غزة | قبل أن تمر الذكرى الشهرية الأولى على مقتل المتضامن الإيطالي مع الشعب الفلسطيني فيتوريو أريغوني، وصل أصدقاؤه إلى غزة، حيث قُتل. أكثر من 74 متضامناً، جلّهم من الإيطاليين، هم قوام قافلة «Stay human – Vic to Gaza» التي حطّت رحالها في غزة مساء الخميس الماضي، وتغادرها اليوم. 5 أيام لم تكن كافيةً لهم، لكنها كانت مرْضية؛ لتزامنها مع إحياء الفلسطينيين الذكرى الثالثة والستين لنكبتهم من جهة، ولتصادفها مع احتفالات تأبين أريغوني بمرور شهرٍ على مقتله، من جهة ثانية. «كلنا فيكتور وكلنا فلسطينيون. هذا شعور لن يتغير. فيكتور أصبح فكرة. إنه الفكرة ذاتها التي أحضرتنا إلى هنا»، يقول دانييلي (33 عاماً)، الذي يعمل ناشط مجتمع مدني، كما عرّف عن نفسه. دانييلي لم يتوقف عن إجابة أصدقاء فيتوريو الفلسطينيين عن سؤالهم المُستهلَك «كيف أثّر مقتل فيكتور على صورة شعبنا» بالقول مطمئناً «صدّقوني إن مقتل فيكتور كان تأثيره إيجابياً. الكثير من الإيطاليين أرادوا التعرف إلى هؤلاء الفلسطينيين الذين قضى فيكتور لأجلهم، ما ضاعف عدد المتضامنين مع قضيتكم. وهناك دول أخرى أيضاً أصبحت لديها اهتمام بكم». وعلى صعيده الشخصي، يؤكد دانييلي أن تضامن أريغوني مع الشعب الفلسطيني، هو السبب في وجوده. فخلال الأيام التي تلت مقتله حاول أن يجمع مع أصدقائه عدداً كبيراً للقدوم جماعياً إلى غزة، وهذا ما كان.
المتضامنون نزلوا في عمارة مكوّنة من 7 شقق سكنية، تطلّ على ميناء غزة للصيادين، حيث البقعة الأولى التي وطئتها أقدام أريغوني عند وصوله إلى غزة في آب من عام 2008. تنقّل الإيطاليّون إلى أماكن مختلفة خلال الأيام الماضية، وشاركوا الفلاحين والصيادين في عملهم اليومي، كما كان يفعل أريغوني. واندمجوا مع الغزيين في فعاليات إحياء الذكرى الثالثة والستين للنكبة، بل كانوا السبّاقين في بعض الفعاليات.
وتشير أريكا (34 عاماً)، اختصاصية تربية الأطفال، إلى أن بعض أعضاء القافلة ليست المرة الأولى لهم التي يدخلون فيها الأراضي الفلسطينية، فقد سبق لهم أن كانوا في الضفة الغربية. وتقول أريكا «نريد أن نفتح غزة على العالم بوجودنا فيها، وأن يفهم الآخرون أن غزة هي الشطر الثاني من فلسطين، وليست بقعة معزولة. عندما وصلنا إلى معبر رفح وضعنا علماً فلسطينياً طوله 10 أمتار، وهو منسوج يدوياً في أحد مخيّمات بيت لحم. لقد أحببنا أن يكون هذا العلم موجوداً في غزة». وتضيف «أهم شيء بالنسبة لنا كان ألا يشعر الشعب الفلسطيني بأنه وحيد في الموقف الصعب الذي وضع فيه بمقتل فيتوريو؛ لذلك وبمجرد سماعنا الخبر قررنا أن يكون ردنا أقوى من نشاطاتنا المناهضة للاحتلال التي كنا ننفذها يومياً. حاولنا الوصول إلى غزة، وهذا ما حصل».
توقيت الوصول إلى غزة لم يكن مقصوداً. لم تكن نية المتضامنين الحضور في الذكرى الشهريّة الأولى لمقتل فيكتور، وفي فعاليات إحياء ذكرى النكبة، لكنّها الصدفة. حدّدوا القاهرة مكاناً لتجمعهم من المدن الإيطالية التي قدموا منها، وعرفوا موعد انطلاقهم، تاركين لحظة وصولهم رهينة التحديات التي ستواجه رحلتهم.
«خلال توجهنا إلى غزة واجهتنا العديد من نقاط التفتيش التي أرهقتنا. كنا متعبين ومجهدين. مكثنا 6 ساعات كاملة في الحافلة على نقطة تفتيش واحدة»، يقول الصحافي سيلفيو (32 عاماً). ويلمح إلى أن أهمّ الأهداف التي تريد قافلتهم تحقيقها هو التأكيد أن الفلسطينيين يحبّون المتضامنين معهم، وغزة آمنة لكلّ من أراد المجيء إليها، فما حدث مع فيكتور لم يكن سوى حدث جنائي استثنائي تمّت محاصرته. ويضيف سيلفيو «بعض المتضامنين الذين تواصلنا معهم لمرافقتنا قالوا إن هناك خطراً في القدوم إلى غزة. لكننا رفضنا هذه الفكرة على الإطلاق».
ماورو (44 عاماً) صحافي أيضاً، يعمل مذيعاً في إحدى إذاعات روما. يقول «لقد نظمنا العديد من الحلقات الإذاعية لنؤكد تضامننا مع الشعب الفلسطيني. هذه الحادثة لم تغيّر من قناعاتنا شيئاً. حتى والدة فيكتور ما زالت تتعاطف مع الفلسطينيين».
ويقضي المتضامنون ساعات المساء في حديقة «الغاليري» التي كان يحلو لأريغوني أن يمضي وقته فيها. أصبح المكان ملتقى للمتضامنين الأجانب وأصدقاء أريغوني منذ منتصف الشهر الماضي، حيث لم تنقطع حلقات الموسيقى والأغاني الوطنية عنه كلّ مساء.