على وقع استمرار العمليات العسكرية للجيش السوري في بانياس وحمص، تابع الرئيس بشار الأسد لقاءاته مع الوفود الشعبية لاحتواء الاحتجاجات، فيما بثّ التلفزيون السوري اعترافات جديدة لمن قال إنهم «إرهابيون» في مناطق متفرقة من سوريا، بالتزامن مع مقتل عشرة أشخاص في هجوم على حافلة آتية من لبنانواصلت القوات السورية أمس حملتها في حمص وبانياس، وسط معلومات عن عشرات المعتقلين، فيما كان الرئيس السوري بشار الأسد يتابع لقاءاته مع الوفود الشعبية، مؤكداً لها أن «الإصلاح على الطريق».
وذكرت وكالة الأنباء السورية «سانا» أن الرئيس بشار الأسد تابع عقد سلسلة لقاءات مع الفاعليات الشعبية، واستقبل أمس عدداً من رجال الدين في ريف دمشق، وأجرى معهم حواراً في الأحداث التي تشهدها سوريا والمشاكل التي تعانيها محافظاتهم أو مدنهم أو الشرائح التي ينتمون إليها، والحلول المقترحة لهذه المشاكل.
وفي السياق، ذكرت صحيفة «الوطن» أن الأسد أكد خلال لقائه أول من أمس وفداً من أبناء محافظة اللاذقية، يضمّ جميع شرائح المحافظة، أن «الأزمة ستمر وتنتهي، ومسألة الإصلاح الإداري والسياسي والإعلامي على الطريق». وأضافت أن الأسد شدد خلال اللقاء «على تعزيز الوحدة الوطنية»، مؤكداً أن «الوطن أمّ للجميع، وأن يكون الجميع يداً واحدة في مواجهة المؤامرة» التي تتعرض لها سوريا.
ويأتي اللقاء فيما نقلت «سانا» عن مصدر في الجيش قوله إن وحدات الجيش والقوى الأمنية تابعت ملاحقة عناصر المجموعات الإرهابية المسلحة التي روّعت المواطنين الآمنين، وعاثت قتلاً وفساداً وتخريباً في الممتلكات العامة والخاصة في ريف درعا ومدينتي حمص وبانياس. وأضاف أن «المواجهة أدّت إلى استشهاد ستة عناصر من الجيش، بينهم ثلاثة ضباط، وجرح عدد آخر، إضافة إلى قتل وجرح العديد من أفراد تلك المجموعات الإرهابية، وإلقاء القبض على العشرات منهم، ومصادرة كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر المتنوّعة».
كذلك ذكرت الوكالة أن 10 مواطنين قتلوا وأصيب ثلاثة آخرون من أبناء محافظتي حماة وإدلب «نتيجة تعرّضهم لكمين مسلح فجر أول من أمس نصبته إحدى المجموعات الإرهابية المسلحة، خلال طريق العودة من لبنان عند تحويلة حمص دمشق، وكانوا يستقلون سيارة نقل عام سرفيس».
بدورها، نقلت وكالة «فرانس برس» عن رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن قوله إن «عمليات تفتيش المنازل تواصلت في مدينة بانياس الساحلية (...) التي لا تزال الدبابات فيها، بينما استمر قطع المياه والكهرباء والاتصالات الهاتفية فيها». وأضاف أن حملة الاعتقالات «تستند إلى قوائم تضم أكثر من 400 شخص في المدينة، حيث أوقفت قوات الأمن مساء الأحد قادة الاحتجاج فيها». وكشف عن أن من بين المعتقلين «الشيخ أنس عيروط الذي يعدّ زعيم الحركة، وبسام صهيوني» الذي اعتقل مع والده وأشقائه. إلا أنه أعلن بعد ذلك أن قوات الأمن السورية أفرجت عن المعتقلين الذين يزيد عمرهم على 40 عاماً.
وبثّ التلفزيون السوري، أول من أمس، ما قال إنها «اعترافات شاب من مدينة حمص، كشف فيها طريقة تجنيده كشاهد عيان على القنوات الإعلامية المغرضة لتزوير الأخبار وفبركتها واختلاق القصص والوقائع المزيفة، بهدف قلب وجه الحقيقة في سوريا والإساءة إلى قوى الأمن فيها». وبثّ تلفزيون الدنيا أيضاً ما قال إنها «اعترافات أعضاء خلية إرهابية أقرّوا فيها بتهريبهم السلاح من السعودية إلى سوريا لاستخدامه في قتل عناصر الجيش وقوى الأمن والمواطنين».
كما ظهر على التلفزيون السوري امس مفتي درعا الذي عاد عن استقالته وقدم رواية عن الاحداث في المحافظة تطابق الى حد بعيد الرواية الرسمية.
وفي المواقف الدولية، كان لافتاً أمس بيان لوزارة الخارجية الليبية التي دعت إلى وقف «التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لسوريا»، وأدانت ما تتعرض له دمشق من «مؤامرات تهدف إلى المساس بأمنها الوطني والنيل من مواقفها المبدئية من القضايا العربية». وأكدت الوزارة «وحدة الموقف» بين الشعبين الليبي والسوري تجاه المؤامرات، واتهمت «قوى استعمارية مدعومة بقوى إقليمية بحياكتها» ضد البلدين.
من جهة ثانية، واصلت فرنسا إدانتها للأحداث في سوريا. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية برنار فاليرو إن «الاعتقالات المكثفة والعشوائية تترافق في معظم الأحيان مع تعذيب ومعاملة مذلّة من جانب قوات الأمن». وذكّر بأن فرنسا «تؤيّد توسيع نطاق العقوبات لتشمل كل المسؤولين عن القمع، وصولاً إلى أعلى مستوى».
في هذا الوقت، أعلن الاتحاد الأوروبي، في بيان، أنه تبنّى رسمياً العقوبات ضد 13 مسؤولاً سورياً إضافة إلى الحظر على الأسلحة، وستدخل حيّز التطبيق اعتباراً من اليوم الثلاثاء. وأوضح الاتحاد الأوروبي أن قرار منع تأشيرات الدخول إلى الاتحاد الأوروبي وتجميد أرصدة، يستهدف 13 مسؤولاً ومقرّباً من النظام السوري جرى تحديدهم على أنهم مسؤولون عن القمع العنيف الذي يمارَس ضد السكان المدنيين.
إلى ذلك، أعلن المتحدث باسم الأمم المتحدة، فرحان الحق، أنه جرى منع بعثة تقويم إنسانية تابعة للمنظمة الدولية من التوجه إلى مدينة درعا في جنوب سوريا، وأضاف «نحاول توضيح سبب رفض السماح لهم بدخول (المدينة)، ونحاول الوصول إلى أمكنة أخرى في سوريا».
(سانا، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)