القاهرة | لم يشفع للمجلس العسكري المصري قرار جهاز الكسب غير المشروع أول من أمس، منع رئيس مجلس الشورى المنحلّ، صفوت الشريف، ورئيس البرلمان المنحلّ، فتحي سرور، ورئيس ديوان رئيس الجمهورية، زكريا عزمي، من السفر والكشف عن حساباتهم في جميع المصارف المصرية، بعد ورود تقاير تؤكّد تضخم ثرواتهم بنحو غير مشروع.كذلك لم ينفع قرار استدعاء الثلاثة للتحقيق معهم وسؤالهم عن مصادر ثرواتهم، فتوافد مئات الآلاف إلى ميدان التحرير أمس للمشاركة في جمعة «إنقاذ الثورة»، والتأكيد أنّ الطريق لا يزال طويلاً لأنّ المطالب التي ثار من أجلها المصريون لا تزال قائمة.
الثوار فهموا رسالة المجلس، وعلى الفور ردّوا عليها في الميدان من خلال المطالبة بوضع جدول زمني واضح لمحاكمة الرئيس المخلوع حسني مبارك، والشريف وزكريا عزمي، وجدول زمني آخر يوضح فيه المجلس متى سيقيل المحافظين وأعضاء المجالس المحلية، وكذلك تأليف مجلس رئاسي يحكم مصر مدنياً، والتحقيق في وقائع التعذيب التي ارتكبتها الشرطة العسكرية في عدد كبير من المتظاهرين والتحرك الفوري لاستعادة الأموال المنهوبة.
اللافت في تظاهرة أمس كان غياب أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، وكذلك الجماعة السلفية، فيما ملأت لافتات الأحزاب الجديدة الميدان، مثل حزب «التحالف الشعبي الاشتراكي» و«الحزب المصري الديموقراطي». وانخرط مؤسسو هذه الأحزاب مع الناس للتعريف بأهداف أحزابهم. كذلك انضمّ المستشار هشام البسطويسي، الذي أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة الى المتظاهرين في الميدان، مشيراً إلى أنه أتى اليوم للمشاركة في جمعة الإنقاذ مثل أي مصري يخشى على الثورة ويريد تحقيق مطالبها، فيما غاب محمد البرادعي وعمرو موسى المرشحان الآخران لخوض الانتخابات الرئاسية.
«الثورة لم تنته»، هذا ما أكّده إمام مسجد عمر مكرم، مظهر شاهين، في خطبة الجمعة بميدان التحرير، رافضاً المصالحة التي عرضها نائب رئيس الوزراء يحيى الجمل، والتي سمحت بوجود ممثلين عن الحزب الوطني في أولى جلسات الحوار الوطني، موضحاً أن «الثوار أسقطوا شرعية هذا الحزب بوصفه المسؤول الأول عن الفساد الذي وقع في مصر خلال الثلاثين عاماً الماضية».
وهدّد الشيخ شاهين بأنّ رد الثوار سيكون عنيفاً في حال عدم الاستجابة إلى مطالبهم، وأنّ الأمر قد يصل إلى «تنظيم تظاهرة مليونية جديدة للمطالبة بإقالة حكومة (عصام) شرف»، التي فاجأت الثوار بالاعتراف بالحزب الوطني ومحاولة إعادته إلى الحياة السياسية من جديد.
وأضاف شاهين أن كثيراً من المصريين بدأ يراودهم الشك في استرداد الأموال المنهوبة، مطالباً بسرعه اتخاذ الإجراءات القانونية لاسترداد الأموال من المصارف الأجنبية، لكي تكتمل «ثورة 25 يناير» وتحقّق أهدافها.
من جانبه، قال رئيس نادي القضاة السابق، المستشار زكريا عبد العزيز، أثناء مشاركته في جمعة إنقاذ الثورة، إن عدم تنفيذ مطالب الثورة خلال هذا الأسبوع يعني أن الجمعة المقبل سيكون بداية اعتصام مفتوح مرة أخرى للثوار.
وأشار عبد العزير الى أن تونس حلّت الحزب الحاكم و«يجب أن يتخذ هذا الإجراء في مصر»، وعلى الفور، تجاوب الآلاف في الميدان مع هذا الطلب، مردّدين هتاف «ها نحله... ها نحله»، وأضاف الى قائمة المطالب التي لم تنفذ حتى الآن، تطهير الإعلام وإقالة كافة قيادات «ماسبيرو» (التلفزيون) الذين شاركوا في تشويه الثورة والثوار.
وقد ردد المتظاهرون هتافات مثل «يا مشير ياعنان... لسه الثورة في الميدان»، «يا مشير يا عنان... حاكموا حسني وسوزان». وشارك مئات من الإعلاميين والعاملين باتحاد الإذاعة والتلفزيون بعد صلاة الجمعة في التظاهرة المليونية، ونظّموا مسيرة انطلقت من أمام مبنى الاتحاد بماسبيرو نحو ميدان التحرير.
ودعا الإعلاميون المعتصمون منذ عدة أسابيع إلى المطالبة بتغيير قيادات الإذاعة والتلفزيون و«تطهير الإعلام المصري» وتغيير رسالته لتواكب المرحلة التي تعيشها مصر بعد ثورة 25 يناير، مرددين «الشعب يريد تطهير الإعلام».
وأكّد المعتصمون استمرار اعتصامهم حتى التخلّص من كافة القيادات التي شاركت في تضليل الرأي العام أثناء الثورة، فيما يقرّ بعض إعلاميي ماسبيرو بأنهم قد رفعوا سقف مطالبهم، ويدعون إلى تخصيص محطة إذاعية وقناة تلفزيونية باسم «الثورة».
وفي المحافظات، خرج المئات من محافظتي السويس والإسماعيلية عقب صلاة الجمعة في تظاهرات للمطالبة بمحاكمة الرئيس المخلوع، وسرعة محاكمة جميع الفاسدين في النظام السابق، وذلك استجابة للدعوة التي أطلقت إلى التظاهر في جمعة الحفاظ على مكتسبات الثورة.