القاهرة ــ الأخبار ما الذي تريده مصر في المرحلة الانتقالية التي تمر بها الآن؟ هذا السؤال كان محور مناقشات مؤتمر «مصر الأول... الشعب يحمي ثورته»، الذي شاركت في فاعلياته كافة القوى الوطنية والسياسية المصرية عدا «الإخوان»، الذين قاطعوا دون إبداء أسباب. دارت مناقشات المؤتمر حول سبل النهوض بالبلاد، حيث أكد عضو اللجنة التأسيسية للمجلس الوطني، ممدوح حمزة، أنه لا يمكن إدارة البلاد بالبيانات العسكرية، ولا بد من إيجاد آلية لخلق حوار وطني حقيقي يهدف إلى استكمال مهمّات الثورة، ومراقبة أداء المجلس العسكري والحكومة، مشيراً الى أن كثافة تلبية الدعوة للمؤتمر، والحضور الذي اقترب من 5000 ناشط، هي تأكيد أولي على رغبة حقيقية من القوى الوطنية المصرية في تقديم كل ما تستطيعه للوصول بمصر إلى دولة ديموقراطية مدنية متقدمة.
وحدد حمزة آلية تأليف هذا المجلس الذي سيضم في عضويته ما يقارب الـ 180 فرداً على مستوى الجمهورية، حيث يُمثَّل كل حزب من الأحزاب الفاعلة القديمة، التي لا يتخطي عددها الـ 5 أحزاب، بـ 3 مقاعد ومقعدين لكل حزب تحت التأسيس، ومقعد لكل حركة سياسية قديمة أو حديثة التأسيس ومقعد لكل جمعية أهلية فاعلة أو نقابة مستقلة. وأشار البيان الختامي للمؤتمر الى المهمّات الرئيسية التي يتكفل بها المجلس، وهي تأليف لجنة دستورية وتشريعية تضم خبراء وفقهاء قانونيين ودستوريين وشخصيات عامة من الثوار والوطنيين لوضع مشروع الدستور الجديد الدائم، وكذلك لجنة اقتصادية من اقتصاديين وأكاديميين وخبراء في التنميةالشاملة ووضع ملامح مشروع بناء مصر اقتصادياً وتنموياً، وتكليف لجنة مختصة بشؤون الانتخابات وضع الخطط والآليات اللازمة، استعداداً للانتخابات التشريعية المقبلة، مع التركيز على مجموعات التوعية الميدانية من شباب الثورة على مستوى الدوائر الانتخابية لتوعية المواطنين وتحفيزهم.
وقال البيان الختامي للمؤتمر إن المجلس الوطني أمامه مجموعة من المهمّات العاجلة، وهي القيام بالشراكة الإيجابية في القرارات والمتابعة لدى الحكومة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وإنشاء كيان للعناية بشؤون الثوار، وكذا رعاية أسر الشهداء والمصابين والمسجونين والمحتجزين، وابتكار وتطوير وسائل تمكّن الشباب من القيام بدور قيادي واستخدام مراكز الشباب وقصور الثقافة مقارّ لنشر الوعى والثقافة.
1 تعليق
التعليقات
-
دولة مدنية! صحّت النومةعجيبا كيف أصبح تعبير الدولة المدنية وسيلة للتهرب من الإلتزام بالفكر العلماني، حتى بين بعض القوى الوطنية واليسارية. شاعت موضة استخدام هذا التعبير إلى درجة أن حركة الإخوان المسلمين بدأت في الشهرين الماضيين تتمشدق بالتزامها بفكرة الدولة المدنية، وتشدد على أن تاريخ الدولة الإسلامية منذ بدايتها هو تاريخ مستند إلى فكرة الدولة المدنية. هل هذا التعبير هو أداة تجميل لفكرة الدولة الإسلامية؟ إن لم يكن كذلك، فما الذي سيفرق بين الدولة المدنية في مصر والدولة المدنية في السعودية أو في المغرب أو الأردن أو أي دولة من دول الخليج؟ قد يقول البعض أن الفرق هو بأن الدولة المدنية المنشودة هي دولة ديمقراطية. حسنا، فما هي الديمقراطية إن لم تكن مقرونة بالعلمانية؟ ما هو الضامن لحقوق الأقليات والمعارضة في الدولة المدنية التي يتحدثون عنها في حالة فوز القوى السلفية والإخوان المسلمين بأغلبية المقاعد في البرلمانات، وتمكنهم من السيطرة على الهيئات واللجان المختصة بكتابة الدساتير؟ هل سيضعون مواد تؤكد أن الدولة تستمد كل قوانينها من القرآن والسنة، وبناء عليه، تستطيع أن تكفر من تعتبر أفكاره خارجة عن الدين، وأن تفرض الزي الإسلامي، وأن تفرض الجزية على غير المسلم، وأن تقتل المسلمين الذين تعتبرهم مرتدين، وأن ترجم الزانيات، وتقطع يد السارق، وتفعل ذلك كله بشكل ديمقراطي وتحت مظلة الدولة المدنية. التهرب من تسمية الأشياء بأسمائها لن يصب إلا في خدمة القوى الرجعية والسلفية وإبقاء المجتمعات العربية ترزح في تخلفها و حكم طغاتها. فاستخدام تعبير الدولة المدنية بدلا من الدولة العلمانية هو وسيلة للتحايل على الإلتزام بمواقف مبدئية حقيقية من بناء المجتمعات العلمانية الحديثة والمتحضرة.