نيويورك | بعدما باءت محاولات الدول الغربية الرئيسية الكبرى في مجلس الأمن الدولي (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال) بالفشل في حشد إجماع على بيان صحافي متواضع يضع سوريا على طاولة الجراحة، قررت مواصلة المساعي مساء أمس مع احتمال الانتقال من بيان صحافي يحتاج إلى إجماع من أعضاء المجلس، إلى مشروع قرار يمكن أن يصدر إذا أمّنت له تسعة أصوات من أصل 15. وتحدث أحد الدبلوماسيين عن خشية أن يبدو مجلس الأمن غير مبال بما يجري في سوريا، وما لذلك من تأثير على معنويات الشعب.
المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة، سوزان رايس، خرجت من جلسة مساء أول من أمس، وتحدّثت بنبرة عالية إلى وسائل الإعلام مصدرة إدانة صريحة لما وصفته «العنف الوحشي الذي تستخدمه الحكومة السورية ضد شعبها». وقالت «إنه مقيت ومؤسف، والولايات المتحدة تدينه بأشد العبارات». وطالبت بوقفه فوراً واصفة قرار رفع حالة الطوارئ بأنه «غير جدّي... بدليل مواصلة قمع المتظاهرين المسالمين».
وأكدت رايس ما أعلنته وزارة الخارجية الاميركية من قبل بأن حكومتها ماضية نحو اتباع «مجموعة من الخيارات السياسية المحتملة»، مشيرة إلى فرض عقوبات معينة من أجل نقل رسالة بأن «ذلك السلوك غير مقبول». وإذ دعت إلى منح السوريين الحرية في التعبير والانتماء لأحزاب والتجمع واختيار قادتهم السياسيين، أعلنت رفضها القاطع لأسلوب التعامل مع تلك المطالب المحقة بأساليب «مزعزعة للاستقرار ودعم للإرهاب». وكررت اتهام إيران بالمشاركة في قمع التظاهرات،لكنها لم تقدم إجابة على الدليل ورفضت الخوض أكثر في الاتهام بالقول، «لا أريد التحدث بتفاصيل كثيرة عن ذلك الأمر».
وعندما سئلت إن كانت تؤيّد نقل الشأن السوري إلى محكمة الجنايات الدولية على غرار ما جرى مع ليبيا ما دامت تواجه صعوبة في مجلس الأمن الدولي، ردّت رايس بأن المساعي ستتواصل في المجلس أولاً، رافضة تشبيه الحالة في ليبيا بالحالة في سوريا.
في المقابل، استغرب مندوب سوريا الدائم بشار الجعفري عرض الوضع السوري على المجلس، معلناً «أسف حكومته الشديد لسقوط الضحايا من المدنيين الشهداء»، ومؤكداً «وجود عناصر مسلحة مندسّة مارست القتل من الطرفين». كما أكد استعداد سوريا وعزمها على إجراء تحقيق شفاف في الأحداث ومحاسبة المسؤولين. ورأى أن القضاء السوري قادر على القيام بذلك من دون مساعدة أجنبية.
أما الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، الذي كان قد طالب بإجراء تحقيق «مستقل شفاف وفعال»، فقد أكد أيضاً أن بوسع سوريا القيام بذلك، داعياً مجلس الأمن إلى عدم الاعتماد على وسائل الإعلام في تكوين صورة عن الوضع بل بالاستعانة بالوسائل الرسمية لتلك الغاية.
لكن بان كي مون وصف الوضع السوري بأنه «مبعث قلق بالغ» وأنه يدين «العنف المستمر بحق المتظاهرين المسالمين إدانة تامة، ولا سيما باستخدام الدبابات والنيران الحية التي قتلت وجرحت المئات من الناس». موقف انتقده مندوب سوريا الذي رأى أن الأمين العام تخطى مجلس الأمن فيه، وأنه لم يتحرّ حقيقة الأوضاع على الأرض قبل اتخاذه.
وفي جنيف، قرر مجلس حقوق الإنسان، بناءً على طلب أميركي وبدعم من عشر دول أوروبية، فضلاً عن اليابان والمكسيك وكوريا الجنوبية والسنغال وزمبابوي، عقد جلسة خاصة حول سوريا غداً بناءً على ما يجري في درعا. وكان المجلس يدرس عقد جلسة عن الشرق الأوسط، لكن هذه المجموعة جعلت الجلسة تنحصر في الشأن السوري.