مرّ تشييع الضحايا الثمانية الذين سقطوا يوم الجمعة في ضاحية دمشق، دوما، من دون تسجيل أي احتكاك بين المواطنين ورجال الأمن، بينما سُجِّلت مجموعة من الاعتقالات بحق مواطنين ومعارضين، في مقابل الإفراج عن آخرين، كل ذلك وسط استمرار توافد زيارات أصدقاء سوريا لنقل الرسائل، من تركيا وقطر خصوصاً. ومن المنتظر أن يكون الأسبوع الجاري حافلاً بالتحركات الشعبية، إذ أعلنت مجموعات ناشطة على الإنترنت نيتها تنظيم مجموعة من النشاطات الاحتجاجية بدءاً من يوم غد.ونقل شهود أن آلاف السوريين شاركوا في تشييع ثمانية من ضحايا دوما، أمس، وردّدوا هتافات تطالب بالحرية وأخرى تقول إن الخائن هو من يقتل شعبه. ولم تقترب قوات الأمن من المشيعين، الذين رفضوا الرواية الرسمية التي تفيد بأن «عصابات مسلحة» هي المسؤولة عن العنف الذي شهدته دوما.
ويؤكد أهالي دوما أنه «دُفن يوم أمس ثمانية قتلى، ولا يزال هناك ثلاث جثث، يتحدر اثنان من أصحابها من بلدة عربين، وآخر من السبينة المجاورتين لدوما». وأجمع أهل هذه الضحايا على أنه «لم يكن هناك وجود ظاهر لأي قوات أمنية في المدينة»، علماً بأن قسماً كبيراً من المتظاهرين توجّهوا بعد الجنازة، إلى ساحة البلدية، حيث بدأوا اعتصاماً.
غير أنّ المتحدثة باسم المنظمة السورية لحقوق الإنسان «سواسية»، منتهى الأطرش، أكّدت أنّ قوات الأمن، التي اختفت من دوما، «أقامت حواجز عند مداخل المدينة، ومنعت البعض من الدخول إليها، مثل الناشط الحقوقي هيثم المالح».
وفي السياق، شيعت مدينة انخل المجاورة لدرعا، يوم السبت، أحد شباب المدينة البالغ من العمر عشرين عاماً، وهو من قتلى يوم الجمعة أيضاً أثناء تظاهرة نُظّمت في مدينة الصنمين.
في هذا الوقت، كشف مواطن سوري من سكان درعا أنّ السلطات السورية أفرجت مساء السبت عن تسعين شخصاً كانوا قد اعتُقلوا خلال تظاهرات الجمعة. وأوضح أنّ 15 شخصاً لا يزالون مفقودين منذ تظاهرة الجمعة، بينما أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان، من لندن، إلى أن قوات الأمن السورية «اعتقلت يوم الأحد 17 شخصاً في منطقة دير الزور»،. وبحسب مصادر حقوقية، فإنّ حملة الاعتقالات تركّزت على دوما وحمص ودرعا.
ولفت أحد الحقوقيين إلى أن «أكثر من 50 محامياً تجمعوا الأحد أمام مقر نقابة المحامين في درعا للمطالبة بالإفراج عن محاميَين» لا يزالان معتقلَين. في المقابل، قرّر القضاء الإفراج بكفالة عن الناشطة في مجال حقوق الإنسان سهير الأتاسي، التي اعتُقلت على خلفية المشاركة في اعتصام أهالي المعتقلين أمام وزارة الداخلية في دمشق في 16 آذار الماضي، إضافةً إلى الإفراج عن موقوفين آخرين.
وفي دمشق، تعطلت شبكة الإنترنت لمدة ست ساعات قبل أن تعود إلى الخدمة، إلا أن الاتصال بالهواتف النقالة ظلّ شبه مستحيل، أمس، فيما ظلّت الخطوط الأرضية تعمل على نحو طبيعي.
من جهة ثانية، دعت صفحة «الثورة السورية 2011» المعارضة، على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك»، إلى التظاهر غداً الثلاثاء، وإلى مقاطعة شركات الخلوي الأربعاء، بسبب الحملة الدعائية التي تقوم بها هذه الشركات لمصلحة النظام، وإلى التظاهر أمام مقارّ حزب البعث يوم الخميس، في ذكرى تأسيس الحزب الحاكم.
سياسياً، تعهّد رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان الضغط على الرئيس بشار الأسد لتهدئة الاضطرابات من خلال إجراء إصلاحات، وذلك حين يتحدّث إليه اليوم. وقال أردوغان، للصحافيين المرافقين له أثناء عودته من لندن، «إلى جانب تغيير الحكومة، كانت ثمة توقعات بإلغاء (العمل) بقانون الطوارئ، والإفراج عن السجناء السياسيين و(إعداد) دستور جديد». وتابع أردوغان: «إذا لم تتحقّق هذه التوقّعات، فسنقول ذلك للسيد الأسد يوم الاثنين». كذلك أعلنت وزارة الخارجية التركية أن أنقرة لن تسمح «بأي مبادرة يمكن أن تضر بالرغبة في إجراء إصلاحات في سوريا، ومن شأنها إلحاق أيّ أذى باستقرار هذا البلد»، وذلك تعليقاً على تصريحات لمسؤول في جماعة الإخوان المسلمين السورية، رياض الشقفة، ضد النظام السوري، من إسطنبول يوم الجمعة. وأعرب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عن وقوف حكومته إلى جانب سوريا «في وجه ما تتعرض له من مؤامرات تستهدف الاستقرار فيها»، وذلك في رسالة تسلمها الأسد خلال استقباله النائب في البرلمان العراقي، الشيخ عبد الرحيم الزهيري. رسالة دعم أخرى تلقاها الأسد من أمير قطر، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، نقلها إليه رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، تضمنت، «وقوف قطر إلى جانب سوريا في وجه ما تتعرض له من محاولات لزعزعة أمنها واستقرارها ودعمها الكامل للجهود، التي تقوم بها القيادة السورية من أجل إفشال هذه المحاولات».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)