نفت السلطات السورية، أمس، الأنباء التي تحدثت عن وجود مقبرة جماعية في مدينة درعا، في وقت دعت فيه المعارضة السورية، وفقاً لما ذكرته وكالة «فرانس برس»، إلى إضراب عام اليوم «سيكون يوم عقاب للنظام من قبل الثوار والأحرار»، بالتزامن مع تصعيد أميركي ـــــ أوروبي للضغط على الرئيس السوري بشار الأسد.
ونسبت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» إلى مصدر مسؤول في وزارة الداخلية قوله إن الأنباء التي تتحدث عن مقابر جماعية في درعا «عارية من الصحة جملة وتفصيلاً»، فيما نقلت عن مصدر مسؤول في درعا قوله إنه عُثر «على خمس جثث في منطقة البحار بدرعا البلد»، وإن «التحقيقات جارية لمعرفة ملابسات الحادث وأسبابه».
في المقابل، أكدت المنظمات الحقوقية وجود مقبرة جماعية في درعا، وسط تضارب في المعلومات بشأن عدد الجثث. وأوضح رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان عمار قربي، أنه جرى «انتشال 24 جثة» من المقبرة الأولى، أول من أمس، فيما تضم المقبرة الثانية جثث سبعة أشخاص، وهم أفراد أسرة «عبد الرزاق عبد العزيز أبازيد وأبناؤه الأربعة سمير، سامر، محمد وسليمان»، إضافة إلى «امرأة بدوية مع ابنتها لم يُتعرّف إلى هويتها لعدم وجود أي أوراق ثبوتية في حوزتهما».
من جهته، لم يؤكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، المعطيات التي قدّمها قربي، لافتاً إلى أنه لم تُكتشف إلا مقبرة جماعية واحدة، عُثر فيها على أفراد أسرة أبازيد الخمسة، فيما أوضح نشطاء اتصلوا بسكان في مدينة نوى أن جنوداً أطلقوا نيران مدافع رشاشة في الهواء مع دخول الدبابات وحاملات الجنود المدرعة المدينة التي يقطنها 80 ألفاً، والواقعة على بعد 60 كيلومتراً إلى الشمال من مدينة درعا.
من جهتها، نقلت وكالة «فرانس برس» عن أحد سكان تلكلخ أن المدينة «أشبه بمدينة أشباح»، وأنه «شاهد جثة مضرجة بالدماء عند مدخل البلدة وعشرات الجرحى الذين لا يمكننا إجلاؤهم».
وقالت محامية حقوق الإنسان رزان زيتونة، إن عدد قتلى هجوم الجيش السوري على مدى ثلاثة أيام على بلدة تلكلخ قرب لبنان وصل إلى 27 مدنياً.

وفي السياق، أعرب مدير المؤسسة اللبنانية للديموقراطية وحقوق الإنسان، المحامي نبيل الحلبي، عن خشيته من أن يكون الجيش اللبناني قد سلّم «ثلاثة جنود سوريين هربوا إلى لبنان الأحد الماضي، أحدهم توفي على الطريق قبل دخولهم الأراضي اللبنانية»، بعدما حاولوا التصدي لعمليات إطلاق نار تعرض لها مدنيون سوريون كانوا يحاولون الوصول إلى الأراضي اللبنانية. إلا أن رئيس البلدية السابق لبلدة المقيبلة، الواقعة ضمن إطار منطقة وادي خالد، محمود خزعل، أوضح أن الجنود السوريين الثلاثة كانوا يفرّون من هجوم تعرّضوا له من مجموعة من الأهالي المعارضين للنظام السوري.
في هذا الوقت، حذر البيت الأبيض الحكومة السورية من أن «المجال يضيق» أمامها لوقف حملتها العنيفة على التظاهرات المطالبة بالديموقراطية وتجنب مزيد من العقوبات الأميركية.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، جاي كارني، عندما سئل عما إذا كانت إدارة الرئيس باراك أوباما تجهّز عقوبات إضافية على الحكومة السورية: «نتطلع إلى اتخاذ إجراءات إضافية».
وكانت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، قد اتهمت إثر لقائها وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كاثرين آشتون، دمشق بأنها «تبنت أسوأ تكتيكات من حليفها الإيراني»، لافتة إلى أن الرئيس الأسد «يتحدث عن إصلاحات، لكن قمعه العنيف والوحشي يظهر نياته الحقيقية».
وكان وزير الدفاع الأميركي، روبرت غيتس، أعلن أن بلاده لن تتدخل عسكرياً في الاضطرابات التي تهزّ سوريا حالياً، وأن «ما من دولة أخرى ستتخذ هذا المسار أيضاً».
بدورها، أوضحت آشتون، أنها توجهت إلى واشنطن «لبحث ما يمكننا القيام به»، مشددة على أن «من الملحّ للغاية أن تتحرك الحكومة السورية» تحت طائلة أن «ينظر (المجتمع الدولي) في كل الخيارات».
وأتى تصريح آشتون بالتزامن مع اجتماع سفراء البلدان السبعة والعشرين في الاتحاد الأوروبي في بروكسل لمناقشة احتمال فرض عقوبات على الرئيس السوري بشار الأسد. وقال دبلوماسي، إن «الاتجاه في الوقت الراهن هو استهداف (الرئيس) الأسد، لأنه لم يحصل أي تغيير في سوريا»، في وقت تحدث فيه وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه عن وجود مساع تبذلها بلاده بالتعاون مع بريطانيا لاستصدار قرار من مجلس الأمن ضد دمشق، مؤكداً في الوقت نفسه وجود معارضة روسية صينية لمثل هذه الخطوة.
من جهته، رجّح وزير الدولة البريطاني لشؤون القوات المسلحة، نك هاري، احتمال قيام المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس الأسد، رداً على ما عدّه دوره في حملة القمع العنيف ضد المتظاهرين.
وعلى الصعيد العربي، طالب 25 نائباً من أصل 50 نائباً في مجلس الأمة الكويتي الحكومة بـ «قطع العلاقات الدبلوماسية مع النظام القمعي في سوريا، وطرد السفير السوري من الكويت»، مندّدين بـ«المجازر» في سوريا». وفي خضم هذه التطورات، كان لافتاً إبداء بعض المعارضين السوريين انفتاحاً للقاء مسؤولين إسرائيليين، بعدما كشف متحدّث باسم حزب اليمين المتطرف النمساوي «أف بي أو»، ديفيد لازار، عن رعاية الحزب للقاء بين خمسة أشخاص من المعارضة السورية، لم تحدد هوياتهم، و«المبعوث الخاص لبنيامين نتنياهو»، نائب الوزير الإسرائيلي المكلف بشؤون التنمية في النقب والجليل أيوب قرا، قبل أن تتحدث الإذاعة الإسرائيلية عن إلغاء قرار مشاركته بسبب مخاوف أمنية.
ترافق ذلكً مع إجراء الإذاعة الإسرائيلية، أمس، مقابلة مع شخص يدعى عبد الله تميمي وصفته بأنه «معارض سوري»، وقال فيها إنه يحق لإسرائيل الدفاع عن حدودها، وذلك على خلفية الأحداث التي رافقت ذكرى النكبة.
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز، سانا، أ ب)