غزة| أعلنت مصادر أمنية ومحلية فلسطينية أن اثنين من المشتبه فيهم الرئيسيين في مقتل الناشط الإيطالي فيتوريو أريغوني قتلا مساء أمس، فيما أصيب ثالث خلال عملية حصار ودهم لمنزل تحصّنوا داخله في مخيم النصيرات، وسط قطاع غزة، نفذتها الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة المقالة التي تديرها حركة «حماس».وقالت وزارة الداخلية التابعة لحكومة «حماس» إن عبد الرحمن البريزات، وهو أردني الجنسية، ألقى قنبلة يدوية على رفيقيه، أدت إلى إصابتهما بجروح خطرة وطفيفة، ومن ثم أطلق النار على نفسه. وأكد مصدر أمني مقتل البريزات (22 عاماً) الملقب بمحمد حسان، ورفيقه بلال العمري.
وذكرت مصادر محلية أن المطلوبين رفضوا الاستجابة إلى دعوات الأجهزة الأمنية ومناشدات ذويهم الذين حضروا إلى المكان، في محاولة لإقناعهم بتسليم أنفسهم، فتبادلوا إطلاق النار مع الأجهزة الأمنية التي طوّقت المنزل، وأعلنت المنطقة التي يقع فيها «أمنية بالكامل»، وأخلت السكان ونشرت عناصر من القناصة على أسطح المنازل المحيطة. وأضافت أن «البريزات ألقى القنبلة على رفيقيه إثر اتخاذهما قراراً بتسليم نفسيهما، بعد نحو ثلاث ساعات من حصار المنزل، واستعداد الأجهزة الأمنية لاقتحامه».
وأعلنت وزارة الداخلية في بيان «انتهاء العملية بإلقاء البريزات قنبلة على رفيقيه، قبل أن يطلق النار على نفسه»، مضيفة أن «ثلاثة من عناصر الأجهزة الأمنية أصيبوا بجروح متوسطة خلال عملية حصار ودهم المنزل الذي تحصّن فيه المطلوبون الثلاثة». وقال مصدر أمني إن الأجهزة الأمنية اعتقلت ثلاثة من أعوان المطلوبين ينتمون إلى الجماعة السلفية المتشددة نفسها في مخيم النصيرات.
وكان البريزات ورفيقاه محمود السلفيتي وبلال العمري قد اختفوا مع اثنين آخرين اعتقلتهما الأجهزة الأمنية، عقب ارتكابهم جريمة خطف فيتوريو (36 عاماً) وقتله يوم الجمعة الماضي. وأعلنت في حينه جماعة سلفية متشددة تسمّي نفسها «سرية الصحابي الهمام محمد بن مسلمة» وتستلهم فكر تنظيم «القاعدة» مسؤوليتها عن خطف فيتوريو، وأمهلت حكومة «حماس» ثلاثين ساعة لإطلاق سراح المعتقلين السلفيين في سجونها، وأبرزهم أمير جماعة التوحيد والجهاد هشام السعيدني المعتقل منذ آذار الماضي، لكنها قتلت الرهينة بعد وقت قصير.
ودخل البريزات، الذي يعتقد على نطاق واسع في غزة أنه العقل المدبر لعملية خطف فيتوريو وقتله، القطاع قبل نحو عامين ضمن قافلة برية من قوافل كسر الحصار. وقالت علياء السواعدة، والدة عبد الرحمن البريزات، إنه اتصل بها قبل أسبوعين من غزة وأخبرها أنه «ينتظر الفرصة للعودة إلى الأردن»، مضيفة «عبد الرحمن اتصل بي قبل أسبوعين وطمأنني على نفسه وقال إنه ينتظر الفرصة للعودة إلى الأردن بعد أن تهدأ الأمور». وتابعت «لم أرَ ابني منذ سنتين، وعلمنا أنه في غزة قبل أقل من ثلاثة أشهر، حيث أبلغنا أنه يدرس في إحدى الجامعات هناك، ويعمل أيضاًً على سيارة تابعة لجمعية خيرية توزع المساعدات على أهل غزة».
وأشارت السواعدة إلى أن ابنها «ملتزم دينياً ومحافظ، لكن لا أدري إن كان له علاقة بالتوحيد والجهاد أو القاعدة أو أنه كان يخفي الحقيقة عني». وأضافت «كنت دائماً أحذّره من الانتساب إلى هذه الجماعات وأقول له إن هذه التنظيمات محظورة، إلا أنه كان يؤكد لي في كل مرة أنه لا ينتمي إلى أي تنظيم أو جماعة». وأكدت أن ابنها (من مواليد 1989، وكان طالب سنة ثانية حاسوب في جامعة الزرقاء الأهلية) «لا علاقة له بحركة حماس، حتى إنني لا أعرف كيف غادر إلى غزة».
إلى ذلك، ناشدت والدة فيتوريو أريغوني «حماس» عدم إعدام قتلة ابنها. وقالت في رسالة إلى الحركة: «أعلم أنّ في غزة تُطبّق عقوبة الإعدام. الأشخاص المفترضون في اغتيال فيتوريو، إذا ما عُدّوا مذنبين، فمن المؤكد أنهم سيقتلون. أنا ضد عقوبة الإعدام، كما كان فيتوريو. لطالما رأى الحياة قيمة عليا. لذلك ينبغي للذي سيحكم على مغتالي فيتوريو أن يعلم أنه لم يكن ليرغب في أن يحكم عليهم بالإعدام. لتتحق العدالة، وليدفع الجناة الثمن، لكن مع احترام كرامة الحياة البشرية».