خرقت بلدة البيضا القريبة من بانياس الهدوء الذي ساد المناطق السورية أمس، وأعلن نشطاء في مجال حقوق الإنسان أن «قوات الأمن دهمت البلدة، وسمع دوي إطلاق النار»، مضيفين أن «الشرطة السرية السورية وجنوداً يحيطون بالبلدة». وكان سكان في البيضا قد شاركوا في احتجاجات بانياس يوم السبت الماضي، وحملوا نعوشاً بيضاء خاوية تعاطفاً مع القتلى. وقال ناشط إن «بعض سكان البيضا يملكون أسلحة، وبدا أن مواجهة مسلحة نشبت»، مضيفاً «تحاول سيارات الإسعاف دخول البيضا. هناك مصابون».
وذكر شاهد من بانياس اتصل بأشخاص في البيضا أن «اتصالات الهواتف المحمولة قطعت»، مشيراً إلى أن «عربات مصفحة دخلت البيضا، وفتح جنود النار عشوائياً»، مضيفاً أن «شباناً يُجرّون من داخل منازلهم ويعتقلون».
شاهد آخر قال إن «القرية تتعرض لهجوم بالرشاشات عشوائياً على أيدي قوى الأمن والشبيحة»، موضحاً أن «الرصاص على البيضا مثل زخ المطر، لقد جرح شخص واحد على الأقل حتى الآن». ورجح ناشط حقوقي أن «يكون سبب الهجوم هو نية السلطات اعتقال أنس الشهري المتحدر من البيضا» ومعاونين له.
بدوره، قال المعارض السوري، هيثم المالح، إن «المهاجمين استخدموا البنادق في البيضا وبيت جناد»، مشيراً إلى إصابات، من دون تأكيد الأمر.
أما في بانياس، فأكد ناشط وشهود عيان أن الجيش شدّد حصاره حول المدينة، التي بدأت تشهد أزمة خبز بسبب انقطاع التيار الكهربائي الذي عطل عمل المخابز. وقال أنس الشهري إن «قوات الأمن والجيش يحاصران المدينة. هناك تضييق غير طبيعي للحصار ونحن لا ندري ماذا يُعدّون لنا». وأشار إلى «نقص في مادة الخبز وانقطاع التيار الكهربائي، وانقطاع الاتصالات الهاتفية في أغلب الأحيان».
بدوره، قال شاهد عيان يدعى عبد الباسط، إن «الوضع صعب للغاية. لقد انسحب الجيش من داخل المدينة ليتمركز عند المخارج، ونفّذت قوات الأمن وشبيحة النظام عدة اعتقالات». وأضاف أن «المدينة تبدو ميتة، والمحال التجارية مغلقة». وقال إن «من قتل عناصر الجيش هم عناصر الأمن لأنهم رفضوا تنفيذ أوامر الهجوم على المدينة». فيما لفت إلى أن «محطات الوقود أيضاً مغلقة».
في المقابل، أعلنت وكالة أنباء «سانا» أن محافظتي اللاذقية وطرطوس «شيعتا الشهيدين المقدمين وهيب عيسى وياسر قشعور اللذين سقطا على طريق عام اللاذقية ـــــ طرطوس في منطقة بانياس».
في هذا الوقت، أعلن رئيس المركز السوري للدفاع عن حرية الرأي، خليل معتوق، أن الأجهزة الأمنية السورية اعتقلت الأمين العام الأول لحزب الشعب الديموقراطي السوري غياث عيون السود.
بدورها، أعلنت جماعة إعلان دمشق أن «عدد قتلى الاحتجاجات التي بدأت قبل أقل من شهر وصل إلى 200»، داعية جامعة الدول العربية إلى فرض عقوبات على النظام الحاكم. وقالت في رسالة وجّهتها إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى إن «انتفاضة سوريا تصرخ لسقوط 200 شهيد ومئات المصابين وعدد مماثل من الاعتقالات»، وطالبتها «بفرض عقوبات سياسية ودبلوماسية واقتصادية على النظام السوري، الذي وصفته بأنه لا يزال الحارس الأمين لإرث الرئيس الراحل حافظ الأسد».
وفي السياق، دانت ست منظمات حقوقية سورية «بأقوى العبارات الاعتداء الآثم»، الذي استهدف وحدة من الجيش قرب بانياس الأحد الماضي، وطالبت السلطات السورية بالكشف عن هوية الفاعلين، وتقديمهم إلى القضاء والعمل على وقف دوامة العنف في المدن السورية.
أما منظمة «هيومان رايتس ووتش» المعنيّة بحقوق الإنسان، فأعلنت أن قوات الأمن السورية حالت دون وصول المتظاهرين إلى المستشفيات، ومنعت فرقاً طبية من علاجهم في بلدتين خلال تظاهرات يوم الجمعة الماضي. وأوضحت أن «27 شخصاً قتلوا في مدينة درعا الجنوبية، بينما قتل شخص في ضاحية دوما الجمعة الماضي». وقالت مديرة المنظمة، سارة ليا وتسون، إن «حرمان جرحى من تلقي العلاج الطبي الذي يمكن أن يكون منقذاً للحياة أمر غير إنساني وغير قانوني»، مضيفة أن «قادة سوريا يتحدثون عن الإصلاح السياسي، لكنهم يلبّون مطالب شعوبهم المشروعة في الإصلاح بالرصاص».
وكان ناشطون سوريون قد وجهوا على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» دعوة إلى التظاهر وفاءً «لدماء الشهداء والجرحى والمعتقلين» الذين سقطوا في المواجهات مع قوات الأمن خلال الأسابيع الماضية. ودعوا على صفحة «الثورة السورية ضد بشار الأسد»، التي جمعت أكثر من 111 ألف مؤيد، إلى المشاركة في ما أطلقوا عليه «ثلاثاء الوفاء».
وفي ردود الفعل الدولية، دان البيت الأبيض القمع «المشين» للتظاهرات، وجدّد دعوته الأسد إلى احترام «حقوق السوريين». وقال المتحدث باسم الرئيس باراك أوباما، جاي كارني، «نحن قلقون جداً من معلومات مفادها أن جرحى سوريين أصيبوا على أيدي حكومتهم لا يحصلون على العلاج»، مضيفاً أنّ «تصعيد الحكومة للقمع مثير للاشمئزاز، والولايات المتحدة تدين بشدة محاولات قمع المتظاهرين المسالمين». وتابع «على الأسد والحكومة احترام حقوق السوريين الذين يطالبون بأبسط الحريات التي حرموا منها».
وكانت وزارة الخارجية البريطانية قد نصحت مواطنيها بتفادي سفر «غير ضروري» إلى سوريا، نظراً إلى تدهور الوضع الأمني في هذا البلد. وقالت في بيان «نوصي المواطنين البريطانيين في سوريا بتوخّي الحذر والبقاء على درجة عالية من التيقظ».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، أ ب)



طهران: حركة مصطنعة في سوريا


اتّهمت الخارجيّة الإيرانية الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين بالسعي لخلق «حركة مصطنعة» في سوريا، ودعت الاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية الأخرى إلى وقف دعمها لمنظمة «مجاهدي خلق» الإيرانية المعارضة. ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن الناطق باسم الوزارة، رامين مهمانبرست، قوله إن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين يسعون إلى خلق «حركة مصطنعة» هناك. وأضاف «نعتقد أن آراء الأقلية يجب أن تؤخذ في الحسبان، لكن إن كانت تفرض هذه الآراء على الغالبية من خلال الضغط السياسي والتضخيم الإعلامي، فإن ذلك لن يكون ديموقراطية. إن فرض إرادة الأقلية على الغالبية هو كالديكتاتورية». وأوضح مهمانبرست أن «على الشعب ألّا يقع في شرك المؤامرات التي حاكتها الولايات المتحدة». وفي ما يتعلق بقمع المتظاهرين، قال إن «موقفنا هو أنه يجب عدم استخدام العنف ضد الشعب». وتحدث مهمانبرست عمّا سمّاه قرار الحكومة العراقية طرد أعضاء منظمة «مجاهدي خلق» من معسكر أشرف في محافظة ديالي، الذين نظّموا احتجاجات على القوات العراقية أخيراً. وقال إن هذه الزمرة، إضافة إلى الجرائم التي ارتكبتها داخل إيران، اقترفت جرائم بحق الشعب العراقي أثارت استياءه. وأوضح أن الحكومة العراقية اتخذت هذا القرار على أساس دستورها وأحكامها القضائية والأسس الحقوقية.
(يو بي آي)