أثارت مقابلة القيادي في «حماس» محمود الزهار مع صحيفة «القدس» الفلسطينية سجالاً داخلياً، ولا سيما بعدما عكسته من احتمالات حول وجود جناحين في الحركة، الأول متمثّل بقيادات الخارج، التي تسعى إلى إبداء براغماتية سياسية، والآخر الموجود في الداخل، وخصوصاً في قطاع غزّة، الذي يبدي تشدّداً في المواقف السياسية.التساؤلات حول الأجنحة بدأت مع خطاب رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، خالد مشعل، أمام مؤتمر المصالحة في القاهرة يوم الأربعاء ما قبل الماضي. حينها تحدّث ابو الوليد، للمرة الأولى، عن «إعطاء المفاوضات فرصة»، وهو ما عاد وكرره في مجموعة مقابلات تلت التوقيع على الاتفاق، ما أوحى بأن «حماس جديدة» بدأت تتشكّل بعد المصالحة.
غير أن مقابلة محمود الزهار مع صحيفة «القدس» الفلسطينية، التي نشرت أول من أمس، أعادت خلط الأوراق، ولا سيما بعدما قال إن كلام مشعل «لا يعبّر عن موقف الحركة»، وهو ما استدعى محاولة من الحركة لاحتواء أي تأثيرات لكلام الزهار، معطية تأويلات جديدة لخطاب مشعل، ورائية أن كلامه عن الفرصة للمفاوضات لا يعني موافقة الحركة عليها، وأن التصريحات فسرت على غير ما تقصده.
وقال رئيس الدائرة الإعلامية في حركة «حماس»، عضو مكتبها السياسي، صلاح البردويل، في بيان، إنَّ «ما جاء في خطاب مشعل هو من قبيل تحميل الجانب الإسرائيلي ونهج السلطة في المفاوضات سبب عدم تحقيق الأهداف الفلسطينية، حيث أثبتت تجربة 20 عاماً فشل هذا النهج». وقال «إذا افترضنا أن الأشهر المقبلة هي الحاسمة، فإن السيد خالد مشعل قال سننظر ما إذا كانت الشهور المقبلة قادرة على تحقيق هذه الأهداف ولن نقف في طريقها، والكلام افتراضي وليس تعبيراً عن قناعات حماس ورئيس مكتبها السياسي». وأوضح «هذا المعنى هو ما عبَّر عنه الزهار»، مطالباً وسائل الإعلام بتوخّي الحذر في فهم النصوص، ومؤكداً أن حركته لا تؤمن بنهج المفاوضات التي «تآكلت بسببها الحقوق الفلسطينية على مدى عشرين عاماً».
غير أن تأويلات البردويل لا تنسجم مع الكلام الصريح لمحمود الزهار عن مفاجأة الحركة بما قاله أبو الوليد في ما يتعلق بالمفاوضات، مشدّداً على أن موقف «حماس» وإيمانها بالمقاومة برنامجاً أساسياً لعملها لم يتغيّر. وقال الزهار، في مقابلته، إن التصريحات التي أطلقها رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل خلال اتفاق توقيع المصالحة، بخصوص إعطاء مهلة للتفاوض مع إسرائيل، «لا تمثل موقف الحركة الرسمي الذي يعتمد المقاومة برنامجاً أساسياً وليس التفاوض». وأضاف «لم نعط أبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) فرصة للتفاوض، ولم نوافق على تفاوض ولم نشجعه عليه، بل على العكس أحرجناه في قضية التفاوض ليل نهار». وأضاف أن «تصريح مشعل لم نتفق عليه وفوجئنا به، ولم يحدث تغير في موقف الحركة، في ما يتعلق بقضية المقاومة خياراً أوحد». وشدد على أن موقف الحركة في موضوع التفاوض والمقاومة لم يتغير، وقال «نحن برنامج مقاومة، وبرنامج التفاوض كان ولا يزال برنامجاً متناقضاً مع قناعات غالبية الشعب الفلسطيني الذي صوت لحماس في 2006».
وأكد الزهار أن رئيس الحكومة المقبلة يجب أن يأتي بالتوافق ثم يمتلك الخبرة والقدرة على حمل الأعباء، مشدداً على ضرورة ألا يتولى الأمن من وصفه بالرجل الدموي. واستبعد تعرض الحكومة المقبلة لحصار في ظل تغير الظروف الإقليمية والدولية، متوقعاً أن تكون حركة فتح أقلية في الانتخابات المقبلة.
(الأخبار، يو بي آي)