بعد إعلان الحكومة والمعارضة اليمنيتين توقيع اتفاق تطبيق المبادرة الخليجية اليوم، على خلفية موافقة الطرفين عليها، أعلن مصدر خليجي رفيع المستوى إرجاء التوقيع إلى الأسبوع المقبل، ما يشير إلى مماطلة سياسية قد لا تحسم الأزمة اليمنية في وقت قريب ما إن حسمت المعارضة اليمنية المتمثلة في «اللقاء المشترك» موقفها من المبادرة الخليجية لحل الأزمة في اليمن، معلنة موافقتها بعدما كانت قد رفضتها في صيغتها الثانية، وأُعلن التوقيع على اتفاق تطبيق المبادرة اليوم، حتى قال مصدر دبلوماسي خليجي رفيع المستوى إن وفدي المعارضة والحكومة طلبا تأجيل التوقيع إلى الأسبوع المقبل، من دون الكشف عن الأسباب، في وقت يبدو فيه مزاج الشارع مغايراً لموقف «اللقاء المشترك»، إذ جددت اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية الشعبية رفضها الثابت «للمبادرات التي لا تخدم إلا النظام الاستبدادي».
وأعلن المصدر الدبلوماسي الخليجي الرفيع المستوى أن «الوفد اليمني الذي كان من المقرر أن يصل إلى الرياض اليوم للتوقيع على المبادرة الخليجية طلب تأجيل حضوره إلى الرياض إلى الأسبوع المقبل». وكان الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم، سلطان البركاني، قد قال: «تلقّينا دعوة من السعودية للتوقيع في الرياض اليوم على مبادرة مجلس التعاون الخليجي»، فيما أكد مسؤول في المعارضة أن «وفداً يمثل اللقاء المشترك سيتجه إلى الرياض لتوقيع الاتفاق اليوم».
وفي السياق، نقلت يومية «أخبار اليوم» عن قيادات في «اللقاء المشترك»، لم تسمّها، قولها إنها توافق موافقة «كاملة على المبادرة الخليجية، من دون إبداء أي تحفظات تذكر، بما في ذلك قبولها بتأليف حكومة وحدة وطنية برئاسة المعارضة، ومشاركة الحزب الحاكم». وأضافت أن «هذا التطور في مواقف أحزاب اللقاء المشترك يأتي بعد تسلّم المعارضة ضمانات إقليمية ودولية تؤكد مسؤوليتها تجاه تنفيذ المبادرة الخليجية، وآليتها المقترحة من قبل الحزب الحاكم وصالح».
وقالت قيادات «اللقاء المشترك» إنها «تلقّت اتصالات هاتفية أجراها أمراء وملوك دول خليجية مع قيادات المشترك، تؤكد الالتزام بتنفيذ جميع بنود المبادرة وآليتها التنفيذية بدءاً من اللحظة الأولى للتوقيع».
وكان رئيس اللجنة التحضيرية للحوار الوطني، محمد باسندوة، قد توقع أن «يزور الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني صنعاء خلال أيام قليلة، لوضع اللمسات النهائية على اتفاق يقضي بتنحّي صالح بعد 30 يوماً من توقيع الاتفاق».
من جهتها، نقلت قناة «الجزيرة» عن مصادر لم تسمها قولها إن «هناك مشاورات بين المعارضة وشركائها وأطراف سياسية أخرى، بينها معارضة الخارج وسفراء أميركا والاتحاد الأوروبي ودول الخليج، بشأن تأليف حكومة الوحدة الوطنية».
في هذا الوقت، بعدما أعلن الحزب الحاكم و«اللقاء المشترك» موافقتهما على المبادرة، قالت الكتلة البرلمانية لحزب المؤتمر الشعبي العام، بعد لقائها صالح، إن «عهد الانقلابات ولّى، وستحتكم إلى الانتخابات للخروج من الأزمة التي تطالب صالح بالتنحّي عن السلطة». واتهمت الكتلة «اللقاء المشترك بعدم الاستجابة للجهود المبذولة من أجل الحوار»، مؤكدة «وقوفها إلى جانب الشرعية الدستورية ممثّلة بصالح، ورفض كل أشكال الانقلاب على الديموقراطية والشرعية الدستورية».
وجدّدت الكتلة تأييدها لمبادرة سبق أن تقدم بها صالح قبل شهرين «لتجنيب اليمن ويلات الفتنة والصراع، وتحقيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المنشودة للنهوض بالوطن». ونوّهت بأهمية «الدور الذي ينبغي أن يضطلع به البرلمان في التصدي للمخططات والدعوات الهدامة الهادفة إلى إثارة الفتنة وإشعال الحرائق ونشر الفوضى والتخريب والعنف في اليمن» .
في المقابل، بدا شباب الثورة مصرّين على الاستمرار في الاعتصامات حتى تنحّي صالح، حتى إن كثيرين أبدوا امتعاضهم من موافقة اللقاء المشترك على المبادرة. وجدّدت اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية الشعبية رفضها الثابت «للمبادرات التي لا تخدم إلا النظام الاستبدادي»، وأكدت في بيان «استمرارها في الثورة وإجراءاتها التصعيدية حتى تحقيق المطلب الرئيسي للثورة والمتمثّل في إسقاط نظام علي صالح ومحاكمته مع كافة أعوانه ورموزه». وقالت إنها «ترى القبول بالمبادرة الخليجية مخرجاً للنظام من حتمية نهايته التي صنعها صمود شباب الثورة الأحرار».
وأشارت اللجنة إلى أنها «تابعت ما تناقلته وسائل الإعلام عن موافقة المشترك على المبادرة الخليجية الأخيرة التي لا تلبّي الحدّ الأدنى من مطالبنا ومطالب الشعب اليمني المرابط في ساحات الحرية والتغيير». وأكدت أن مثل هذه الاتفاقات «لا تُلزم شباب الثورة بشيء».
من جهته، هدّد وزير المغتربين السابق، وعضو لجنة الحوار الوطني المعارضة، صالح سميع، بأن قادة سياسيين وعسكريين سيكونون في مقدمة الزاحفين نحو قصر صالح إذا لم يتنحّ عن الحكم. وقال إن «القيادات السياسية والعسكرية في الثورة وأحزاب المعارضة ستكون في مقدمة الصفوف، إذا ما تقرر الزحف إلى قصر الرئيس صالح»، مشيراً إلى أن مبادرة دول الخليج لإيجاد تسوية سياسية لا تعنيهم من قريب أو بعيد.
ودعا آلاف المحتجين المطالبين بتنحّي صالح إلى الزحف نحو قصر الأخير في الضاحية الجنوبية من العاصمة لإجباره على التنحّي عن حكم اليمن. ولم يحدّد المحتجّون الغاضبون موعداً للزحف باتجاه قصر صالح، مكتفين بترداد شعارات: «الشعب يريد الزحف إلى القصر، ويا أحزاب لا تمديد ثورتنا ثورة تصعيد، ونحن مستعدون للزحف إلى القصر الرئاسي».
وقال أحد الثوار من تكتّل «شباب ثورة الصمود»، خالد المداني، إن «مطلبنا الأساسي هو تنحّي صالح من دون قيد أو شرط، ولسنا معنيين بأي تسويات سياسية».
ميدانياً، قال شهود عيان ومصدر طبي إن قناصة اعتلوا أسطح مبان وأطلقوا النار وقتلوا أحد المتظاهرين اليمنيين المطالبين بالديموقراطية في مدينة تعز.
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز، الأخبار)