واشنطن | خُصِّص جزء كبير من البرقيات الدبلوماسية الأميركية المنشورة أخيراً على موقع «ويكيليكس»، للأزمات الفلسطينية، من غزة إلى الضفة، مروراً بكل ما يمتّ إلى هذه القضية المركزية بصلة، من فضائية «الجزيرة» القطرية، إلى مصير النظام السوري.
وتتحدث إحدى الوثائق عن لقاء عُقد بين مندوبين أميركيين ومسؤولين إسرائيليين، قالوا خلاله «إن السياسة الاقتصادية الإسرائيلية في غزة تقضي بأن يكون مستوى الوضع الاقتصادي في غزة أعلى بقليل من الأزمة الاقتصادية والإنسانية الموجودة في القطاع». وتنقل برقيّة عن الرئيس السابق لجهاز «الشاباك»، يوفال ديسكين، تأكيده لمندوبين أميركيين، أنه يتزايد الشعور لدى المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل بأنهم منعزلون عن الدولة، ويميلون إلى وصف أنفسهم كعرب وأحياناً كمسلمين، بدلاً من إسرائيليين.
ويهاجم ديسكين الأعضاء العرب في الكنيست بشدة، على اعتبار أنهم في حالة «غزل» مع «دول معادية»، وأنهم «لا ينشرون الأفكار والقيم الديموقراطية الإسرائيلية، ويستغلون حصانتهم الدبلوماسية». وأشار إلى أنّ «معظم المشاكل في إسرائيل أثارها اللاجئون الفلسطينيون الذين سُمح بعودتهم إلى إسرائيل، حيث أحضروا معهم أفكاراً سيئة». حتى إنّ ديكسين ينتقد، في برقية أخرى، الشرطة الإسرائيلية بشدة «بسبب عجزها في قضية عضو الكنيست العربي عزمي بشارة»، لافتاً إلى أن أجهزة الأمن الإسرائيلية تشتبه في أن بشارة تخابر مع حزب الله خلال حرب تموز 2006.
وتحدّث ديسكين، في منتصف عام 2008، عن أن عملية عسكرية برية في قطاع غزة هي أمر لا يمكن منعه، وهو ما حدث فعلاً في نهاية العام نفسه. في المقابل، أوضح قائد الجبهة الجنوبية للجيش الإسرائيلي في حينه، الجنرال يوآف غالانت، في نهاية عام 2009، بعد عام من الحرب على غزة، أن حكومته لم تتخذ قرارات بشأن مستقبل غزة، وأنه يجب تقوية حركة «حماس» للتمكن من منع إطلاق صواريخ على إسرائيل، وفي الوقت نفسه إضعاف الحركة من دون إعادة احتلال القطاع.
وفي 11 تشرين الثاني 2009، بعث السفير الأميركي في تل أبيب برقية إلى واشنطن، جاء فيها أنّ الإسرائيليين يتمتعون بالوضع الأمني الأفضل منذ بداية الانتفاضة الثانية، «وذلك نتيجة لنجاح الاستخبارات الإسرائيلية في هزم الشبكات الإرهابية للانتحاريين في الضفة الغربية».
وتدل وثائق أخرى على أن السفارة الأميركية في تل أبيب تقيم علاقات وثيقة ودائمة مع «حركة السلام الآن» المناهضة للاحتلال والاستيطان. ويظهر من الوثائق أنّ سكرتير «السلام الآن»، ياريف أوبنهايمر، حاول تجنيد الأميركيين لممارسة ضغوط على إسرائيل بشأن تطبيق قرارات اتخذتها دولة الاحتلال في منتصف عام 2009، في ما يتعلق بإخلاء بؤر استيطانية عشوائية.
وإحدى الوثائق المثيرة، أرسلها السفير الأميركي السابق في تل أبيب، ريتشارد جونز، إلى واشنطن، وتحدث فيها عن لقاء عقده مع وزير الخارجية الإسرائيلية أفيغدور ليبرمان في مكتب الأخير في الكنيست في تشرين الأول 2006، وذلك قبل يوم واحد من انضمام ليبرمان إلى حكومة ايهود أولمرت. ونقل جونز في البرقية ما سمعه من ليبرمان، وخصوصاً وصف الأخير للرئيس الفلسطيني محمود عباس بأنه «ضعيف وفاسد وليس ذا صلة بالواقع». وفي الوثيقة، اقترح ليبرمان أن تجد الولايات المتحدة وإسرائيل شريكاً ملائماً أكثر، ليتولّى رئاسة السلطة الفلسطينية، واقترح اسم محمد رشيد (خالد سلام)، الذي عمل مستشاراً مالياً للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.
وأوضحت صحيفة «هآرتس» دوافع ليبرمان إلى طرح اسم رشيد، على قاعدة أنّ الأخير أقام علاقات تجارية، وربما لا يزال يقيم هذه العلاقات حتى اليوم، مع المليونير النمساوي مارتين شلاف، المقرب جداً من ليبرمان.

قطر والجزيرة

ونسبت وثيقة أخرى إلى رئيس جهاز «الموساد» مئير داغان قوله إنّ قطر تمثّل مشكلة، إذ إن (أمير قطر) الشيخ حمد يثير غضب الجميع. وقال داغان ساخراً «إنّ فضائية الجزيرة ستكون السبب للحرب المقبلة في المنطقة»، كاشفاً أنّ دولاً عربية، وخصوصاً السعودية، تبذل جهوداً من أجل إغلاق «الجزيرة».
وتبيّن وثائق أخرى أن مسؤولين إسرائيليين توقّعوا ألا يستمر الرئيس بشار الأسد في الحكم في حال نشوب حرب مع إسرائيل. وكشفت برقية مصدرها السفارة الأميركية في تل أبيب، أن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، اللواء عاموس يدلين، قال خلال لقاء مع السفير الأميركي جيمس كانينغهام، في 13 حزيران 2007، إنّ تقديراته تفيد أنّ نظام الأسد «لن يصمد في حرب أمام إسرائيل وسيسقط». وأضاف يدلين، في اللقاء نفسه، إنّ غزة تحتل المرتبة الرابعة من ناحية التهديدات على إسرائيل، لافتاً إلى أن المراتب التي تسبقها هي إيران وسوريا وحزب الله.