القاع| تشخص عيون أصحاب المصالح التجارية عند نقطة القاع الحدودية، منذ بدء الأحداث في سوريا، لتبحث، وإن من خلال عاصفة الغبار وسراب الطرقات، عن حركة عبور ما، من دون جدوى. يطول الانتظار والترقّب، ساعات تليها أيام، ليبقى الشلل سيد الحدود. بعض مكاتب التأمين والتصريف وتصوير المستندات أقفلت أبوابها، فيما أصحاب المحال التجارية «صامدون» حتى اليوم، يحاولون تبديد حالة الملل الناتجة من انعدام الحركة، بجريدة يتصفّحونها عند مدخل محالهم لتبقى العين على الطريق الطويل، أو بنظرة سريعة إلى مشاهد إخبارية ترقب تغيّراً ما قد يحصل، ليعاودوا الإطلالة على تلك الطريق.
وإلى جانب كل هؤلاء ثمة أجهزة أمنية حدودية، لا يختلف الوضع بالنسبة إليها كثيراً، فهي أيضاً تمارس الجلوس والانتظار.
وبناءً عليه، فالحركة «مشلولة ومعدومة»، كما يؤكد معظم أصحاب المحال التجارية عند نقطة القاع الحدودية، الأمر الذي فرض على البعض «إقفالاً» إلى حين «تُفرج»، فيما اتخذ البعض الآخر قراره بالصمود، معوّلاً على الحركة الشرائية التي يخلقها أفراد الأجهزة الأمنية على اختلافها، التي بدورها «لا تغني ولا تسمن من جوع، لكنها بتمشّي الحال ريثما تعود الأمور إلى طبيعتها»، كما يقول ميلاد البيطار، صاحب محل سمانة عند نقطة القاع الحدودية.
البيطار يرى أنه لا مجال للمقارنة بين حركة العبور الحالية، والعمل خلال الفترات السابقة، فالمنطقة الحدودية تشهد حالياً حركة معدومة، وحتى نسبة 5 في المئة تعدّ بالنسبة إليه مبالغاً
فيها.
إيلي توما (صراف) شارك البيطار في رأيه، مشدداً على أن انعدام حركة العبور في الاتجاهين اللبناني والسوري «لم يعد يطاق»، بالنظر إلى حالة الشلل السائدة والركود في العمل التجاري منذ أكثر من شهرين، «واللي ما ضربنا فيها ولا ضربة، بس عم ندفع أعباء مالية من إيجارات وفاتورتي كهرباء ورسوم أخرى».
بدوره، يشدد صاحب «سناك الحدود»، أدولف عوض، على أن الموسم ينبغي أن يكون في «عزّه» اليوم، «بس متل ما شايف عم ينتهي الموسم يوم بعد يوم، وما رح ينتج من هيدا كلو إلا خربان بيوتنا، لأننا ندفع المستحقات من مدّخراتنا»، مشيراً إلى أن السياح الأتراك والخليجيين والأوروبيين الذين كانوا يعبرون سابقاً الحدود من سوريا إلى لبنان وبالعكس، في مثل هذه الفترة من كل عام، نسبتهم صفر منذ أكثر من شهرين، «وهودي اللي منعتمد عليهم...
أما حركة دخول بعض العمال السوريين إلى لبنان، فما بيطلع من وراهم سندويش فلافل، لأنهم عايفين حالهم أكتر منّا»، يقول عوض.
وإذا كان انعدام حركة العبور بين سوريا ولبنان قد أربك أصحاب المصالح التجارية على اختلافها عند نقطة القاع الحدودية، فإن أصحاب مكاتب التأمين ودفاتر الدخول والتصريف، وصلت بهم الأمور إلى حدّ إقفال مكاتبهم لانعدام حركة الدخول والخروج. طوني مطر، صاحب مكتب تأمين وتصريف، أوضح لـ«الأخبار» أن عدداً من المكاتب قد أقفل ريثما تعود الحياة إلى النقطة الحدودية، بقدوم السياح على اختلاف جنسياتهم وانتقالهم بين لبنان وسوريا، فضلاً عن حركة اللبنانيين والسوريين في الاتجاهين، مشيراً إلى أنّ البعض الآخر يفتح مكاتبه بناءً على التواصل الهاتفي مع النقطة الحدودية.
وحمّل مطر بعض الوسائل الإعلامية مسؤولية الانكماش والركود الحاصل، «ببثّ معلومات غير صحيحة في معظم الأوقات، ويظهر ذلك من خلال عودة الحركة في بعض الأحيان وإن بنسب خفيفة»، ما تلبث أن تنعدم بعد الحديث عن تجدّد الأحداث في سوريا.
وأمام هذا الواقع، لا يجد أصحاب المحال التجارية عند نقطة القاع الحدودية سبيلاً للتخلّص من مشكلة الركود الحاصلة في أعمالهم التجارية، سوى القليل من الانتظار، والكثير من الأمل بخلاص سوريا من المشاكل التي تشهدها، بغية عودة الأمور إلى طبيعتها، وبالتالي عودة حركة العبور السياحية والتجارية.