بعد التقارير التي تحدثت عن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أصدر تعليماته لـ«الإدارة المدنية» لبلورة خطة لنقل عشرات آلاف الدونمات من مناطق «ج» في الضفة المحتلة، وردود الفعل التي أعقبتها داخل الحكومة، تبرأ نتنياهو خلال جلسة وزراء «الليكود»، بأنه «لن يكون هناك أي نقل لمناطق فلسطينية. لا 40 ألف دونم، ولا عشرة آلاف دونم، بل حتى لو مترا واحدا».
ومناطق «ج» هي مناطق فلسطينية لكنها لا تخضع لسيطرة إدارية أو أمنية من رام الله. ويأتي موقف نتنياهو بعد مبادرة أميركية فاشلة حاولت إقناعه بخطوات تعزز مكانة السلطة، من أجل تهدئة الشارع الفلسطيني، لكنه ناور في الأيام الماضية، واشترط بداية تراجع ما سماه «العنف» ضد الجنود والمستوطنين، مع تقديم اعتراف دولي بالبناء في المستوطنات.
ومع أن خلفية نتنياهو الفكرية والسياسية لها الدور الأساسي في بلورة مواقفه السياسية، لكن تركيبته الحكومية تساهم أيضا في وضع عراقيل إضافية، وتوفر له ذريعة أمام الأميركيين وغيرهم، انطلاقا من أنه حتى لو أراد فإنه لا يستطيع تمرير قرار كهذا، في ظل حكومته اليمينية التي تستند إلى أغلبية هشة، تسمح لأي من أعضاء الكنيست بتغيير موازين القوى بل إطاحة الحكومة وصولا إلى إجراء انتخابات مبكرة. في ما يتعلق بالرؤية التي يتبناها رئيس الوزراء الإسرائيلي إزاء انتفاضة الشعب الفلسطيني التي كشفت عن عجز الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، كرر نتنياهو خلال الجلسة الحديث عن الانتفاضة الفلسطينية، باعتبارها امتداداً لما واجهه الاستيطان اليهودي في فلسطين منذ أكثر من 100 عام، مؤكدا أن إسرائيل ستنتصر في مواجهة الانتفاضة... كما «انتصرت» إسرائيل في المحطات السابقة.
ورفض الأسباب التي يجري التداول فيها حول ما حرك الشباب الفلسطينيين للانتفاض على واقع الاحتلال وإفرازاته، من قبيل الإحباط الذي نتج من الإخفاق في عملية التسوية، وسياسات الحكومة الإسرائيلية. ورأى أن ما يحرك «الإرهاب» هو معارضة أصل وجود إسرائيل كـ«دولة قومية للشعب اليهودي في حدودها الحالية»، إضافة إلى انتشار «الإسلام المتطرف الذي يضرب اليوم في نواحي العالم، باريس، ولندن ومدريد ومالي»، مشيرا إلى أنه ما من مستوطنات ولا مناطق محتلة، وإنما يوجد «هنا وهناك معارضة جذرية لأصل وجود كيانات ومجتمعات حرة مستقلة وديمقراطية».
نتنياهو لفت، في سياق متصل، إلى أنه سيشارك في «المؤتمر الدولي» في باريس، وسيلتقي خلاله مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، والرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، ومسؤولين من اليابان وكندا وأستراليا واخرين.
في سياق متصل، ذكر موقع القناة السابعة، التابعة للمستوطنين، أن وزير الزراعة، اوري اريئيل، وجه رسالة إلى رئيس حزبه (البيت اليهودي)، نفتالي بينيت، طلب فيها رسم خطوط حمر لنتنياهو من أجل البقاء في الحكومة. وتأتي هذه الرسالة، على خلفية التقارير التي تحدثت عن وجود نية لدى نتنياهو لتقديم مبادرات حسن نية إلى الفلسطينيين من أجل تهدئة الشارع الفلسطيني الذي يعبر عن غضبه بعمليات طعن ودهس للجنود والمستوطنين. ورأى هرئيل أن خطوات كهذه «تمثّل خطرا على حياة سكان إسرائيل، الذين نتحمل نحن وزراء الحكومة المسؤولية عن أمنهم».
وعرضت الخارجية الإسرائيلية صورا للمقر الذي سيشرف على عملية مراقبة شبكات التواصل الاجتماعي باللغة العربية، بفعل قناعة تبلورت لدى صناع القرار في تل أبيب حول دور هذه الشبكات في عمليات التحريض. وأوضحت الوزارة أن الطاقم المكلف بالهمة يتألف من 10 أشخاص مختصين بالعربية، وأن الأفضلية ستكون لجنود الوحدة 8200، في الجيش الإسرائيلي. وسيعمل المقر بالتنسيق مع مواقع وشركات عالمية، من أجل حذف كل ما يندرج ضمن إطار التحريض من كتابات أو فيديوهات قصيرة، فيما كانت نائبة وزير الخارجية الإسرائيلية، تسيبي حوطوبيلي، قد زارت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، والتقت هناك مسؤولين عن شركات «غوغل» و«يوتيوب» وغيرهما، في محاولة لزيادة التعاون معهم في الحملة التي تنوي إسرائيل شنها على الشبكة ومواقع التواصل الاجتماعي.
في سياق آخر (الأخبار)، أعلن نتنياهو أن حكومته لن تتراجع عن قرار حظر «الحركة الإسلامية» بقيادة رائد صلاح. وقال في مستهل جلسة الحكومة أمس، «أسمع أخيرا الأصوات التي تعلو من بعض الجماهير في البلاد ضد قرارنا بإخراج الشق الشمالي للحركة الإسلامية عن القانون»، واستدرك: «هذا لن يغير قرارنا بتاتا، إننا نتمسك بهذا القرار مثلما نتمسك بتمرير قانون المواطنة الذي سينظّم بشكل واضح لكون إسرائيل دولة يهودية وديموقراطية، أي الدولة القومية للشعب اليهودي».
ميدانياً، استشهد في وقت متأخر من مساء أمس، أيمن عباسي (17 عاماً) خلال مواجهات في حي رأس العامود في القدس المحتلة. وكان شهيد اخر قد سقط برصاص قوات العدو، صباح أمس، بعدما ادعى الجنود أنه طعن شرطيا إسرائيليا وأصابه بجراح خطيرة قرب المنطقة نفسها. وذكرت مصادر صحافية أن منفذ العملية هو الشهيد بسيم صلاح (38 عاما) من نابلس، شمالي الضفة. كذلك أعلنت شرطة العدو، بعد ساعات، إصابة امرأة بجروح طفيفة بسبب تعرضها لطعنات سكين قرب محطة حافلات غربي القدس، وتمكن مهاجمها من الفرار.