خفتت حركة الاحتجاجات في السعودية، من دون إعلان أيّ إصلاحات سياسية تُذكر، لكن فيما تستعد المملكة لتنظيم انتخابات المجالس البلدية في جميع المناطق في 22 أيلول المقبل، بحسب الموقع الرسمي الخاص بالانتخابات، ظهرت إلى العلن بعض التساؤلات عن جدوى هذه الانتخابات، التي يشعر المواطنون بغياب أي دور لهم فيها. وما زاد الطين بلّة هو منع المرأة من المشاركة، كأن هذا القرار يضرب بأيّ نية للإصلاح عرض الحائط. الموقع أعلن أن الاقتراع حُدّد في 22 أيلول المقبل، على أن يُبدأ «بتحديث قيود» الناخبين في 23 نيسان المقبل. وكان قد حصل لغط بشأن تاريخ الانتخابات بعد إعلان رئيس اللجنة العامة للانتخابات، عبد الرحمن الدهمش، أن «انتخابات المجالس البلدية في كافة مناطق المملكة ستنطلق أولى مراحلها في 23 نيسان، ففهم بأن الاقتراع سيجري في هذا التاريخ».
الانتخابات البلدية الأولى نظّمت عام 2005. وعام 2009، أرجأت السعودية الانتخابات الثانية ومددت عمل المجالس البلدية عامين إضافيّين. يختار الشعب نصف الأعضاء الـ 178 في المجالس البلدية في عموم البلاد، بينما تعين السلطات النصف الباقي. وفي المقابل، لا تملك السعودية أي هيئة برلمانية منتخبة، ويعيّن الملك أعضاء مجلس الشورى، الذي لا يملك صلاحيات تشريعية أو رقابية.
في المقابل، دعت جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية المواطنين إلى مقاطعة الانتخابات، لعدم بلوغها أدنى درجات التطلعات السياسية للمواطنين، بسبب رفض وزارة الشؤون البلدية مشاركة المواطنات من دون تقديم مبررات منطقية. فاللجنة اكتفت بالقول: «لسنا مستعدين لمشاركة المرأة في الانتخابات البلدية الحالية». ورأت الجمعية أن ذلك يهدف إلى إقصائهن عن هذا الحق المشروع في الشرع والنظام، مشيرةً إلى شكوك في أن الدولة ترفض مشاركة المرأة في الترشح كـ «رشوة» للتيار الديني المحافظ، الذي يصادر حقوق المرأة الشرعية، مستنداً إلى «خطاب ديني محرّف»، لخدمة الاستبداد والتخلف، فيكون عوناً لها على استمرار صيغة السلطة العشائرية.
ورأت الجمعية أنه في ظل عدم وجود مجلس نيابي منتخب، تكون الانتخابات البلدية بمثابة «حيلة» سياسية مفضوحة لخداع المواطنين، والقول لهم إنهم مشاركون في صناعة القرار. وتابعت إن المجالس البلدية ليس لديها سلطة تمكّنها من تنفيذ تطلعات الناخبين؛ فرغم انتخاب نصف أعضاء المجالس البلدية من جانب المواطنين في الدورة السابقة، لم يستطيعوا التحكم في قرارات «أمانات» دوائرهم الانتخابية، ولم يتمكنوا من كبح جماح الفساد المستشري.
وختمت بأن النظام العشائري السعودي فوّت فرصة ذهبية أخرى لوضع إصلاحات سياسية حقيقية وملموسة، إذ كان الناس يتطلعون إلى الحريات العامة، ودستور مكتوب يحفظ حقوق المواطنين السياسية والمدنية، وبرلمان منتخب، وقانون يسمح بإنشاء الجمعيات الأهلية.
منطقة العوامية شهدت تظاهرة خجولة يوم الجمعة الماضي، وسط عمل السلطات على احتوائها من خلال تكثيف اجتماعاتها مع الأعيان ومشايخ القبائل. وأشارت مصادر إلى وجود دعوات مماثلة اليوم، فهل يقرر السعوديون الاستفادة من الشارع وتحقيق الحد الأدنى من مطالبهم بالمشاركة السياسية، وعدم حصر القرارات بالملك؟
(أ ف ب، الأخبار)