مؤلم خصوصاً للطائفة، آخذة في الاعتبار أن النفط الذي يمثّل الحياة الاقتصادية للسعودية يأتي من مناطق كالقطيف والأحساء.
وتضيف البرقية أن التمييز الاقتصادي يتجسد على نحو أوضح عند النظر إلى قوانين تقسيم المناطق التي تحدد الارتفاع المسموح به للأبنية في مناطق مختلفة.
ومع أن المباني من ثماني طبقات مسموح تشييدها على طول الطريق السريع الذي يقود من الدمام إلى القطيف، تتغير قواعد بناء المباني مع الدخول إلى أول قرية ذات غالبية شيعية، سيحات، حيث تتطلب القواعد أن تكون الأبنية أقل من أربع طبقات.
وفي جزيرة تاروت، ذات الاختلاط السني الشيعي، تسمح المراسيم ببناء أبنية من ثلاث طبقات في قرية دارين ذات الأغلبية السنية، لكن لا تسمح بأكثر من طبقتين في المناطق الشيعية المحيطة بدارين.
على الصعيد الديني، توضح البرقية أنه فيما الجوامع والأئمة السنة ممولون من وزارة الشؤون الدينية، لا تتلقى الجوامع الشيعية أي تمويل من الحكومة السعودية. أما الحصول على رخصة لفتح مسجد شيعي، فيعتمد غالباً على هوى المسؤولين الحكوميين المحليين، ويوصف بأنه «غامض ومرهق». أما الحسينيات فإنها لا تحصل مطلقاً على ترخيص من الحكومة، ما يجعلها غير محصنة عندما تقرر الحكومة السعودية إقفالها بحجة «عدم حصولها على تراخيص».
يضاف إلى كل ذلك، منع الحكومة السعودية استيراد أو نشر مطبوعات شيعية دينية، وحجب المواقع التي تناقش المواضيع الدينية الشيعية، السياسية والاجتماعية، على الرغم من انخفاض حدة التضييق خلال الآونة الأخيرة.
إلاّ أنه رغم التمييز الواضح والمتواصل، تلفت البرقية إلى بعض الإشارات إلى مستقبل أفضل بين الحكومة السعودية والأقلية الشيعية، بينها أن انتظام التواصل واتساعه بين قيادة المجتمع الشيعي والحكومة السعودية يستمران في التطور.
وبعدما كان الشيعة في السابق يترددون في لقاء قيادات الحكومة السعودية خوفاً من خسارة الصدقية، وبينما كانت قيادات الحكومة السعودية تجتمع فقط بهم لتقديم مطالب لا للاستماع، يمكن على نحو متزايد ملاحظة وجود تبادل للآراء. كذلك، إن الحوار الوطني الذي بدأ في حزيران 2003، عندما كان الملك الحالي يحتل منصب ولي العهد، يستمر منتدىً مهماً للحوار.
من جهةٍ ثانية، تلفت البرقية إلى أنه بينما الحوار هو على مستوى رفيع قيد التطور، إلاّ أن التقدم على مستوى الشارع أتى على هيئة استقلالية أكبر للشيعة في القطيف، وهو ما انعكس تدخلاً أقل للحكومة في الاحتفالات الدينية.
وفي السياق، تحدثت البرقية عن وجود عدة نظريات عن أسباب سماح الحكومة السعودية بدرجة كبيرة من الحرية للطائفة الشيعية في القطيف، في الوقت الذي يواصل فيه الشيعة في الأحساء المجادلة بأن حريتهم محجوزة على متزايد. وفيما ذهب البعض إلى اتهام الحكومة السعودية بتعمد تطبيق هذه السياسة في إطار «جهدها لمنع صوت شيعي موحد من الظهور، فحاولت خلق وقائع مختلفة في المجتمعين الشيعيين»، أشار البعض إلى التحامل الشخصي لمحافظ الأحساء بدر بن محمد آل جلوي، ومديريه المحليين، كعامل رئيسي في تدهور حريات الشيعة.

أركان قيادة التمييز

وصف أحد الناشطين السياسيين في البرقية (09DHAHRAN246) الأمير محمد بأنه «حاكم سيئ» محاط بمستشارين مذهبيين، فيما اتهمه آخر بأنه «متطرف في تمييزه». ويجمع العديد من مصادر السفارة على اعتبار أن أمير المنطقة الشرقية، ووزير الداخلية نايف بن عبد العزيز، بمثابة المسؤولين المباشرين عن هذه المشكلة. ويعتقد البعض أن الأميرين القويين «يدعمان ضمنياً الممارسات التمييزية في الأحساء وأماكن أخرى من المنطقة الشرقية»، فيما ذهب البعض الآخر إلى حد اتهامهما بإعطاء أمير منطقة الأحساء الأوامر بتطبيق سياسات تمييزية.
من جهته، تحدث الناشط صادق رمضان، في البرقية (06RIYADH5451)، عن خصال الأمير محمد بن فهد التمييزية تجاه الشيعة، مستعيداً حادثة جرت قبل سنوات عندما كان أمير المنطقة يشارك في مأدبة غداء في منزل أحد رجال الأعمال، وعندما لاحظ أن صورة والده ليست على الحائط، انزعج وقال: «حسناً، بالتأكيد الجميع يعلم أنك موالٍ لإيران».
وأظهرت البرقية (09DHAHRAN99) نقلاً عن أحد الأشخاص على اتصال مع السفارة، أن محمد بن فهد عرقل لقاء مجموعة من الشخصيات بالملك عبد الله خلال زيارته الثالثة من نوعها منذ تسلمه الحكم للمنطقة الشرقية، وسط اقتناع العديدين بأن محمد بن فهد لن يتوقف عن هذه الممارسات، ما لم يكفّ الملك يده (09DHAHRAN217).
كذلك ربطت البرقية (08RIYADH1070) بين بعض التضييقات التي يتعرض لها الشيعة في المنطقة الشرقية، ومحاولة مدروسة لإفشال جهود الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز للحوار بين الأديان. ونقلت البرقية عن أحد الوجوه الشيعية البارزة قوله لأحد الدبلوماسيين الأميركيين إنه لا أحد من القادة الشيعة يرى أن عمليات إغلاق المساجد والاعتقالات أتت بالصدفة تماماً، وبعضهم يعبّر عن نظرته بأن هذه الأفعال تعود إلى «وجود وزير الداخلية الأمير نايف، بدعم باطني من إخوته السديريين، لفرض عضلاته في وجه جهود الملك عبد الله».
وتضيف البرقية أن نايف يتمتع بعلاقات قريبة مع أمير المنطقة الشرقية، محمد بن فهد، نظراً إلى زواج الأخير بابنة وزير الداخلية. وتلفت إلى أن العديدين يعتقدون أن نايف من خلال عمله مع أمير المنطقة الشرقية يسيطران على أجندة الحرية الدينية للمنطقة، وهو ما دفع عدداً من الشخصيات الشيعية في البرقية (09DHAHRAN266) إلى التحذير من إمكان أن يقود استمرار التمييز إلى التطرف في المنطقة الشرقية، ولا سيما مع اتساع الفجوة في الأجيال في المجتمع الشيعي بين أعضاء كبار في السن كتومين وجيل شاب غير صبور، يميل إلى الاحتجاج بنحو أعلى وأكثر انفتاحاً بغض النظر عن التداعيات، بما في ذلك السجن.

قيادات الشيعة ملتزمة بالحراك السلمي

وعلى الرغم من اختلاف وجهات النظر في صدقية التزام الحكومة السعودية بالحديث عن الإصلاح، لا تزال القوى المحورية للمجتمع الشيعي ملتزمة باستخدام وسائل غير عنفية للعمل من داخل الدولة، وهو ما يدفع المسؤولين الحكوميين، على سبيل المثال، إلى الاستعانة برجال الدين الشيعة عندما تستدعي الحاجة، وفقاً لما أظهرته البرقية (09RIYADH346).
إلاّ أنه رغم ذلك، تحدثت البرقية عن وجود قلق من تأثيرات ركود الإصلاح على الشباب في المنطقة الشرقية، متحدثةً عن وجود العديد من الإشارات إلى أن القيادات السياسية والدينية لديها تأثير أقل على الجيل الشاب في المجتمع الشيعي في المملكة. والشبان الشيعة كانوا موضع تطرق تفصيلي للسفارة في البرقية (09RIYADH270) التي توصلت إلى مجموعة من الخلاصات عن وضعهم، مؤكدةً أنهم محبطون من عدم قدرة قياداتهم على تحقيق المزيد من الحقوق، التمثيل والفرص في مجتمعهم.
وحذرت ثلاث من الشخصيات الشيعية المعتدلة، المنخرطة على نحو شبه دائم مع القيادة السعودية في جهود الحوار، انطلاقاً من اقتناعها بأن الحوار والتعاون مع الحكومة السعودية هما أفضل الوسائل لتحسين وضع المواطنين، من أن الوقت قد حان للانتقال من الحوار إلى النتائج. ونقلت البرقية عن أحدهم تحذيره من أنه من دون فعل حقيقي وإصلاح من الحكومة السعودية، سيكبر الشبان الشيعة مع مزيد من الإحباط وعدم الصبر، وأن هؤلاء الشباب من دون نتائج محددة سيبحثون بحثاً متزايداً باتجاه إيران و/أو حزب الله للحصول على توجيهات في كيفية جعل صوتهم السياسي مسموعاً. وأضاف: «إنها مسؤولية الحكومة لإثبات أنهم مستعدون لإحداث تغييرات ملموسة».
ولفتت البرقية إلى أن «العديد من القيادات الشيعية أشارت إلى أن اطلاع الشبان الشيعة، من خلال ما تنقله الفضائيات، عن تصاعد دور الشيعة في العراق نتيجة الديموقراطية، أضاف المزيد من الإحباط لديهم بسبب تجاهل حقوقهم في وطنهم».
أما البرقية (09RIYADH42)، فسلطت الضوء على آراء مجموعة من الشبان السعوديين بالحكومة، الولاء للوطن والعلاقة مع إيران. ونقلت البرقية عن توفيق السيف قوله إن السعوديين الشيعة كانوا ينظرون إلى إيران على أنها «جنة»، الا أنهم عندما سمح لهم بالسفر إليها تغيرت آراؤهم وتبدلت. وأضاف: إذا نحّينا الجانب الديني، فإن «الشيعة وجدوا أن حياتهم اليومية في المملكة أفضل بكثير من الحياة اليومية في إيران، وأن السفر عزز من هويتهم الشيعية»، لافتاً إلى أن الشيعة باتوا الآن «يحسبون أكثر أين سيصطفون»، مؤكداً أنه «لا مزيد من العقائد».
إلا أن ذلك لم يمنع بعض الشبان المنزعجين من التمييز الذي يتعرضون له من طرح تساؤلات عن الأسباب التي يجب أن تدعوهم لدعم الحكومة السعودية، وخصوصاً عندما يتعرضون للطرد من بعض الأماكن العامة ويُنعَتون بأنهم «كفرة».



أهمية المنطقة الشرقية

تحدد الدبلوماسية الأميركية ثلاثة أسباب رئيسية للاهتمام بالمنطقة الشرقية التي يحكمها الأمير محمد بن فهد. وتوضح البرقية (09DHAHRAN187) أنه إلى جانب أنها «أكبر مناطق المملكة، تمثّل المنطقة الشرقية المحرك الصناعي للسعودية، وتستقر فيها شركة النفط الحكومية المتطورة والمدارة جيداً».
كذلك تُعَدّ المنطقة مركز التمركز الشيعي في المملكة، وبالتالي إن إمكان التوتر الشيعي يمثّل اهتماماً خاصاً للولايات المتحدة، نظراً إلى الوجود الجغرافي لهذه الأقلية في مركز الثروة النفطية من جهة،
وطبيعة العلاقات التي تحكم العلاقة بين الشيعة والسلطات السعودية، والتي «هي في أحسن الأحوال غير ذات ثقة».
وتضيف البرقية (06RIYADH5904) سبباً إضافياً، متحدثةً عن قرب المنطقة الجغرافي والثقافي من عدد
من الدول الخليجية، ما يجعل سكان المنطقة «مؤيدين طبيعيين، وداعمين للتحولات السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية».

توتر مذهبي وسلاح

تتحدث البرقية (09DHAHRAN46) عن وجود حالة من الاحتقان في المنطقة الشرقية، يمكن أن تنفجر نتيجة حادث قد يكون عرضياً. وتحدث أحد مصادر السفارة عن مدى تزايد التوتر بين الشبان الشيعة والسنّة في أعقاب حادثة البقيع، وبحث السلطات عن الشيخ نمر النمر. وروى المصدر أنه التقى إحدى القيادات السنية من قرية العنك في القطيف، وهي القرية الوحيدة ذات الأغلبية السنية لمناقشة التوتر، مشيراً إلى أن القيادي أبلغه بأن مجموعات شبابية من منطقة القصيم كانت تنوي القدوم إلى القرية «لحماية إخوتهم السنّة» من عدوانية الشيعة. وحذر المصدر من إمكان أن يتحول الشباب إلى وقود لعنف مذهبي سبق أن حُذِّر منه، وخصوصاً بعدما تحدث أحد الأشخاص الذين هم على اتصال مع السفارة عن أن «كل منزل في العوامية لديه سلاح... جدياً». من جهة ثانية، تحدثت مجموعة من الشخصيات في الأحساء في البرقية (06RIYADH3306) عن تزايد الفصل المذهبي في المنطقة، مشيرةً إلى أن الانعزال بدأ يجد طريقه منذ الثمانينيات في عهد الملك فهد.