غزّة | انعكست المجزرة الإسرائيلية بحق الذين أحيوا ذكرى الـ63 للنكبة في الأراضي المحتلة والشتات، على غزّة في صورتين: الأولى تمثلت في الإضراب المعبِّر عن الحداد والحزن على الشهداء. والثانية في الإغلاق الإسرائيلي للمعابر مع القطاع، الذي أدى الى عرقلة نقل المصابين إلى مستشفيات الداخل، وتأجيل عودة أسرى منتهية محكومياتهم، إلى ديارهم.وعمّ الإضراب التجاري الجزئي محافظات القطاع، استجابةً لدعوة فصائل العمل الوطني والإسلامي. وأغلقت المحال التجارية أبوابها مدّة ساعتين، ونُكّست الأعلام الفلسطينية في المؤسسات الرسمية، فيما أعلنت المصادر الطبية تعرّفها على هوية الشهيد خميس حبيب (18 عاماً) الذي سقط في مواجهات معبر بيت حانون (إيريز)، وبقي مجهول الهوية حتى صباح أمس. ويرتقب أن تفتح الفصائل الفلسطينية اليوم بيت عزاء موحّد لشهداء ذكرى النكبة، في مقرّي المجلس التشريعي بغزّة ورام الله.
الهدوء التام عاد أمس، إلى المناطق الحدودية شمال القطاع وشرقه. وغابت المواجهات الساخنة التي شهدها اليوم السابق. وبدا أن الفصائل التي أنهت اجتماعاً عاجلاً لها مساءً، قرّرت احتواء الموقف، دون أن تعلن ذلك. فانتشر عناصر القوى الأمنية في الحكومة المقالة على نحو مكثف قرب معبر بيت حانون، وفرّقوا من بقي من المتظاهرين مساء أول من أمس.
ورأى المحلل السياسي، أكرم عطا الله، أنه لا أحد من السلطتين في غزّة ورام الله، يريد أن تندفع الأمور إلى ما هو أكثر مما حصل، خشيةً على السلطة أولاً، وكي لا تكون المواجهة الكبرى مبرّراً لإسرائيل لتشويه وجه المصالحة ثانياً. ويقول عطا الله إن «الأولوية بالنسبة إلى فتح وحماس، إتمام إجراءات المصالحة. ما حدث هو تسخين وبروفة للمواجهات التي سنشهدها نهاية هذا العام»، مضيفاً إن «رئيس الاستخبارات الإسرائيلية قال قبل أيام إن ذكرى النكبة لن تكون انتفاضة فلسطينية ثالثة، لكن الأزمة الحقيقية في أيلول. ما حدث مجرد استعراض قوة بين الجانبين».
من جهته، رأى رئيس لجنة إحياء ذكرى النكبة ووزير الشباب والثقافة محمد المدهون أن المناسبة هذا العام انتقلت بالوعي الفلسطيني لحق العودة من الشعارات الى مرحلة التنفيذ. وأضاف إنّ «النقطة الفارقة في إحياء ذكرى النكبة لهذا العام تمثلت في المحبّة الشعبية الفلسطينية في الشتات والداخل، والهبة الجماهيرية التي راح ضحيتها شهداء».
وأعلن المدهون أن نصباً تذكارياً للعودة يجري تشييده في شمال القطاع، سيتضمّن تخليداً لأسماء شهداء يوم الأحد الماضي، من القدس وغزّة وسوريا ولبنان. وكان الموقع الإلكتروني للوزارة قد أطلق حملة «هوية حق العودة»، وتسجّل فيها خلال أيام أكثر من 20 ألف فلسطيني من الداخل والخارج، فيما تواصل برنامج الفعاليات في الأماكن المغلقة، من عروض فنية ومعارض صور وتراث.
من جهة ثانية، أدانت ثلاث مؤسسات حقوقية جرائم الاحتلال بحق المتظاهرين سلمياً في القطاع. وقال المركز الفلسطيني والميزان والضمير لحقوق الإنسان في بيانات منفصلة «نحن نرفض وندين بأشد العبارات الممكنة، استخدام القوة والسلاح في مواجهة التعبيرات الفلسطينية السلمية»، مشيرةً جميعها إلى أن «أعمال القتل والعنف المسلح بحق المتظاهرين هي جرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم».
في هذه الأثناء، اعتصم عشرات الصحافيين، استجابةً لدعوة نقابة الصحافيين الفلسطينيين، احتجاجاً على الاعتداءات الإسرائيلية بحق الطواقم الصحفية، فيما تماثل الصحفي محمد عثمان (20 عاماً) للشفاء بعد خضوعه لعملية جراحية في مستشفى كمال عدوان شمال القطاع، بسبب رفض الجانب الإسرائيلي نقله إلى مستشفيات الداخل بذريعة خطأ في رقم هويته. وتُعد هذه الفعالية الأولى لنقابة الصحافيين في غزة منذ 4 أعوام، إذ كانت ممنوعة من ممارسة نشاطات مفتوحة بسبب الانقسام.
هذا وأجّلت سلطات الاحتلال الإفراج عن 3 أسرى انتهت مدة محكومياتهم منذ أكثر من أسبوع من القطاع، بعدما خرجوا من سجن النقب، ووصلوا إلى معبر بيت حانون. وأعادهم الاحتلال إلى سجن عسقلان، متذرعاً بالاحتجاجات الشعبية التي شهدها معبر بيت حانون. كذلك، قرر الأسرى، إكراماً لشهداء النكبة، أن يكون إضرابهم عن الطعام اليوم لا غداً، كما كان مشمولاً في البرنامج الذي وضعوه للإضراب المتدرج.